responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 96
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ وُضُوءَهُ يَصِحُّ وَحَدَثَهُ يَرْتَفِعُ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ قَدْ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِصَلَاةٍ بِعَيْنِهَا دُونَ غَيْرِهَا كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَالْمُتَيَمِّمِ وَالْمَاسِحِ عَلَى خُفَّيْهِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ الطَّهَارَةَ لِفِعْلِ مَا لَا يَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَجُمْلَةُ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَتَطَهَّرُ لَهَا أَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: مَا يَجِبُ فِيهِ طَهَارَةٌ وَلَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ كَالطَّوَافِ، وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَحَمْلِ المصحف وسجود السهو والسكر وَالتِّلَاوَةِ.
فَمَنْ تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَلَ يَنْوِي فِعْلَ شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَصَحَّ وضوءه وَغُسْلُهُ، لِأَنَّ الْحَدَثَ لَمَّا كَانَ مَانِعًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ كَالصَّلَاةِ صَارَ الْمُتَوَضِّئُ لَهُ كَالْمُتَوَضِّئِ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَصِحُّ فِعْلُهُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَيْسَ بِمَنْدُوبٍ فِيهِ إِلَى الطَّهَارَةِ كَالصِّيَامِ وَعُقُودِ الْمَنَاكِحِ وَالْبَيْعَاتِ وَلِقَاءِ السُّلْطَانِ وَالْخُرُوجِ إِلَى سَفَرٍ فَهَذِهِ كُلُّهَا أَعْمَالٌ تَصِحُّ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَيْسَ الْإِنْسَانُ مَنْدُوبًا فِيهَا إِلَى الطَّهَارَةِ فَإِذَا تَوَضَّأَ أَوِ اغْتَسَلَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَوُضُوؤُهُ وَغُسْلُهُ بَاطِلَانِ لَا يَرْتَفِعُ بِهِمَا حَدَثٌ وَلَا يُسْتَبَاحُ بِهِمَا صَلَاةٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ لَمْ يَكُنْ لِلطَّهَارَةِ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَهَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ فَهُوَ عَلَى حدثه ووضوء غَيْرُ مُجْزِئٍ وَلَكِنْ لَوْ تَوَضَّأَ لِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالتَّبَرُّدِ وَالتَّنَظُّفِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَجْزَأَهُ لِأَنَّ التَّبَرُّدَ وَالتَّنَظُّفَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهْ.
والضرب الثالث: ما يصح فعله طَهَارَةٍ لَكِنَّهُ مَنْدُوبٌ فِي فِعْلِهِ إِلَى الطَّهَارَةِ كَالْمُحْدِثِ إِذَا تَوَضَّأَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ طَاهِرًا أَوْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُقَامِ فِيهِ أَوْ لِدِرَاسَةِ الْعِلْمِ وَأَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَوْ لِأَنْ يُؤَذِّنَ أَوْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ لِأَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ أَوْ لِزِيَارَةِ قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَفِي صِحَّةِ وُضُوئِهِ وَارْتِفَاعِ حَدَثِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وُضُوءَهُ صَحِيحٌ وَحَدَثَهُ مُرْتَفِعٌ، لِأَنَّهُ وَضَوْءٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، فَأَشْبَهَ وُضُوءَهُ لِمَا لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، وَاسْتِشْهَادًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَلَوْ تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ أَوْ قِرَاءَةِ مُصْحَفٍ فَجَمَعَ بَيْنَ الْوُضُوءِ لِلْقِرَاءَةِ وَبَيْنَ الْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أَنَّ وُضُوءَهُ بَاطِلٌ وَحَدَثَهُ بَاقٍ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ لِمَا يَصِحُّ بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَأَشْبَهَ وُضُوءَهُ لِمَا لَمْ يُنْدَبْ فِيهِ إِلَى الْوُضُوءِ، وَحَمَلَ قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ تَوَضَّأَ لِنَافِلَةٍ أَوْ لِقِرَاءَةِ مُصْحَفٍ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَارِئَ فِي الْمُصْحَفِ إِذَا كَانَ حَامِلًا لَهُ.
وَمَنْ تَوَضَّأَ لِحَمْلِ مُصْحَفٍ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ لِأَنَّ حمل المصحف لا يجوز لمحدث (وعلى هذين الوجهين يَكُونُ الْجَوَابُ) فِيمَنْ تَوَضَّأَ يَنْوِي تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الطَّهَارَةِ مَنْدُوبٌ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست