responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 263
إِلَى الصَّلَاةِ، وَالْقِيَامُ إِلَيْهَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَلَمَّا خَرَجَ بِالدَّلِيلِ جَوَازُ الْوُضُوءِ، قَبْلَ الْوَقْتِ بَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا لِلْفَرِيضَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ قِيَاسًا عَلَى طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَلِأَنَّهُ تَيَمَّمَ فِي حَالِ اسْتِغْنَائِهِ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَلَمْ يَجُزْ كالتيمم مع وجود الماء ثم انقلب، وَلِأَنَّ كُلَّ بَدَلٍ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَ لُزُومِ الْأَصْلِ قِيَاسًا عَلَى التَّكْفِيرِ بِالصِّيَامِ قَبْلَ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَجُوزُ فِي حَالَيْنِ فِي الْمَرَضِ وَالْعُذْرِ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ قَبْلَ زَمَانِ الْمَرَضِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ زَمَانِ الْعُذْرِ، وَتَحْرِيرُهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدَّمَ التَّيَمُّمَ عَلَى الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ مَا مَضَى مِنْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى مَا بَعْدَ الوقت فالمعنى فيه أنه تيمم عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْوُضُوءِ فَالْمَعْنَى فِيهِ جَوَازُهُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى النَّوَافِلِ فَالْمَعْنَى فِيهِ جَوَازُ فِعْلِهَا عَقِيبَ التَّيَمُّمِ لَهَا.

(فَصْلٌ)
: وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ طَلَبُ الْمَاءِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِهِ، وَقَالَ أبو حنيفة: الطَّلَبُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِذَا فَقَدَ الْمَاءَ جَازَ التَّيَمُّمُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ تَعَلَّقَ وُجُوبُهَا بِوُجُودِ شَرْطٍ لَمْ يَلْزَمْ طَلَبُ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَالْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَالزَّكَاةِ، فَكَذَلِكَ الْمَاءُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ، قَالَ: وَلِأَنَّهُ تَيَمَّمَ عَنْ عَدَمٍ فَصَحَّ تَيَمُّمُهُ كَالْعَادِمِ بَعْدَ الطَّلَبِ. وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) {المائدة: 6) فَأَبَاحَ التَّيَمُّمَ بَعْدَ الْوُجُودِ، وَالْوُجُودُ هُوَ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّ اللِّسَانَ يَقْتَضِيهِ وَعُرْفُ الْخِطَابِ يُوجِبُهُ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ اشْتَرِ لَحْمًا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَشَحْمًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّحْمَ قَبْلَ طَلَبِ اللَّحْمِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ الْوُجُودُ بِطَلَبٍ، وَغَيْرِ طَلَبٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً) {الكهف: 49) . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَطْلُبُوا سَيِّئَاتِ أَعْمَالِهِمْ قَبْلَ الْوُجُودِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى طَلَبٍ، وَمَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ إِنَّمَا هِيَ فِي عَدَمِ الْوُجُودِ، لَا فِي الْوُجُودِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَنْفَذَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَلَبِ الْمَاءِ ثُمَّ تَيَمَّمَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّلَبَ شَرْطٌ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست