responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 15
وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى إتْمَامَ هَذَا التَّوْضِيحِ عَلَى أُسْلُوبٍ بَدِيعٍ وَسَبِيلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى كَثِيرٍ مِنْ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ مَنِيعٍ، مَعَ أَنَّ الْفِكْرَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ مَقْطُوعٌ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَيَسُّرُ صَرْفِ النَّظَرِ لَهُ إلَّا سَاعَةً فِي الْأُسْبُوعِ، هَذَا وَأَنَا مُعْتَرِفٌ بِالْعَجْزِ وَالْقُصُورِ، سَائِلٌ فَضْلَ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَ مَا يَبْدُو لَهُ مِنْ فُطُورٍ، وَأَنْ يَصْفَحَ عَمَّا فِيهِ مِنْ زَلَلٍ، وَأَنْ يُنْعِمَ بِإِصْلَاحِ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ خَلَلٍ، مُسْبِلًا عَلَيَّ ذَيْلَ كَرَمِهِ، مُتَأَمِّلًا كَلِمَهُ قَبْلَ إجْرَاءِ قَلَمِهِ، مُسْتَحْضِرًا أَنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ النِّسْيَانِ، وَأَنَّ الصَّفْحَ عَنْ عَثَرَاتِ الضِّعَافِ مِنْ شِيَمِ الْأَشْرَافِ، وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ:
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا ... كَفَى الْمَرْءَ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهُ
وَسَمَّيْته: نِهَايَةُ الْمُحْتَاجِ إلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ رَاجِيًا أَنَّ الْمُقْتَصِرَ عَلَيْهِ يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ مُطَالَعَةِ مَا سِوَاهُ مِنْ أَمْثَالِهِ، وَأَنْ يُدْرِكَ بِهِ مَا يَرْجُوهُ مِنْ آمَالِهِ، وَلَا يَمْنَعُ الْوَاقِفَ عَلَيْهِ دَاءُ الْحَسَدِ أَخْذَ مَا فِيهِ بِالْقَبُولِ، وَلَا اسْتِصْغَارَ مُؤَلِّفِهِ وَقَصْرِ نَظَرِهِ فِي النُّقُولِ، فَقَدْ قَالَ الْقَائِلُ:
لَا زِلْت مِنْ شُكْرِي فِي حُلَّةٍ ... لَابِسُهَا ذُو سَلَبٍ فَاخِرِ
يَقُولُ مَنْ تَطْرُقُ أَسْمَاعُهُ ... كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ
فَلَيْسَ لِكِبَرِ السِّنِّ يَفْضُلُ الْفَائِلُ، وَلَا لِحِدْثَانِهِ يُهْتَضَمُ الْمُصِيبُ، وَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الْكَلَامِ أَوَّلُ قَائِلٍ فَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ:
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْت الْأَخِيرَ زَمَانُهُ ... لَآتٍ بِمَا لَمْ تَسْتَطِعْهُ الْأَوَائِلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيُسْتَنْبَطُ مِنْ الْبِئْرِ كَالْقَرْحِ وَأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْك طَبْعُك (قَوْلُهُ: أَنْ يُصْلِحَ مَا يَبْدُو لَهُ مِنْ فُطُورٍ) أَيْ خَلَلٍ مِنْ فَطَرَهُ إذَا شَقَّهُ: أَيْ خَلَّلَهُ، وَهَذَا مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ كِنَايَةٌ عَنْ طَلَبِ مُحَاوَلَةِ الْأَجْوِبَةِ عَمَّا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ الِاعْتِرَاضَاتِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إذْنًا فِي تَغْيِيرِ كُتُبِهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَوْ انْفَتَحَ ذَلِكَ الْبَابُ لَبَطَلَ الْوُثُوقُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ طَالَعَ وَظَهَرَ لَهُ شَيْءٌ غَيَّرَ إلَى مَا ظَهَرَ لَهُ وَيَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ يَفْعَلُ مِثْلَهُ، وَهَكَذَا فَلَا يُوثَقُ بِنِسْبَةِ شَيْءٍ إلَى الْمُؤَلِّفِينَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَجَدَهُ مُثْبَتًا فِي كَلَامِهِمْ يَكُونُ مِنْ إصْلَاحِ بَعْضِ مَنْ وَقَفَ عَلَى كُتُبِهِمْ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُ قَبْلَ إجْرَاءِ قَلَمِهِ الْمُشْعِرُ بِأَنَّهُ يُصْلِحُ مَا فِيهِ حَقِيقَةً لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَمْرَ بِالتَّأَمُّلِ قَبْلَ إظْهَارِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِ. هَذَا وَلَيْسَ كُلُّ اعْتِرَاضٍ سَائِغًا مِنْ الْمُعْتَرِضِ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ لَهُ اعْتِرَاضٌ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ كَمَا قَالَهُ الْأَبْشِيطِيُّ، وَعِبَارَتُهُ: لَا يَنْبَغِي لِمُعْتَرِضٍ اعْتِرَاضٌ إلَّا بِاسْتِكْمَالِ خَمْسَةِ شُرُوطٍ، وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ مَعَ رَدِّ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِ: كَوْنِ الْمُعْتَرِضِ أَعْلَى أَوْ مُسَاوِيًا لِلْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ، وَكَوْنِهِ يَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ شَخْصٍ مَعْرُوفٍ، وَكَوْنِهِ مُسْتَحْضِرًا لِذَلِكَ الْكَلَامِ، وَكَوْنِهِ قَاصِدًا لِلصَّوَابِ فَقَطْ، وَكَوْنِ مَا اعْتَرَضَهُ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَجْهٌ فِي التَّأْوِيلِ إلَى الصَّوَابِ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُجْرِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ بِمَرَاحِلَ مَا لَا يُجْرِيهِ عَلَى لِسَانِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ: مِنْ شِيَمِ الْأَشْرَافِ) أَيْ خِصَالِهِمْ (قَوْلُهُ: كَفَى الْمَرْءُ نُبْلًا) أَيْ شَرَفًا وَفَضْلًا وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: مَنْ تَطْرُقُ) فِي نُسْخَةٍ مَنْ تَقْرَعُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ، فَالضَّمِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِلشُّكْرِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْحُلَّةِ (قَوْلُهُ: يَفْضُلُ الْفَائِلُ) هُوَ بِالْفَاءِ مَعْنَاهُ الْمُخْطِئُ فِي رَأْيِهِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ الْفَاءِ مِنْ بَابِ اللَّامِ: قَالَ رَأْيُهُ يَفِيلُ فُيُولَةً وَفَيْلَةً أَخْطَأَ وَضَعُفَ كَتَفَيَّلَ، وَفَيَّلَ رَأْيَهُ قَبَّحَهُ وَخَطَّأَهُ، وَرَجُلٌ فِيلُ الرَّأْيِ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ وَكَكَيِّسٍ، وَفَالُهُ وَفَائِلُهُ وَفَالٌ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ ضَعِيفَةٌ وَالْجَمْعُ أَفْيَالٌ، وَفِي رَأْيِهِ فَيَالَةٌ وَفُيُولَةٌ وَمُفَايَلَةٌ، وَالْفِيَالُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ لُعْبَةٌ وَتَقَدَّمَ فِي فَأَلَ، فَإِذَا أَخْطَأَ قِيلَ قَالَ رَأْيُك انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ بِالْفَاءِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ يُهْتَضَمُ الْمُصِيبُ (قَوْلُهُ: وَلَا لَحِدْثَانِهِ) أَيْ صِغَرِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنِّي وَإِنْ كُنْت الْأَخِيرَ زَمَانُهُ) مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثِّيَابِ (قَوْلُهُ: الْفَائِلُ) هُوَ بِالْفَاءِ أَيْ الْمُخْطِئُ فِي رَأْيِهِ

اسم الکتاب : نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج المؤلف : الرملي، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست