responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 176
الْفُسَّاقِ، تَخَافُ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُمْ، فَهِيَ عَادِمَتُهُ. وَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: تَتَيَمَّمُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا، وَجْهًا وَاحِدًا، بَلْ لَا يَحِلُّ لَهَا الْمُضِيُّ إلَى الْمَاءِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلزِّنَا، وَهَتْكِ نَفْسِهَا وَعِرْضِهَا، وَتَنْكِيسِ رُءُوسِ أَهْلِهَا، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى قَتْلِهَا، وَقَدْ أُبِيحَ لَهَا التَّيَمُّمُ حِفْظًا لِلْقَلِيلِ مِنْ مَالِهَا، الْمُبَاحِ لَهَا بَذْلُهُ، وَحِفْظًا لِنَفْسِهَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ تَبَاطُؤِ بُرْءٍ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَمَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ عِنْدَ رَحْلِهِ، فَخَافَ إنْ ذَهَبَ إلَى الْمَاءِ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْ رَحْلِهِ، أَوْ شَرَدَتْ دَابَّتُهُ، أَوْ سُرِقَتْ، أَوْ خَافَ عَلَى أَهْلِهِ لِصًّا، أَوْ سَبُعًا، خَوْفًا شَدِيدًا، فَهُوَ كَالْعَادِمِ.
وَمَنْ كَانَ خَوْفُهُ جُبْنًا، لَا عَنْ سَبَبٍ يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ، لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فِي رَجُلٍ يَخَافُ بِاللَّيْلِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ يُخَافُ مِنْهُ، قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَوَضَّأَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُبَاحَ لَهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَيُعِيدُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَائِفِ لِسَبَبٍ. وَمَنْ كَانَ خَوْفُهُ لِسَبَبٍ ظَنَّهُ، فَتَبَيَّنَ عَدَمُ السَّبَبِ، مِثْلُ مَنْ رَأَى سَوَادًا بِاللَّيْلِ ظَنَّهُ عَدُوًّا، فَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ، أَوْ رَأَى كَلْبًا فَظَنَّهُ أَسَدًا أَوْ نَمِرًا، فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا؛ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، فَخَرَجَ عَنْ عُهْدَتِهِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، فَأَشْبَهَ مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ، وَتَيَمَّمَ.

[فَصْل كَانَ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ]
(339) فَصْلٌ: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحَرَكَةِ، وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ، فَهُوَ كَالْعَادِمِ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْمَاءِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَجَدَ بِئْرًا لَيْسَ لَهُ مَا يَسْتَقِي بِهِ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يُنَاوِلُهُ الْمَاءَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَهُوَ كَالْوَاجِدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَجِدُ مَا يَسْتَقِي بِهِ فِي الْوَقْتِ. وَإِنْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ مَجِيئِهِ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَهُ التَّيَمُّمُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ فِي الْوَقْتِ، فَأَشْبَهَ الْعَادِمَ مُطْلَقًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْتَظِرَ مَجِيءَ مَنْ يُنَاوِلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَاضِرٌ يَنْتَظِرُ حُصُولَ الْمَاءِ قَرِيبًا، فَأَشْبَهَ الْمُشْتَغِلَ بِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَتَحْصِيلِهِ.

[فَصْل وَجَدَ بِئْرًا وَقَدَرَ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَائِهَا]
(340) فَصْلٌ: إذَا وَجَدَ بِئْرًا، وَقَدَرَ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَائِهَا بِالنُّزُولِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، أَوْ الِاغْتِرَافِ بِدَلْوٍ أَوْ ثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ. لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِ كَالِاشْتِغَالِ بِالْوُضُوءِ. وَحُكْمُ مَنْ فِي السَّفِينَةِ فِي الْمَاءِ كَحُكْمِ وَاجِدِ الْبِئْرِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُصُولُ إلَى مَائِهَا إلَّا بِمَشَقَّةٍ، أَوْ تَغْرِيرٍ بِالنَّفْسِ، فَهُوَ كَالْعَادِمِ. وَهَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ. وَمَنْ كَانَ الْمَاءُ قَرِيبًا مِنْهُ، يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُهُ، إلَّا أَنَّهُ يَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ، لَزِمَهُ السَّعْيُ إلَيْهِ وَالِاشْتِغَالُ بِتَحْصِيلِهِ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6]

اسم الکتاب : المغني المؤلف : ابن قدامة المقدسي    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست