responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 187
بِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَحَدًا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ حَاجَتِهِ لِلطُّهْرِ أَوْ الْعَطَشِ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ إنَّمَا يُشْرَعُ فِي حُظُوظِ النُّفُوسِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُرْبِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَلَفِ مُهْجَتِهِ (إلَّا ظَامِئًا) مُحْتَرَمًا فَيُؤْثِرُهُ بِهِ وُجُوبًا حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ (إنْ فَضَلَا) عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ.

(وَجَازَ) لِلظَّامِئِ (قَهْرٌ) لِمَالِكِ الْمَاءِ إنْ لَمْ يُؤْثِرْهُ بِالْفَاضِلِ عَنْهُ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ حَتَّى لَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ كَانَ هَدَرًا؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ أَوْ إلَى هَلَاكِ الظَّامِئِ كَانَ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَكَالظَّامِئِ فِيمَا ذُكِرَ الْخَائِفُ مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ إذَا وَجَدَ ثَوْبَ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: إنْ فَضَلَ وَجَازَ قَهْرٌ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(وَبِبَرْدٍ وَمَرَضْ) أَيْ تَيَمَّمَ بِسَبَبِ فَقْدِ مَاءٍ كَمَا مَرَّ وَبِسَبَبِ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ (يُخْشَى بِهِ الْمَحْذُورُ إنْ غَسْلٌ عَرَضْ) أَيْ وُجِدَ أَمَّا الْبَرْدُ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ «عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ احْتَلَمْت فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَشْفَقْت أَنْ أَغْتَسِلَ فَأَهْلَكَ فَتَيَمَّمْت ثُمَّ صَلَّيْت بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا عَمْرُو صَلَّيْت بِأَصْحَابِك وَأَنْتَ جُنُبٌ فَأَخْبَرْته بِاَلَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الِاغْتِسَالِ وَقُلْت إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا» وَأَمَّا الْمَرَضُ فَلِآيَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 43] أَيْ وَخِفْتُمْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَحْذُورًا فَتَيَمَّمُوا بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي الْمَحْذُورَ (كَفُحْشِ شَيْنٍ) بِعُضْوٍ (ظَاهِرٍ) وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَتَحَوُّلٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلَحْمَةٍ تَزِيدُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ الدِّيَاتِ وَقَالَ هُنَا وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَقَالَ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَقِيلَ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ وَخَرَجَ بِالْفَاحِشِ الْيَسِيرُ كَقَلِيلِ سَوَادٍ وَأَثَرِ جُدَرِيٍّ وَبِالظَّاهِرِ الْبَاطِنُ وَإِنْ فَحُشَ شَيْنُهُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَمْلُوكٍ إذْ الْخُسْرَانُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ إيجَابِ شِرَائِهِ كَمَا مَرَّ وَأُجِيبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَالْوَجْهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِمَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَيُدْفَعُ إشْكَالُهُ بِأَنْ يُقَالَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْعُدُولُ عَمَّا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ مَعَ وُجُودِ أَحْوَجَ مِنْهُ وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا. اهـ. أَيْ فَلَا يَلْزَمُ غَيْرَ الْأَحْوَجِ قَبُولُهَا مَعَ وُجُودِ الْأَحْوَجِ

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلظَّامِئِ إيثَارُ الظَّامِئِ بِمَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ الْجَوَازُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَنْ يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَافَةِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا حُقَّتْ حَاجَةُ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَانَ كَمَا هُنَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الظَّامِئَ لَا يَجُوزُ لَهُ إيثَارُ الظَّامِئِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْقُولِ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَنْ حَاجَةِ ظَمَئِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَةِ طُهْرِهِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ إيثَارِ الظَّامِئِ مَعَ حَاجَةِ الطُّهْرِ.

(قَوْلُهُ: قَهْرٌ لِمَالِكِ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ بِقِيمَةٍ. اهـ. وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ مَعَ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي رَقِيقِ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُمَا وَاحِدٌ مَعْنًى وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّعْبِيرُ لَفْظًا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ نَقْصُ الْمَمْلُوكِ بِنَحْوِ إخْبَارِ مَعْصُومٍ كَالسَّيِّدِ عِيسَى أَوْ قَرَائِنَ قَطْعِيَّةٍ جَازَ التَّيَمُّمُ فَلْيُنْظَرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقُلْنَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُ النَّاقِصِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ.

(قَوْلُهُ وَبِبَرْدٍ وَمَرَضٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي الْعِبَادَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُلَازِمَةً غَالِبًا أَوْ لَا، فَالْأُولَى كَالتَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّوْمِ فِي الصَّيْفِ وَالسَّفَرِ لِلْحَجِّ كَالْعَدَمِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَلَا تَخْفِيفِهَا وَإِلَّا لَفَاتَتْ مَصَالِحُ الطَّاعَاتِ وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا التَّيَمُّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْخَاصِّ بِهِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تَنْفَكُّ غَالِبًا مَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ: خَفِيفَةٌ جِدًّا لَا وَقْعَ لَهَا كَصُدَاعٍ خَفِيفٍ وَهَذِهِ لَا أَثَرَ لَهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِيَةُ شَدِيدَةٌ فَادِحَةٌ كَمَشَقَّةِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ فَهَذِهِ هِيَ مَحَلُّ الرُّخَصِ وَالتَّخْفِيفِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَالْأَطْرَافِ لِإِقَامَةِ مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَوْلَى مِنْ تَعْرِيضِهَا لِمَا يَفُوتُ بِهَا أَمْثَالُهَا، وَالثَّالِثَةُ فَوْقَ الْأُولَى وَدُونَ الثَّانِيَةِ فَهِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا فِي الشِّدَّةِ وَالْخِفَّةِ وَهَذِهِ يُنْظَرُ لِنِسْبَتِهَا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ فَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ وَمَا دَنَا مِنْهَا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبْهُ إلَّا عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَمَثَّلُوا لَهُ بِالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ الْيَسِيرِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالْعُلْيَا وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهُ بِالدُّنْيَا وَلَا ضَبْطَ لِذَلِكَ إلَّا بِالتَّقْرِيبِ قَالَهُ الْعَلَائِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْعَاصِي) بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْفَصِيحُ. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: ذَاتِ السَّلَاسِلِ) غَزْوَةٌ مِنْ غَزَوَاتِ الشَّامِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ بِاسْمِ مَاءٍ بِأَرْضِ جُذَامٍ يُقَالُ لَهُ الْمُسَلْسَلُ وَسِينُ السَّلَاسِلِ مَفْتُوحَةٌ وَحُكِيَ ضَمُّهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: وَثُغْرَةٍ) كَنُقْرَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى. اهـ. بج. (قَوْلُهُ: وَثُغْرَةٍ وَلَحْمَةٍ) أَيْ:

اسم الکتاب : الغرر البهية في شرح البهجة الوردية المؤلف : الأنصاري، زكريا    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست