responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 284
لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ الْفَرْضِ عَنْ إِيصَالِهِ إِلَى مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ، قِيَاسًا عَلَى الْعَادِمِ لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ، وَلِأَنَّ أَعْضَاءَ الطَّهَارَةِ بِحَالٍ لَزِمَهُ تَطْهِيرُهَا فَلَمْ يَكُنْ فَقْدُ الطُّهُورِ فِي بَعْضِهَا مُوجِبًا لِسُقُوطِ تَطْهِيرِ بَاقِيهَا، قِيَاسًا عَلَى النَّجَاسَةِ إِذَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِهَا، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَكُنِ الْعَجْزُ عَنْ بَعْضِهِ عَجْزًا عَنْ جَمِيعِهِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْقِرَاءَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتُرُ مِنْ عَوْرَتِهِ مَا قَدَرَ وَيَقْرَأُ مَا أَحْسَنَ؛ وَلِأَنَّ سُقُوطَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إِذَا اخْتَصَّ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ لَمْ يَسْقُطِ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَاقِي الْأَعْضَاءِ، قِيَاسًا عَلَى صَاحِبِ الْقُرُوحِ، وَلِأَنَّ لِلْمَاءِ أَصْلًا يَنْتَقِلُ عَنْهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَلَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ يَقَعُ مُبَعَّضًا كَانَ وُجُودُ بَعْضِهِ مُوجِبًا لِلْمَصِيرِ إِلَيْهِ، قِيَاسًا عَلَى الْمُضْطَرِّ إِذَا وَجَدَ مَا يَسُدُّ بِهِ رَمَقَهُ مِنَ الطَّعَامِ يَلْزَمُهُ أَكْلُ ذَلِكَ الْبَعْضِ، قَبْلَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ مَا مَضَى مِنْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مُبْدَلٍ وَبَدَلٍ فَهُوَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَمَّا لَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ الْمَاءُ فَلَمْ يَكُنْ جَمْعًا بَيْنَ مُبْدَلٍ وَبَدَلٍ أَلَا تَرَاهُ لَوِ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ فِي بَعْضِ بَدَنِهِ ثُمَّ أَرَاقَهُ قَبْلَ إِتْمَامِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا بَقِيَ إِجْمَاعًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ مُبْدَلٍ وَبَدَلٍ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ وُجُودَ بَعْضِ الْمُبْدَلِ كَعَدَمِهِ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى بَدَلِهِ فَمُنْتَقَضٌ بِالْقَادِرِ عَلَى بَعْضِ الْقِرَاءَةِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْرَأَ بِقَدْرِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَسَبَّحَ بَدَلًا عَنِ الْبَاقِي، وَمُنْتَقَضٌ بالواجد لما يستر به بعض عورته لا يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الِاسْتِتَارِ بِهِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ بَعْضِ الرَّقَبَةِ وَبَعْضِ الْمَاءِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ أَنَّ الصَّوْمَ يَجِبُ عَنْ جَمِيعِ الرَّقَبَةِ وَلَا يَجِبُ عَنْ بَعْضِهَا، وَالتَّيَمُّمُ يَجِبُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَمَا يَجِبُ عَنْ جَمِيعِهَا.
وَالثَّانِي: قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ التَّكْفِيرَ يَكُونُ لِيَمِينٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَالطَّهَارَةَ تَكُونُ لِصَلَاةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَهُوَ لَا يَسْتَفِيدُ بِعِتْقِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ إِذَا صَامَ شَهْرَيْنِ فَائِدَةً، فَسَقَطَ عِنْدَ عِتْقِ بَعْضِهَا لدعم الْفَائِدَةِ فِيهِ، وَيَسْتَفِيدُ بِاسْتِعْمَالِ بَعْضِ الْمَاءِ إِذَا تَيَمَّمَ فَائِدَةً، وَهُوَ أَنْ يُتِمَّ بَاقِيَ أَعْضَائِهِ، وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِهِ، فَلَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ بَعْضِهِ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ فِيهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَاءَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوُضُوءِ عَلَى التَّبْعِيضِ وَالتَّجْزِئَةِ، لأنه يستعمله فِي عُضْوٍ دُونَ عُضْوٍ، فَجَازَ أَنْ يَتَبَعَّضَ فِي الْوُجُوبِ وَالْعِتْقُ لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّبْعِيضِ وَالتَّجْزِئَةِ فَلَمْ يَتَبَعَّضْ فِي الْوُجُوبِ.

(فَصْلٌ: تَقْدِيمُ اسْتِعْمَالِ مَا وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ)
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ أَصَحَّ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ مَا وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمُ لِمَا عَجَزَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ قَبْلَ التَّيَمُّمِ فَإِنْ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ،

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست