responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
بِجَمِيعِهَا إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الْأَعْدَادَ جَمْعُ قِلَّةٍ، وَالشَّيْءُ قَدْ لَا يَضْبِطُهُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ وَيَضْبِطُهُ الْكَثِيرُ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ، وَيُعَبِّرَ بِالتَّعْدَادِ وَنَحْوِهِ وَالْبَاءُ فِي الْأَعْدَادِ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ، وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ لَا تُحْصَى تَنْحَصِرُ فِي جِنْسَيْنِ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ وَالْأَوَّلُ قِسْمَانِ مَوْهِبِيٌّ وَكَسْبِيٌّ. وَالْمَوْهِبِيُّ قِسْمَانِ: رُوحَانِيٌّ كَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَإِشْرَاقِهِ بِالْعَقْلِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ الْقُوَى كَالْفِكْرِ وَالْفَهْمِ وَالنُّطْقِ. وَجِسْمَانِيٌّ كَتَخْلِيقِ الْبَدَنِ وَالْقُوَى الْحَالَّةِ فِيهِ وَالْهَيْئَاتِ الْعَارِضَةِ لَهُ مِنْ الصِّحَّةِ وَكَمَالِ الْأَعْضَاءِ.
وَالْكَسْبِيُّ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ عَنْ الرَّذَائِلِ وَتَحْلِيَتُهَا بِالْأَخْلَاقِ وَالْمَلَكَاتِ الْفَاضِلَةِ وَتَزْيِينُ الْبَدَنِ بِالْهَيْئَاتِ الْمَطْبُوعَةِ وَالْحُلِيِّ الْمُسْتَحْسَنَةِ وَحُصُولُ الْجَاهِ وَالْمَالِ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْفُوَ عَمَّا فَرَطَ مِنْهُ وَيَرْضَى عَنْهُ وَيُبَوِّئَهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ.
(الْمَانُّ) أَيْ الْمُنْعِمُ مَنًّا مِنْهُ لَا وُجُوبًا عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْمَانُّ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَالِ قَبْلَ السُّؤَالِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَانِّ بِمَعْنَى مُعَدِّدِ النِّعَمِ وَإِنْ كَانَ صِفَةَ مَدْحٍ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّرْكِيبَ (بِاللُّطْفِ) أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ، إذْ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الرَّأْفَةُ وَالرِّفْقُ، وَهُوَ مِنْ اللَّهِ خَلْقُ قُدْرَةِ الطَّاعَةِ فِي الْعَبْدِ، وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ لُغَةً فِيهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَصِحَّةُ الْحَمْدِ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ صُدُورُهَا عَنْ الْإِنْعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى.
قِيلَ وَلِأَنَّ نِعَمَهُ تَعَالَى مُحْصَاةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا بَرَزَ فِي الْوُجُودِ كَذَلِكَ، وَإِنْعَامُهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِهِ لَا نِهَايَةَ لِمُتَعَلَّقَاتِهَا، وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَاةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَا قُدْرَةَ لِلْبَشَرِ عَلَى عَدِّهَا وَإِحْصَائِهَا، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُ عَلَى تَفْسِيرِ النِّعْمَةِ بِالْإِنْعَامِ أَنَّهُ الْأَوْلَى هُنَا، وَإِلَّا فَالنِّعْمَةُ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَثَرِ الْحَاصِلِ بِالْإِنْعَامِ، وَمِنْ ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ أَيْ النِّعْمَةُ حَقِيقَةُ كُلِّ مُلَائِمٍ تُحْمَدُ عَاقِبَتُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ عَلَى كَافِرٍ، وَإِنَّمَا مَلَاذُهُ اسْتِدْرَاجٌ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا مُفْرَدًا كَانَ أَوْ جَمْعًا لِلِاسْتِغْرَاقِ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ، فَإِفَادَتُهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَضْعِيٌّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَرِينَةٍ، فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ) أَيْ الدُّنْيَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَجِسْمَانِيٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ نِسْبَةً إلَى الْجِسْمِ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ جِسْمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ الْأُخْرَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَوْنُ الْمَانِّ) مُبْتَدَأٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ) خَبَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ) هَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْبَاءَ صِلَةُ الْمَانِّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعَلُّقُ الْإِنْعَامِ بِالْإِقْدَارِ عَلَى الطَّاعَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.
أَقُولُ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَارَ صِفَةُ الْبَارِي فَلَا يَكُونُ مُنْعِمًا بِهِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِأَنْ جَعَلَهُ قَادِرًا وَجَعْلُ الْعَبْدِ قَادِرًا عَلَى الطَّاعَةِ أَثَرٌ لِلْإِنْعَامِ (قَوْلُهُ وَالرِّفْقُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: قُدْرَةِ الطَّاعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِعْلَ مَطْلُوبٍ أَوْ تَرْكَ مَعْصِيَةٍ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُرَادِفٌ لِلتَّوْفِيقِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدْ يُطْلَقُ التَّوْفِيقُ عَلَى أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: اللُّطْفُ مَا يَحْمِلُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الطَّاعَةِ، ثُمَّ إنْ حُمِلَ عَلَى فِعْلِ الْمَطْلُوبِ سُمِّيَ تَوْقِيفًا، أَوْ تَرْكِ الْقَبِيحِ سُمِّيَ عِصْمَةً انْتَهَى (قَوْلُهُ وَبِفَتْحِ اللَّامِ) عَطْفٌ عَلَى بِضَمِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، فَالْحَمْلُ عَلَى الْإِنْعَامِ وَإِنْ أَوْهَمَ أَنَّ عَدَمَ الْإِحْصَاءِ فِيهِ جَمْعِيَّتُهُ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ صَرِيحَةٌ لِلْآيَةِ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ وَوَجَّهَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ بِغَيْرِ هَذَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: إذْ اللَّامُ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ وَهِيَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجَمْعِ أَبْطَلَتْ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ وَصَيَّرَتْ أَفْرَادَهُ آحَادًا عَلَى الصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ: مَنًّا مِنْهُ) أَيْ تَفَضُّلًا، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ كُلَّهَا كَذَلِكَ.
وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ مَعَ الْمَتْنِ الْمَانُّ مِنْ الْمِنَّةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ مُطْلَقًا، أَوْ بِقَيْدِ كَوْنِهَا ثَقِيلَةً مُبْتَدَأَةً مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ يُوجِبُهَا، فَنِعَمُهُ تَعَالَى مِنْ مَحْضِ فَضْلِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ بِضَمِّ اللَّامِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: كَيْفَ فَسَّرْته بِالْإِقْدَارِ آخِرَهُ مَعَ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ الرَّأْفَةُ وَالرِّفْقُ، وَالْإِقْدَارُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِيهِ؟ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّهُ إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْأَصْلِ لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَاهُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِاللُّطْفِ) الْبَاءُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ إنَّهَا لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست