responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 181
لَا تَكُونُ سَبِيلًا إِلَيْهِ انْتَفَى الْحُكْمُ عَنْهُ، وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ نَامَ جَالِسًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَمَنْ وَضَعَ جَنْبَهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ " وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤسهم ثم يصلون ولا يتوضؤن. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ، ثُمَّ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ قَلِيلُهُ حَدَثًا لَمْ يَكُنْ كَثِيرُهُ حَدَثًا كَالْكَلَامِ طَرْدًا وَالصَّوْتِ وَالرِّيحِ عَكْسًا، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ الْمُزَنِيِّ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ فَهُوَ أنه لَمَّا جَمَعَ فِي حَدِيثِهِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالنَّوْمِ وَكَانَ الْبَوْلُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَهِيَ حَالُ السَّلَامَةِ دُونَ سَلَسِ الْبَوْلِ لَمْ يُمْنَعْ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِسَائِرِ الْأَحْدَاثِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقٌ إِلَيْهِ، وَمَا سِوَى النَّوْمِ حَدَثٌ فِي نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ حَدَثًا لَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ مِنْ تَسْوِيَةِ النَّوْمِ فِي الْأَحْوَالِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ (وَلَوْ صِرْنَا إِلَى النَّظَرِ لَكَانَ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ تَوَضَّأَ بِأَيِّ حَالَاتِهِ كَانَ) يَعْنِي أَنَّ الْقِيَاسَ كَانَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَدَثًا لِتَعَلُّقِ الْوُضُوءِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ.
وَلَكِنِ انْصَرَفَ تَعْلِيلُ النَّصِّ عَنْ أَنْ يَكُونَ حَدَثًا لِتَعَلُّقِ الْوُضُوءِ إِلَيْهِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْحَالِ الَّذِي يَكُونُ سَبِيلًا إِلَيْهِ دُونَ الْحَالِ الَّذِي لَا يَكُونُ سَبِيلًا إِلَيْهِ.
قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي النَّظَرِ فِي مَعْنَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ فَكَذَلِكَ النَّائِمُ عَلَى مَعْنَاهُ كَيْفَ كَانَ توضأ. الجواب عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْإِغْمَاءُ حَدَثًا بِعَيْنِهِ فَاسْتَوَى حُكْمُهُ فِي الْأَحْوَالِ وَالنَّوْمُ سَبَبٌ إِلَيْهِ فَاخْتَلَفَ حُكْمُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ النَّوْمَ أَخَفُّ حالاً من الإغماء لأنه قد يتنبه بِمَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فَاخْتَلَفَ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْإِغْمَاءُ أَغْلَظُ حَالًا لِأَنَّهُ لَا يَنْتَبِهُ بِمَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِ فَاسْتَوَى حُكْمُهُ فِي الْأَحْوَالِ.

(فَصْلٌ)
: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا لَمْ يَخْلُ حَالُ النَّائِمِ قَاعِدًا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُحْتَبِيًا فَإِنْ جَلَسَ مُتَرَبِّعًا فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ حِفْظِ الْأَرْضِ لِسَبِيلِهِ وَإِنْ جَلَسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ رَافِعًا لِرُكْبَتَيْهِ مُحْتَبِيًا عَلَيْهَا بِبَدَنِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالْمُتَرَبِّعِ فِي سُقُوطِ الْوُضُوءِ عَنْهُ لِالْتِصَاقِ أَلْيَتِهِ بِالْأَرْضِ.

اسم الکتاب : الحاوي الكبير المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست