responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 234
عَقْلٍ مَا ضَرَّ الْعَقْلَ كَالْأَفْيُونِ وَالزَّعْفَرَانِ، أَوْ الْبَدَنَ كَالسُّمِّيَّاتِ وَالتُّرَابِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَهَا فَقَالَ: (هِيَ كُلُّ مُسْكِرٍ مَائِعٍ) خَمْرًا كَانَ وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَلَوْ مُحْتَرَمَةً وَمُثَلَّثَةً وَبَاطِنَ حَبَّاتِ عُنْقُودٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْإِسْكَارُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، أَمَّا الْخَمْرُ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهَا فَتَغْلِيظًا وَزَجْرًا عَنْهَا كَالْكَلْبِ وَلِأَنَّهَا رِجْسٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالرِّجْسُ النَّجِسُ، وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْمُسْكِرَاتِ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِوُجُودِ الْإِسْكَارِ الْمُسَبَّبِ عَنْهُ ذَلِكَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَلَا يُشْكِلُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَطْفُهُ عَلَى الْخَمْرِ مَا لَيْسَ بِنَجِسٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الرِّجْسَ فِي مَعْنَيَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، إذْ الثَّلَاثَةُ الْمَقْرُونَةُ مَعَهَا مُعَارَضَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَتْ هِيَ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى أَصْلِهِ مَائِعٌ غَيْرُهُ كَالْحَشِيشَةِ وَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَسْكَرَ طَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدَّقَائِقِ، وَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِمَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ تَقْدِيرٌ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادًا فِيهِمَا لِقَصْدِ التَّبَرُّكِ فِي الْأَوَّلِ وَلِاسْتِهْلَاكِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: كَالْأَفْيُونِ) وَقَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهُ الْكَثِيرُ دُونَ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِغَالِبِ النَّاسِ لَا لِلْمُتَنَاوِلِ.
وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَنْ يَضُرُّهُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَمَا يَأْتِي وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى التَّمْثِيلُ بِالسُّمِّيَّاتِ الَّتِي يَضُرُّ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا.
وَبَقِيَ مَا لَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ هَلْ هُوَ ضَارٌّ أَوْ لَا وَيَنْبَغِي فِيهِ الْحِلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّهْيِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ ضَرَّهُ ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَطْعِمَةِ.
وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطَّاهِرِ إلَّا نَحْوُ تُرَابٍ وَحَجَرٍ وَمِنْهُ مَدَرٌ وَطَفْلٌ لِمَنْ يَضُرُّهُ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمِيعِ حُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرَّفَهَا) أَيْ بَيَّنَهَا بِالْعَدِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُشْتَدُّ مِنْ عَصِيرٍ إلَخْ) أَيْ الَّذِي قَوِيَ تَغَيُّرُهُ حَتَّى صَارَ مُسْكِرًا (قَوْلُهُ: وَمُثَلَّثَةٌ) وَهِيَ الَّتِي أُغْلِيَتْ عَلَى النَّارِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهَا (قَوْلُهُ: وَزَجْرًا) عَطْفٌ مُغَايِرٌ (قَوْلُهُ: بِالْآيَةِ) هِيَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ} [المائدة: 90] (قَوْلُهُ: فِي مَعْنَيَيْهِ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، وَالْقَرِينَةُ عَلَى الثَّانِي مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ فَلَيْسَ الرِّجْسُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُهُ: فِي مَعْنَيَيْهِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ الْخَمْرِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْهِ بِقَرِينَةٍ وَالشَّارِحُ جَعَلَ نَفْسَ الْآيَةِ دَلِيلًا عَلَى النَّجَاسَةِ، وَالْإِجْمَاعُ مُقْتَضِيًا لِإِخْرَاجِ مَا لَيْسَ بِنَجَسٍ مِنْ الرِّجْسِ.
هَذَا وَفِي الْمُخْتَارِ الرِّجْسُ الْقَذَرُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ قَوْله تَعَالَى {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [يونس: 100] أَنَّهُ الْعِقَابُ وَالْغَضَبُ وَهُوَ مُضَارِعٌ لِقَوْلِهِ الرِّجْزُ اهـ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ حَقِيقَةً فِيمَا تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ بِأَنَّ الرِّجْزَ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا لَكِنَّهُ اُشْتُهِرَ فِي النَّجَسِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَأَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ قَالَ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُطْلَقِ الْمُسْتَقْذَرِ اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: كَالْحَشِيشَةِ) لَوْ صَارَ فِي الْحَشِيشِ الْمُذَابِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ اتَّجَهَ النَّجَاسَةَ كَالْمُسْكِرِ الْمَائِعِ الْمُتَّخَذِ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا الطَّبَلَاوِيِّ وَخَالَفَ م ر ثُمَّ جَزَمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَفِي الْإِيعَابِ لَوْ انْتَفَتْ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ عَنْ الْخَمْرِ لِجُمُودِهَا وَوُجِدَتْ فِي الْحَشِيشَةِ لِذَوْبِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بَقَاءُ الْخَمْرِ عَلَى نَجَاسَتِهَا لِأَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَلَمْ يُوجَدْ وَنَجَاسَةُ نَحْوِ الْحَشِيشَةِ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا صَارَتْ كَمَاءِ خُبْزٍ وُجِدَتْ فِيهِ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ، ثُمَّ ظَاهِرُ تَفْسِيرِهِمْ الْمُسْكِرَ بِالْمُغَطِّي لِلْعَقْلِ وَإِخْرَاجُهُمْ الْحَشِيشَةَ بِالْمَائِعِ أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ التَّغَيُّرُ وَصَارَ مُغَطِّيًا لِلْعَقْلِ وَلَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ صَارَ نَجِسًا وَقَدْ يَقْتَضِي قَوْلُهُ: الْآتِي فِي التَّخْلِيلِ الْمُحَصِّلِ لِطَهَارَةِ الْخَمْرِ وَيَكْفِي زَوَالُ النَّشْوَةِ إلَخْ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْعَصِيرَ مَا لَمْ تَصِرْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَإِنْ حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْبَنْجُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَصْلُ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَعَلَّ اللَّامَ، وَالْأَلِفَ سَقَطَا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَرَّفَهَا الْمُصَنِّفُ) لَا مَوْقِعَ لِثُمَّ هُنَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذْ الثَّلَاثَةُ) لَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ بَدَلَ إذْ لِيَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ لَكَانَ وَاضِحًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 234
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست