responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 308
يُقْبَلْ تَخْصِيصُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ " فِي إِخْرَاجِ النِّسَاءِ مِنَ الْجُمْلَةِ، وَحَدِيثُ الْوُلُوغِ مُفَسَّرٌ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى تَفْسِيرِ رَاوٍ وَلَا غَيْرِهِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَمَّا الْمَعْنَى: وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْقِيَاسُ فِيهَا قَوِيًّا فَهُوَ أَنَّهُ تَطْهِيرٌ شَرْعِيٌّ فِي شَيْءٍ غَيْرِ مَرْئِيٍّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ فِيهِ مُعْتَبَرًا كَالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيِ الطَّهَارَةِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْعَدَدُ مُعْتَبَرًا فيه الحدث، وَلِأَنَّ كُلَّ عَدَدٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي الْوُلُوغِ كَانَ مُسْتَحِقًّا كَالثَّلَاثِ، وَلَا مَا اخْتَصَّ بِالْفَمِ مِنَ الْأَنْجَاسِ كَانَ مُغَلَّظًا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ كَالْخَمْرِ فِي اخْتِصَاصِ شُرْبِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " يَغْسِلُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا فَهُوَ أَنَّهُ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ الضَّحَّاكِ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ فَقَدْ رَوَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ قَالَ: فَاغْسِلُوهُ سَبْعًا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ بِالسَّبْعِ كَالْأَمْرِ بِالثَّلَاثِ فَلَمْ يَكُنْ حَمْلُ الثَّلَاثِ عَلَى الْإِيجَابِ دُونَ السَّبْعِ بِأُولَى مِنْ حَمْلِ السَّبْعِ عَلَى الْإِيجَابِ دُونَ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ كَقَوْلِهِ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ ثَلَاثَةٌ، وَتَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مَائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} مَعْنَاهُ وَيَزِيدُونَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ فُتْيَا أَبِي هُرَيْرَةَ بِالثَّلَاثِ فَهُوَ أَنَّهَا مَتْرُوكَةٌ بِرِوَايَتِهِ؛ لِأَنَّ فُتْيَاهُ إِذَا تَعَذَّرَتْ فَلَيْسَتْ بِحُجَّةٍ وَرِوَايَتُهُ إِذَا تفردت حُجَّةٌ، أَوْ تَكُونُ مَحْمُولَةً عَلَى إِنَاءٍ غُسِلَ أَرْبَعًا، وَبَقِيَ مِنَ السَّبْعِ ثَلَاثٌ، فَأَفْتَى بِالثَّلَاثِ اسْتِكْمَالًا لِلسَّبْعِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَنْجَاسِ فَهُوَ قِيَاسٌ يَرْفَعُ النَّصَّ، فَكَانَ مَرْدُودًا، ثُمَّ الْمَعْنَى فِي الْوُلُوغِ أَنَّهُ غِلَظٌ مِنْ بَيْنِ جِنْسِهِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِ، فَهُوَ قِيَاسٌ يَدْفَعُهُ النَّصُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ثُمَّ الْأَنْجَاسُ أَغْلَظُ مِنَ الْأَحْدَاثِ لِمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ فِيهَا، ثُمَّ هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْعَدَدِ الَّذِي اعْتَبَرُوهُ مِنَ الثَّلَاثِ، فَبَعْضُ أَصْحَابِهِمْ يَجْعَلُ الثَّلَاثَ اسْتِحْبَابًا، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا وَاجِبًا، فَكَذَلِكَ جَعَلْنَا الْعَدَدَ تَارَةً أَصْلًا عَلَى قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَتَارَةً فَرْعاً عَلَى قَوْلِ مَنِ اسْتَحَبَّهُ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِإِلْقَاءِ الْإِنَاءِ فِي نَهْرٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَجَاسَةِ الْإِنَاءِ إِذَا أُلْقِيَ فِي نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ، وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ غَسْلِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَزِمَ غَسْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ سِتَّ مَرَّاتٍ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ بِالتُّرَابِ، فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ الِاسْتِدْلَالُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيَّ أَنَّهُ يُطَهِّرُ وَيَصِيرُ كَأَنَّ الْكَلْبَ وَلَغَ فِيهِ وَهُوَ كَثِيرُ الْمَاءِ لَا يَنْجَسُ بِالْوُلُوغِ، لِأَنَّ الْعَدَدَ وَالتُّرَابَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُلْقَى فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِذَا عَدَلَ إِلَى غَيْرِهِ صَارَ بِمَثَابَةِ الْعَادِلِ عَنِ الْوُضُوءِ إِلَى الْغُسْلِ فِي سُقُوطِ الترتيب عنه.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 308
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست