responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ نَظَرًا إلَى أَنَّ شَأْنَهُ عُسْرُ التَّمْيِيزِ، وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ.
وَهَذَا الْقَيْدُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلْإِدْخَالِ لَا لِلْإِخْرَاجِ كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ إمْكَانِ التَّنَاوُلِ لِيُخْرِجَ بِهِ الْأَشْيَاءَ الصُّلْبَةَ كَالْحَجَرِ، لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ لَا يُوصَفُ بِحِلِّ وَلَا تَحْرِيمٍ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ وَبِلَا لِحُرْمَتِهَا لَحْمُ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ وَإِنْ حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا فِي حَالَةِ الِاخْتِيَارِ إلَخْ لَكِنْ لَا لِنَجَاسَتِهِ بَلْ لِحُرْمَتِهِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ لَحْمُ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ، إذْ الْحُرْمَةُ تَنْشَأُ مِنْ مُلَاحَظَةِ الْأَوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ الْعَرَضِيَّةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُولَى لَازِمَةٌ لِلْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الذَّاتِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ، وَالثَّانِيَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ، وَحِينَئِذٍ فَالْآدَمِيُّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ أُخْرَى، فَالْحُرْمَةُ الثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ تَقْتَضِي الطَّهَارَةَ لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا فَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ، وَالثَّابِتَةُ لَهُ مِنْ حَيْثُ وَصْفُهُ تَقْتَضِي احْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ تَثْبُتُ لَهُ الْحُرْمَةُ الْأُولَى، فَكَانَ طَاهِرًا حَيًّا وَمَيِّتًا حَتَّى يَمْتَنِعَ اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهُ الْحُرْمَةُ الثَّانِيَةُ فَلَمْ يُحْتَرَمْ وَلَمْ يُعَظَّمُ، فَلِهَذَا جَازَ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْحَدِّ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ لِحُرْمَتِهِ الذَّاتِيَّةِ كَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ، وَبِلَا اسْتِقْذَارِهَا مَا حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ لَا لِمَا تَقَدَّمَ، بَلْ لِاسْتِقْذَارِهِ كَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَقْذَرَاتِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِلَا لِضَرَرِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: وَلَا يَتَنَجَّسُ فَمُهُ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ مَا خُبِزَ بِالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لَا يَتَنَجَّسُ الْفَمُ بِأَكْلِهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّجَاسَةِ التَّنْجِيسُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَيْدُ) يَعْنِي قَوْلَهُ لِعُسْرِ التَّمْيِيزِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: حَالَةِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ أَكْلَ الْحَجَرِ لَيْسَ مِنْ الْمُحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً، فَلَوْ كُلِّفَ بِأَكْلِهِ مَثَلًا لَأَمْكَنَ بِأَنْ يُدَقَّ وَيُؤْكَلَ.
(قَوْلُهُ: حُرِّمَ تَنَاوُلُهُ مُطْلَقًا) كَثُرَ أَوْ قَلَّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لِحُرْمَتِهِ) أَيْ احْتِرَامِهِ (قَوْلُهُ: الْأُولَى) هِيَ الْأَوْصَافُ الذَّاتِيَّةُ وَالثَّانِيَةُ هِيَ الْأَوْصَافُ الْعَرَضِيَّةُ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ) وَفِي نُسْخَةٍ: أَوْصَافِ الْجِنْسِ، وَمَا فِي الْأَصْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَيْضًا) قَدْ يُقَالُ: إنْ أَرَادَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ أَنَّهَا مُقْتَضَى الذَّاتِ فَمَمْنُوعٌ وَلِذَا اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهَا، أَوْ أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالذَّاتِ فَكُلُّ الْأَوْصَافِ كَذَلِكَ؛ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالذَّاتِيِّ الْحَقِيقِيَّ.
وَقَدْ يُقَالُ: لِمَ اقْتَضَتْ الْحُرْمَةُ الذَّاتِيَّةُ الطَّهَارَةَ دُونَ الِاحْتِرَامِ سم عَلَى حَجّ.
وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الطَّهَارَةَ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْعَيْنِ فَنَاسَبَ تَرَتُّبَهَا عَلَى مُجَرَّدِ حَقِيقَتِهَا، وَالتَّوْقِيرُ حَاصِلٌ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَاقْتَضَى صِفَةً تُنَاسِبُ تَرَتُّبَهُ عَلَيْهَا زَائِدَةً عَلَى الذَّاتِ كَحُسْنِ الِاعْتِقَادِ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ) مُرَادُهُ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ) أَيْ وَلَا يُرَدُّ أَنَّ ذَلِكَ يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى حُرْمَةِ أَكْلِهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْهُ كَأَنْ بَصَقَ أَوْ مَخَطَ ثُمَّ أَرَادَ تَنَاوُلَهُ، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعْدِنِهَا كَالرِّيقِ فِي الْفَمِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ابْتِلَاعُهُ وَكَذَلِكَ الْمُخَاطُ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِبُصَاقِ مَنْ يَعْتَقِدُ صَلَاحَهُ فَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْأَطْفَالِ، كَأَنْ أَمَرَ الْوَلِيَّ بِالْبَصْقِ فِي فَمِ نَفْسِهِ أَوْ فَمِ وَلَدِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلِيِّ الْبَصْقُ فِي فَمِهِ: أَيْ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ التَّمْكِينُ مِنْ الْبَصْقِ فِي فَمِ الطِّفْلِ فَلْيُرَاجَعْ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ بِغَيْرِهِ، وَكَأَنْ اخْتَلَطَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَمْيِيزُهُ كَدُودِ الْفَاكِهَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُسْرِ مَا مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ سُهُولَتُهُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ تَنَاوُلُهُ) يُنْظَرُ مَا الْمُرَادُ بِالْإِمْكَانِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ) ظَاهِرُهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ فَيَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ، عَلَى أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مِنْ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ الْعَرَضِيَّةُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَبِلَا اسْتِقْذَارِهَا) حَقُّ الْعِبَارَةِ وَبِلَا لِاسْتِقْذَارِهَا،

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست