responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 252
قال الماوردي: المحدث لعدم الماء، ثم وجده قبل دخوله فِي الصَّلَاةِ، بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَلَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مُغْتَسِلًا بِهِ إِنْ كَانَ جُنُبًا، وَمُتَوَضِّئًا بِهِ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وحكي عن أبي سلمة ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالشَّعْبِيِّ أَنَّ تَيَمُّمَهُ صَحِيحٌ، لَا يَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ وُجُودَ الْمُبْدَلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْبَدَلِ لَا يَقْتَضِي الِانْتِقَالَ إِلَيْهِ كَالْمُكَفِّرِ إِذَا وَجَدَ الرَّقَبَةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصِّيَامِ، وَدَلِيلُنَا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَبِي ذَرٍّ: " الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طهورٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ وَهَذَا وَاجِدٌ لَهُ، وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يُرَادُ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِهِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْمَقْصُودِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، كَالْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ ثُمَّ بَانَ لَهُ النص قبل تنفيذ الحكم، وهذا الْمَعْنَى فَارَقَ مَا اسْتَشْهَدُوا بِهِ مِنَ الصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ لَهَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَالتَّيَمُّمُ إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أداء المقصود.

(مسألة)
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولِهِ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا دَخَلَ الْمُتَيَمِّمُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي تَضَاعِيفِهَا، وَقَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ بِرُؤْيَتِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.
وَقَالَ أبو حنيفة: قَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ، قال العباس ابن سُرَيْجٍ، وَمَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ أَحَبُّ إِلَيْنَا، وَالْمُزَنِيُّ سَوَّى بَيْنَ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَالْعِيدَيْنِ فِي بُطْلَانِهَا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ، وأبو حنيفة فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَأَبْطَلَ بِرُؤْيَةٍ صَلَاةَ الْفَرْضِ دُونَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالنَّفْلِ، وَفَرَّقَ أبو حنيفة أَيْضًا بَيْنَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَبَيْنَ سُؤْرِ الْحِمَارِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَأَنَّهُ كَالْحَدَثِ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) {المائدة: 6) . فَلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ تَعَالَى لِلتَّيَمُّمِ حُكْمًا مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وبقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَبِي ذَرٍّ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ. وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ حَالِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، قَالُوا: ولأن كلما أَبْطَلَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَبْطَلَهُ فِي الصَّلَاةِ كَالْحَدَثِ، وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَرْتَفِعَ حُكْمُهَا بِزَوَالِ الضَّرُورَةِ كَالْمُسْتَحَاضَةِ إِذَا ارْتَفَعَتِ اسْتِحَاضَتُهَا، وَلِأَنَّهُ مَسْحٌ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِظُهُورِ أَصْلِهِ، كَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ يَبْطُلُ بِظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ، وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا جَازَ أَدَاؤُهَا بالعذر على

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست