responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 281
وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: أَنَّ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فَرْضٌ؛ لِأَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: لا طهران فِي يَوْمٍ لَكِنَّ الْفَرْضَ مِنْهُمَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لَنَا، وَإِنَّمَا يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ فَرْضًا، وَبِالْأُخْرَى نَفْلًا لِتَكَافُئِهِمَا، وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ الدَّالِّ عَلَى الْفَرْضِ مِنْهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)
: قال الشافعي: " وَلَا يَتَيَمَّمُ صحيحٌ فِي مصرٍ لمكتوبةٍ وَلَا لجنازةٍ وَلَوْ جَازَ مَا قَالَ غَيْرِي يَتَيَمَّمُ لِلْجَنَازَةِ لِخَوْفِ الْفَوْتِ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِفَوْتِ الْجُمُعَةِ وَالْمَكْتُوبَةِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ لِفَوْتِ الْأَوْكَدِ كان من أن يجوز فيما دونه أبعد. وروي عن ابن عمر أنه كان لا يصلي على جنازةٍ إلا متوضئاً ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ الطَّهَارَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ مُسْتَحَقَّةٌ كَمَا تُسْتَحَقُّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَحُكِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَرَاحِيلَ الشعبي عن دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ الطَّبَرِيِّ: أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ دُعَاءٌ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَهَارَةٍ. وَقَالَ أبو حنيفة: الطَّهَارَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَاجِبَةٌ لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إِذَا خَافَ فَوَاتَهَا، وَكَذَلِكَ قَالَهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لَهَا إِذَا خَافَ فَوَاتَهَا مَعَ الْإِمَامِ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرَّ بِهِ رجلٌ فِي سكةٍ مِنَ السِّكَكِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَتَوَارَى فِي السِّكَّةِ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الرَّجُلِ السَّلَامَ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ عَلَى طُهْرٍ فَمِنْهُ دَلِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا تَيَمَّمَ بِالْمَدِينَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ السَّلَامِ كَانَ تَيَمُّمُهُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْجِنَازَةِ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ التَّيَمُّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ طَهُورًا فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الصَّلَاةِ بِهِ جَائِزًا، قَالُوا: وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِهَا إِلَّا بِالتَّيَمُّمِ، فَاقْتَضَى بِأَنْ يُجْزِئَهُ، كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ تَجِبُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ بِالْمَاءِ إِلَى تِلْكَ الصَّلَاةِ سَقَطَ عَنْهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ كَالْحَائِضِ.
وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ صَلَاةٌ شرعية؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فُرِضَ عَلَى أُمَّتِي غَسْلُ مَوْتَاهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا " وإذا ثبت صَلَاةٌ لَزِمَتْهُ الطَّهَارَةُ، بِخِلَافِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بَغَيْرِ طهورٍ "، وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ لَهَا لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهَا؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) {المائدة: 6) . فَاقْتَضَى اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ إِلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (المائدة: 6) ، إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وَهَذَا غَيْرُ مَرِيضٍ وَلَا مُسَافِرٍ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَلِأَنَّهَا حَالَةٌ لَا يَسْتَبِيحُ فِيهَا الْفَرَائِضَ بِالتَّيَمُّمِ، فَلَمْ يَسْتَبِحْ غَيْرَ الْفَرَائِضِ بِالتَّيَمُّمِ، أَصْلُهُ إِذَا كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ اسْتِبَاحَةُ الْجَنَائِزِ كَالْمُحْدِثِ، وَلِأَنَّ كُلَّ شَرْطٍ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست