responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 298
الدَّلَالَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ أَعْضَاءَ الْمُحْدِثِ طَاهِرَةٌ غَيْرُ مُطَهِّرَةٍ، وَالْمَاءُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ، فَإِذَا اسْتُعْمِلَ فِي تَطْهِيرِ الْأَعْضَاءِ انْتَقَلَتْ صِفَةُ الْمَنْعِ إِلَى الْأَعْضَاءِ، لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى عَنْهُ التَّطْهِيرُ زَالَ عَنْهُ التَّطْهِيرُ، كَمَا لَوْ تَعَدَّتْ عَنْهُ الطَّهَارَةُ جَازَ أَنْ تَزُولَ عَنْهُ الطَّهَارَةُ، وَلِأَنَّهُ مَاءٌ أَدَّى بِهِ فَرْضَ الطَّهَارَةِ فَلَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّهَارَةِ كَالْمَاءِ الْمُزَالِ بِهِ النَّجَاسَةُ، وَلِأَنَّهُ إِتْلَافُ مَالٍ فِي إِسْقَاطِ فَرْضٍ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ فِي إِسْقَاطِ مِثْلِ ذَلِكَ الْفَرْضِ، قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَادَ ثَانِيَةً فِي كَفَّارَةٍ.
فأما الجواب عن قوله: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) {المائدة: 6) فَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مُسْتَحَقَّةٌ فِيهِ قَبْلَ وُجُودِ التَّطْهِيرِ، فَلَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَكْرَارِ التَّطْهِيرِ، بِخِلَافِ الْقَتْلِ. فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَسَلَ لُمْعَةً فِي مَنْكِبِهِ بِمَا عَصَرَهُ مِنْ شَعْرِهِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا انْفَصَلَ عَنِ الْعُضْوِ، وَمَا عَلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ جَرَى إِلَى عُضْوٍ آخَرَ طَهَّرَهُ فَكَذَا إِذَا جَرَى مِنْ شَعْرِهِ عَلَى مَنْكِبِهِ طَهَّرَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَسْلِهِ ثَانِيَةً وَمَاؤُهُمَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ مَسْحِ رَأْسِهِ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ فَهُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَزِيَادَةُ جَوَابٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّ مَا اسْتَرْسَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ لَا يَلْزَمُ إِمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، فَكَانَ مَا حَصَلَ فِي غَسْلِهَا غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ فَجَازَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الْمُسْتَعْمَلِ فِي تَبَرُّدٍ أَوْ تَنَظُّفٍ فَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ إِنْ لَمْ يَتَعَدَّ عَنِ التَّطْهِيرِ فَلَمْ يَسْلُبْهُ حُكْمَ التَّطْهِيرِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَنِ الطَّهَارَةِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرًا فِي الطَّهَارَةِ جَازَ أَنْ لَا يَزُولَ عَنْهُ صِفَةُ الطَّهَارَةِ وَلَمَّا كَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي التَّطْهِيرِ زَالَتْ عَنْهُ صِفَةُ التَّطْهِيرِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى التُّرَابِ وَالْأَرْضِ فَهُوَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى وَجْهِ الْإِتْلَافِ، فَجَازَ أَنْ يُعَادَ كَالطَّعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْمَاءُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهِ الْإِتْلَافِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ كَالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى مَا انْحَدَرَ مِنْ عُضْوٍ إِلَى عُضْوٍ فَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا انْفَصَلَ مِنَ الْأَعْضَاءِ، وَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهَا.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست