responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 300
فَيَصِيرُ نَجِسًا، وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ لَمْ يُلَاقِ نَجِسًا ولا يَتَغَيَّرْ عَنْ صِفَتِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِيرَ نَجِسًا، فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا جَازَ عِنْدَكُمْ أَنْ يَلْتَقِيَ النَّجِسَانِ فَيَطْهُرَا جَازَ أَنْ يَلْتَقِيَ الطَّاهِرَانِ فَيَنْجُسَا، قِيلَ: وَلِمَ صَارَا كَذَلِكَ؟ وَمَا الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْتِقَاءُ النَّجِسَيْنِ مُوجِبًا لِلطَّهَارَةِ، كَانَ الْتِقَاءُ الطَّاهِرَيْنِ أَوْلَى أَنْ يُوجِبَ الطَّهَارَةَ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ جَنَابَةٍ " زِيَادَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ مِنْ طَرِيقٍ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَتْ مَحْمُولَةً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَلَا يَغْتَسِلُ مِنْهُ بَعْدَ التَّبَوُّلِ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِعْمَالِ قَدْ صَارَ مَسْلُوبَ التَّطْهِيرِ دُونَ الطَّهَارَةِ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّهُ لَمَّا سَلَبَهُ الِاسْتِعْمَالُ إِحْدَى صِفَتَيْهِ وَجَبَ أَنْ يَسْلُبَهُ الصِّفَةَ الْأُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالْمَاءِ إِذَا خَالَطَهُ مَائِعٌ، فَإِنَّهُ يَسْلُبُهُ التَّطْهِيرَ، وَلَا يَسْلُبُهُ الطَّهَارَةَ ثُمَّ الْمَعْنَى فِي التَّطْهِيرِ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ جاز أن تزول عنه الطهارة، لما لَمْ يَتَعَدَّ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَزُولَ عَنْهُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْمُزَالِ بِهِ النَّجَاسَةُ قُلْنَا فِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ وَعِنْدَنَا عَلَى الظَّاهِرِ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ طَاهِرٌ، ثُمَّ الْمَعْنَى فِيهِ لَوْ كَانَ نَجِسًا أَنَّهُ لَاقَى نَجِسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ: ضَابِطُ الْمَاءِ المستعمل)
فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا فِي حُكْمِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فَهُوَ مَا انْفَصَلَ عَنِ الْأَعْضَاءِ حَتَّى سَقَطَ فِي الْإِنَاءِ فَأَمَّا إِذَا جَرَى مِنْ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا صَارَ بِانْتِقَالِهِ مِنْ أَحَدِ أَعْضَاءِ حَدَثِهِ مُسْتَعْمَلًا فَإِذَا انْتَقَلَ إِلَى عُضْوٍ آخَرَ لَمْ يُطَهِّرْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَدَثِ قَدْ يَنْفَرِدُ بِحُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَهَلْ يَصِيرُ بِانْتِقَالِهِ عَنِ الْعُضْوِ إِلَى غَيْرِهِ مُسْتَعْمَلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أحدهما: أنه صَارَ مُسْتَعْمَلًا فَلَا يَرْفَعُ جَنَابَةَ الْعُضْوِ الَّذِي انْتَقَلَ إِلَيْهِ كَالْمُحْدِثِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِانْتِقَالِهِ إِلَى الْعُضْوِ الثَّانِي حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْ جَمِيعِ الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ بَدَنَ الْجُنُبِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ مِنْ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ، وَلِذَلِكَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِيهِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ الْعُضْوَ الْوَاحِدَ إِذَا انْتَقَلَ الْمَاءُ مِنْ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ حَتَّى عَمَّ جَمِيعَهُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ كَذَلِكَ فِي بَدَنِ الْجُنُبِ، فَلَوْ غَسَلَ الْمُحْدِثُ رَأْسَهُ كَانَ فِيمَا سَقَطَ عَنْ رَأْسِهِ مِنَ الْمَاءِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِي الرَّأْسِ مَسْحُهُ بِالْبَلَلِ الْبَاقِي عليه فلم يصير الْفَاضِلُ مِنْ غَسْلِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِبَعْضِ الْمَاءِ إِذَا حَصَلَ مُتَعَدِّيًا بِالِاسْتِعْمَالِ إِلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَ يَكْفِيهِ مُدٌّ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست