responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 16
وَلَقَدْ أَجَادَ الْقَائِلُ فِي قَوْلِهِ:
إنِّي لَأَرْحَمُ حَاسِدِيَّ لِفَرْطِ مَا ... ضَمَّتْ صُدُورُهُمْ مِنْ الْأَوْغَارِ
نَظَرُوا صَنِيعَ اللَّهِ بِي فَعُيُونُهُمْ ... فِي جَنَّةٍ وَقُلُوبُهُمْ فِي نَارِ
لَا ذَنْبَ لِي قَدْ رُمْت كَتْمَ فَضَائِلِي ... فَكَأَنَّمَا بَرْقَعْتهَا بِنَهَارِ
وَهَذِهِ الْإِطَالَةُ مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ وَالدَّلَالَةِ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ حَسَدٍ يَسُدُّ بَابَ الْإِنْصَافِ، وَأَجَارَنَا مِنْ الْجَوْرِ وَالِاعْتِسَافِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَقَرِيبًا كُلُّ مَا هُوَ آتٍ، نَوَيْت بِهِ الثَّوَابَ يَوْمَ النُّشُورِ وَطَمَعًا فِي دَعْوَةِ عَبْدٍ صَالِحٍ إذَا صِرْت مُنْجَدِلًا فِي الْقُبُورِ، لَا الثَّنَاءَ عَلَى ذَلِكَ فِي دَارِ الْغُرُورِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّأَسِّي بِكِتَابِ اللَّهِ سُنَّةٌ مُتَحَتِّمَةٌ وَالْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الْآتِي طَرِيقَةٌ مُلْتَزَمَةٌ، وَهَذَا التَّأْلِيفُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا وَفَيْضٌ مِنْ أَنْوَارِهَا، فَلِذَلِكَ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ وَالطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فَقَالَ:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الْبَاءُ فِيهَا قِيلَ إنَّهَا زَائِدَةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ، أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفِ اسْمِ فَاعِلٍ خَبَرِ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ فِعْلٍ: أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَبْدَأُ، أَوْ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ: أَيْ أَبْتَدِئُ مُتَبَرِّكًا وَمُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ: أَيْ ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ ثَابِتٌ، وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا حَذْفُ الْمَصْدَرِ وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِمَا، وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ هَا هُنَا أَوْقَعُ كَمَا فِي قَوْلِهِ {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} [هود: 41] وَقَوْلُهُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَأَدَلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَأَدْخَلُ فِي التَّعْظِيمِ وَأَوْفَقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَاعِلُ الْأَخِيرِ بِمَعْنَى الَّذِي تَأَخَّرَ زَمَانُهُ وَتَجُوزُ فِيهِ الْإِضَافَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوْغَارِ) أَيْ حَرَارَاتِ الصُّدُورِ (قَوْلُهُ: طَرِيقَةٌ مُلْتَزَمَةٌ) أَيْ بَيْنَ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: مِنْ آثَارِهَا) أَيْ الطَّرِيقَةِ

(قَوْلُهُ: فَلَا تَحْتَاجُ إلَى مَا تَتَعَلَّقُ بِهِ) ظَاهِرُ نَفْيِ الْحَاجَةِ صِحَّةُ التَّعَلُّقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْحَرْفَ الزَّائِدَ وَمَا أَشْبَهَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِهَذَا الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ يُعَدُّ عَبَثًا عِنْدَ الْبُلَغَاءِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ) أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَمَعْنَاهَا: إمَّا الِاسْتِعَانَةُ وَإِمَّا الْمُصَاحَبَةُ، فَقَوْلُهُ أَوْ لِلِاسْتِعَانَةِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى مَا عُلِمَ أَنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: اسْمُ فَاعِلٍ) أَيْ ذَلِكَ الْمَحْذُوفُ اسْمُ فَاعِلٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ) تَقْدِيرُهُ ابْتِدَائِي كَائِنٌ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا عَمَلَ لِلْمَصْدَرِ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ: أَيْ أُؤَلِّفُ أَوْ أَبْدَأُ) وَالْجَارُّ حِينَئِذٍ ظَرْفُ لَغْوٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى الْأَخِيرِ: أَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا عَمَلَ لِلْمَصْدَرِ فِيهِ حَتَّى يَعْتَذِرَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِبْقَاءُ مَعْمُولِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ اسْمِ فَاعِلٍ إلَخْ أَنَّهُ ثَمَّ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ اسْمِ الْفَاعِلِ الْوَاقِعِ خَبَرًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ كَلَامِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ الْمُقَدَّرَ حَيْثُ جُعِلَ خَبَرًا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَانَ التَّامَّةِ، وَهُنَا مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرُ مُقَدَّرٌ بَعْدَهُ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ هَا هُنَا) هُوَ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ كَالتَّقْدِيمِ فِي قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَطَمَعًا) لَا بُدَّ لَهُ مِنْ تَقْدِيرِ عَامِلٍ أَيْ وَطَمِعْت طَمَعًا (قَوْلُهُ: التَّأَسِّي بِكِتَابِ اللَّهِ سُنَّةٌ) إنْ أُرِيدَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ فَقَوْلُهُ مُتَحَتِّمَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِنْ أُرِيدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْمَقَامِ فَقَوْلُهُ مُتَحَتِّمَةٌ بِمَعْنَى مُتَأَكِّدَةٍ وَعَبَّرَ بِهِ مُبَالَغَةً وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ مُلْتَزَمَةٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْتَزَمَهَا النَّاسُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ آثَارِهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِلسُّنَّةِ وَالطَّرِيقَةِ اللَّتَيْنِ هُمَا التَّأَسِّي، وَالْعَمَلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأَسِّي، وَالْعَمَلَ بِمَا ذَكَرَهُمَا الْبُدَاءَةُ بِالْبَسْمَلَةِ فَيَنْحَلُّ الْكَلَامُ إلَى قَوْلِنَا هَذَا التَّأْلِيفُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْبُدَاءَةِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَهُوَ وَإِنْ صَحَّ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا تَيَسَّرَ لِلْمُصَنِّفِ لِبُدَاءَتِهِ إيَّاهُ بِالْبَسْمَلَةِ، فَهُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ مَا ذُكِرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلَاقِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ فَلِذَلِكَ جَرَى الْمُصَنِّفُ إلَخْ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ أَثَرٌ مِنْ آثَارِهَا أَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ ذَاتُ بَالٍ تُبْدَأُ بِالْبَسْمَلَةِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ مِنْ مَاصَدَق الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ

(قَوْلُهُ: لِلِاسْتِعَانَةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قِيلَ لَا عَلَى مَدْخُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِعْلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ فَاعِلٍ، وَكَوْنُهُ خَبَرًا أَوْ حَالًا احْتِمَالَانِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُتَبَرِّكًا وَمُسْتَعِينًا)

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست