responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 197
وَدَاوُدُ لَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ الدُّبُرِ اسْتِدْلَالًا بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَخَصَّ الذَّكَرَ بِالْحُكْمِ.
وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ الْوُضُوءُ "، وَاسْمُ الْفَرْجِ يُطْلَقُ عَلَى الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ جَمِيعًا، وَلِأَنَّهُ أَحَدُ سَبِيلَيِ الْحَدَثِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَسُّهُ حَدَثًا كَالْقُبُلِ، فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الدُّبُرِ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسِّ الْحَلْقَةِ دُونَ مَا قَارَبَهَا وَاتَّصَلَ بِهَا، وَهَكَذَا الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ يَتَعَلَّقُ بِهِ دُونَ مَا قَارَبَهُ مِنَ الْعَانَةِ أَوِ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: مَسُّ الْخُصْيَةِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالذَّكَرِ تَعَلُّقًا بِمَا رَوَاهُ عَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ ". هَذَا الَّذِي قَالَهُ مَرْفُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفَتْ فِي مَسِّ الْفَرْجِ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعَ عَدَمِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا سِوَاهُ، وَالْخَبَرُ مَوْقُوفٌ عَلَى عُرْوَةَ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.

(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ مَسَّ الْفَرْجَيْنِ قُبُلًا وَدُبُرًا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ نَقْضُ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ دُونَ ظَاهِرِهَا، وَقَالَ عَطَاءٌ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِذَا مَسَّهُ بِظَاهِرِ كَفِّهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ كَمَا لَوْ مَسَّهُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: " إِذَا مَسَّهُ بِأَحَدِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ " وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ وأحمد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ " وَظَاهِرُ الْيَدِ مِنَ الْيَدِ، وَلِأَنَّهُ مَسَّ فَرْجَهُ بِيَدِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْقُضَ وُضُوءَهُ كَمَا لَوْ مَسَّ رَاحَتَهُ، وَجَعَلَ الْأَوْزَاعِيُّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ قِيَاسًا عَلَى الْيَدِ.
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ ".
قال الشافعي رضي الله عنه: وَالْإِفْضَاءُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِبَاطِنِ الْكَفِّ.
وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ الْيَدُ فِي مَسِّهِ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ دُونَ سَائِرِ الْجَسَدِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِحُصُولِ اللَّذَّةِ الْمُقْتَضِي إِلَى نَقْضِ الطُّهْرِ وإما لأن الْيَدُ آلَةُ الطَّعَامِ فَخِيفَ تَنَجُّسُهَا بِآثَارِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ مُخْتَصٌّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ دُونَ ظَاهِرِهَا كَمَا كَانَ مُخْتَصًّا بِالْيَدِ دُونَ غَيْرِهَا، وَفِيهِ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ انْفِصَالٌ، فَإِذَا ثَبَتَ اخْتِصَاصُ نَقْضِ الْوُضُوءِ فِي مَسِّ الْفَرْجِ بِبَاطِنِ الْكَفِّ دُونَ ظَاهِرِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ بُطُونِ الرَّاحَةِ أَوْ بُطُونِ الْأَصَابِعِ لِاسْتِوَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الِالْتِذَاذِ بِمَسِّهِ، فَأَمَّا مَسُّهُ بِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجْرِي مَجْرَى ظَاهِرِ الْكَفِّ أَوْ بَاطِنِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى بَاطِنِ الْكَفِّ وَأَنَّ الْوُضُوءَ يَنْتَقِضُ بِمَسِّ الْفَرْجِ بِهَا لِأَنَّهَا بِبَاطِنِ الْكَفِّ أَشْبَهُ مِنْهَا بِظَاهِرِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ نَصًّا أَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى ظَاهِرِ الْكَفِّ وَأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي الْمَسِّ بِهَا لِفَقْدِهَا اللَّذَّةِ مِنْهَا، وَكَانَ أَبُو الْفَيَّاضِ يَقُولُ إِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِمَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ مُسْتَقْبِلًا لِعَانَتِهِ بِبَاطِنِ كَفِّهِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ كَانَ

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست