responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 177
[فَصْل بُذِلَ لَهُ مَاءٌ لِطَهَارَتِهِ]
(341) فَصْلٌ: وَإِنْ بُذِلَ لَهُ مَاءٌ لِطَهَارَتِهِ، لَزِمَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَلَا مِنَّةَ فِي ذَلِكَ فِي الْعَادَةِ. وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ إلَّا بِثَمَنٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَبُذِلَ لَهُ الثَّمَنُ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْمِنَّةَ تَلْحَقُ بِهِ. وَإِنْ وَجَدَهُ يُبَاعُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فِي مَوْضِعِهِ، أَوْ زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ، يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، مَعَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ، لِقُوتِهِ وَمُؤْنَةِ سَفَرِهِ، لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ. وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً تُجْحِفُ بِمَالِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا. وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً، لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيمَنْ بُذِلَ لَهُ مَاءٌ بِدِينَارٍ، وَمَعَهُ مِائَةٌ. فَيَحْتَمِلُ إذَنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ بِدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] .
وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهَا، كَمَا لَوْ خَافَ لِصًّا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ وَلَا كَثِيرَةٍ لِذَلِكَ. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6] . وَهَذَا وَاجِدٌ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى ثَمَنِ الْعَيْنِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْعَيْنِ، فِي الْمَنْعِ مِنْ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَدَلِ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ بِيعَتْ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، وَكَالرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ؛ وَلِأَنَّ ضَرَرَ الْمَالِ دُونَ ضَرَرِ النَّفْسِ، وَقَدْ قَالُوا فِي الْمَرِيضِ: يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ مَا لَمْ يَخَفْ التَّلَفَ. فَتَحَمُّلُ الضَّرَرِ الْيَسِيرِ فِي الْمَالِ أَحْرَى. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ثَمَنُهُ، فَبُذِلَ لَهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ يَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهِ فِي بَلَدِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ بِمَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَرُبَّمَا يَتْلَفُ مَالُهُ قَبْلَ أَدَائِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ مَا يُؤَدِّي ثَمَنَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا. وَإِنْ لَمْ يَبْذُلْهُ لَهُ، وَكَانَ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ مُكَاثَرَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَهُ بَدَلٌ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ، بِخِلَافِ الطَّعَامِ فِي الْمَجَاعَةِ.

[فَصْل كَانَ مَعَهُ مَاءٌ فَأَرَاقَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَدِمَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ]
(342) فَصْلٌ: إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ، فَأَرَاقَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ مَرَّ بِمَاءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَتَجَاوَزَهُ، وَعَدِمَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ. وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، كَقَوْلِنَا، وَإِلَّا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ.

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست