responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 319
وروى داود بن صَالِحٌ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا جَاءَتْ عَائِشَةَ بِصَحِيفَةِ هَرِيسٍ، وَهِيَ قائمةٌ تُصَلِّي، فَإِذَا سُؤْرٌ أَخَذَ مِنْهَا لُقْمَةً فَدَوَّرَتْهَا عَائِشَةُ ثُمَ أَكَلَتْ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ ثَمَّ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال إِنَّهَا لَيْسَتْ بنجسٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا.
فَدَلَّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّ سُؤْرَ الْهِرِّ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَلَا مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَسْتَعْمِلُ نَجِسًا وَلَا مَكْرُوهًا، وَلِأَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ لَوْ أَصَابَ ثَوْبًا رَطْبًا لَمْ يُنَجِّسْهُ فَإِذَا أَصَابَ الْمَاءَ لَمْ يُنَجَّسْ كَالْهِرِّ طَرْدًا، وَالْكَلْبِ عَكْسًا، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَنْجَسْ بِمُلَاقَاةِ الْهِرِّ لَمْ يَنْجَسْ بِمُلَاقَاةِ السَّبْعِ كَالثَّوْبِ الرَّطْبِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ فَمِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نُطْقَهُ دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْقُلَّتَيْنِ، وَهُوَ عِنْدُهُمْ نَجِسٌ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى وُرُودِ الْكِلَابِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكَلْبَ يُسَمَّى سَبْعًا، وَالثَّانِي أَنَّ مَا وَرَدَتْهُ السِّبَاعُ مَعَ تَوَحُّشِهَا، وَقِلَّتِهَا كَانَ وُرُودُ الْكِلَابِ لَهَا مَعَ أُنْسِهَا وَكَثْرَتِهَا أَكْثَرَ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَمْنَعُ مِنَ الِاحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ وَتَوَقِّي الْأَنْجَاسِ فِي الطَّهَارَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا سَأَلَ عَنْهُ لَا يَقْتَضِي التَّنْجِيسَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَرَدَا عَلَى مَاءٍ فَسَأَلَ عَمْرُو صَاحِبَ الْمَاءِ هَلْ تَرِدُهُ السِّبَاعُ فَقَالَ عُمَرُ لَا تُخْبِرْهُ فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّبَاعِ، وَتَرِدُ السِّبَاعُ عَلَيْنَا.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْكَلْبِ بِعِلَّةِ أَنَّ لَبَنَهُ نَجِسٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي لَبَنِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ الطَّاهِرَةِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَحْرِيمِ شُرْبِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمَ الشُّرْبِ كَاللُّعَابِ فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ التَّعْلِيلُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَجِسٌ كَاللَّحْمِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْقِيَاسُ مُنْتَقِضًا بِالْهِرِّ لَبَنُهَا نَجِسٌ، وَسُؤْرُهَا طَاهِرٌ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْكَلْبِ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ، وَتَحْرِيمُ ثَمَنِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهِ الدَّالِّ عَلَى نَجَاسَةِ عَيْنِهِ فَمُنْتَقِضٌ بِبَنِي آدَمَ ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْأَكْلِ أَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ فِيمَا لَا يَكُونُ نَجِسًا مِنْ سُمُومِ النَّبَاتِ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست