responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 60
وَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي وُقُوتِ الصَّلَاةِ كَفِعْلِ الْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّأِ رَأَى أَنَّ الْخِطَابَ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَادَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ، ثُمَّ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ أَوْ ذَكَرُوهَا بَعْدَ الْعَقَائِدِ اخْتَلَفَتْ آرَاؤُهُمْ فِيمَا يُقَدِّمُونَ مِنْ أَنْوَاعِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ عَمَلِ الْوُضُوءِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ كَالرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَيْهِ عَادَةً وَمِنْهُمْ مَنْ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ، وَهُوَ الْمَاءُ فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ هُوَ وَلَا بَدَلُهُ لَا تُوجَدُ الطَّهَارَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ سَابِقًا عَلَى الْكَلَامِ فِيهَا لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ وَاسْتَدْعَى الْكَلَامُ فِيهِ الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَالنَّجَسِ مِنْهَا لِكَيْ يُعْلَمَ مَا يُنَجِّسُ الَّذِي بِهِ تَكُونُ الطَّهَارَةُ وَمَا لَا يُنَجِّسُهُ وَمَا يَمْنَعُ التَّلَبُّسُ بِهِ مِنْ التَّقَرُّبِ بِالصَّلَاةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا كَالطَّوَافِ وَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ سَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لِبَيَانِ حَقَائِقَ سِتَّةٍ بَلْ سَبْعَةٍ وَهِيَ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ وَالطَّاهِرُ وَالنَّجَسُ وَالطَّهُورِيَّةُ وَالتَّطْهِيرُ وَالتَّنْجِيسُ وَالتَّرْجَمَةُ الْمُضَافُ إلَيْهَا الْبَابُ هُنَا الطَّهَارَةُ وَعَلَيْهَا نَقْتَصِرُ عَلَى بَيَانِهَا وَمَا لِلِاخْتِصَارِ فَنَقُولُ الطَّهَارَةُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهِيَ لُغَةً النَّزَاهَةُ وَالنَّظَافَةُ مِنْ الْأَدْنَاسِ وَالْأَوْسَاخِ وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي التَّنْزِيهِ عَنْ الْعُيُوبِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ لَهُ فَالْأُولَيَانِ مِنْ خَبَثٍ وَالْأَخِيرَةُ مِنْ حَدَثٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ رَأَى أَنَّ الْخِطَابَ بِالطَّهَارَةِ) أَيْ بِالْأَمْرِ الْمُحَصِّلِ لَهَا أَوْ أَرَادَ بِالطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ غَيْرَ مَا أَرَادَ ابْنُ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الْخِطَابَ أَيْ الْخِطَابُ بِهَا أَيْ طَلَبُهَا الْآتِي عَلَى طَرِيقٍ هِيَ الْوُجُوبُ مِنْ إتْيَانِ الْجِنْسِ عَلَى أَحَدِ أَنْوَاعِهِ أَيْ فِي أَحَدِ أَنْوَاعِهِ فَالْوُجُوبُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَادَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ رَجَعَ إلَى الْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ أَيْ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي لَهَا ارْتِبَاطٌ بِالطَّهَارَةِ وَتَعَلُّقٌ بِهَا وَقَوْلُهُ، ثُمَّ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ أَيْ بِالْأَحْكَامِ الَّتِي لَهَا ارْتِبَاطٌ بِالطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ابْتَدَءُوا بِالطَّهَارَةِ) أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَى الْعَقَائِدِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَكَرُوهَا بَعْدَ الْعَقَائِدِ انْتِقَالٌ لِمَا هُوَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْوَاعِهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ أَرَادَ بِأَنْوَاعِهَا مَالَهُ ارْتِبَاطٌ بِهَا الْمُبَيَّنُ بِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ عَمَلِ الْوُضُوءِ) أَيْ عَمَلٍ هُوَ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ سَابِقٌ عَلَيْهِ عَادَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ يَكُونُ قَطْعًا مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَلَا يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ عَلَيْهِ عَادَةً وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّاقِضِ الْمُوجِبَ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَبِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ أَيْ بِسَبَبِ الطَّهَارَةِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ أَوْ أَرَادَ بِهَا التَّطْهِيرَ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِذِكْرِ مَا يَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ (قَوْلُهُ لَا تُوجَدُ الطَّهَارَةُ) أَيْ سَبَبُهَا مِنْ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ أَسْبَابِهَا (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ حَقَائِقَ سِتَّةٍ بَلْ سَبْعَةٌ) اُنْظُرْ الْمُنْتَقَلَ عَنْهُ الَّذِي هُوَ السِّتَّةُ مَا هِيَ مِنْ السَّبْعَةِ وَلَعَلَّهُ مَا عَدَا الطَّهُورِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا مُقَابِلٌ وَسَكَتَ عَنْ النَّجَسِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي الشَّرْعِ وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ لَقِيلَ فِي رَسْمِهَا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَ الْمُلْقَى هُوَ فِيهِ نَجَسًا.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَقْتَصِرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ إتْمَامَ الْفَائِدَةِ بِذِكْرِ الْبَاقِي فَنَقُولُ الطَّاهِرُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَةٍ حُكْمِيَّةٍ أَوْجَبَتْ لَهُ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَالنَّجِسُ بِكَسْرِ الْجِيمِ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِصِفَةٍ حُكْمِيَّةٍ أَوْجَبَتْ لَهُ مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَحَدُّ الطَّهُورِيَّةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَهِيَ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَوَاصِّ الْمَاءِ لَا تَتَعَدَّاهُ لِسَائِرِ الْمَائِعَاتِ إجْمَاعًا صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا كَوْنَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ طَاهِرًا وَضَمِيرُ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْمَوْصُوفِ وَضَمِيرِ نَجَاسَتِهِ يَعُودُ عَلَى أَلْ الْمَوْصُولَةِ وَنَجَاسَتُهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَطَاهِرًا خَبَرُ صَارَ فَالْمَوْصُوفُ بِالطَّهُورِيَّةِ هُوَ الْمَاءُ وَالْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ هُوَ الثَّوْبُ مَثَلًا فَالطَّهُورِيَّةُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا الَّذِي هُوَ الْمَاءُ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمُزَالُ بِهِ نَجَاسَتُهُ، وَهُوَ الثَّوْبُ مَثَلًا بِذَلِكَ الْمَاءِ طَاهِرًا وَحَدُّ التَّطْهِيرِ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ أَوْ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَمِنْهُ يُتَعَقَّلُ حَدُّ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ التَّنْجِيسُ فَيُقَالُ هُوَ إلْقَاءُ النَّجَسِ بِطَاهِرٍ، وَأَمَّا الطُّهَارَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ فَهِيَ فَضْلَةُ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْفَضْلَةِ طُهُورِيَّةٌ بِضَمِّ الطَّاءِ أَيْضًا، وَأَمَّا الطِّهَارَةُ بِالْكَسْرِ فَهِيَ مَا يُضَافُ إلَى الْمَاءِ مِنْ صَابُونٍ أَوْ غَاسُولٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ وَالنَّظَافَةُ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَالْأَوْسَاخِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ جَمْعُ وَسَخٍ مَا عَلَى الثَّوْبِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ قِلَّةِ التَّعَهُّدِ (قَوْلُهُ وَتُسْتَعْمَلُ مَجَازًا) أَيْ مَجَازَ اسْتِعَارَةٍ تَبِعَ فِيهِ الْحَطَّابَ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي النَّظَافَةِ وَالْخُلُوصِ مِنْ الْأَدْنَاسِ حِسِّيَّةً كَانَتْ كَالْأَنْجَاسِ أَوْ مَعْنَوِيَّةً كَالْعُيُوبِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] أَيْ مُخَلِّصُك مِنْ أَدْنَاسِهِمْ {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل: 56] أَيْ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الْعَيْبِ
وَحِينَئِذٍ فَلَفْظُ الطَّهَارَةِ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ الرَّصَّاعُ وتت فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَلَّابِ (قَوْلُ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ أَوْ لِلتَّرْدِيدِ وَالتَّرْدِيدُ يُنَافِي التَّحْدِيدَ وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّرْدِيدَ فِي مُتَعَلِّقِ الْحَدِّ لَا فِي الْحَدِّ نَفْسِهِ فَيُقَالُ أَنَّ الصُّفَّةَ الْحُكْمِيَّةَ أَوْجَبَتْ جَوَازَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ بِالْإِطْلَاقِ إمَّا بِشَيْءٍ أَوْ فِي شَيْءٍ أَوْ لِشَيْءٍ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ أَيْضًا مَا يَرِدُ مِنْ أَنَّ فِيهِ جَمْعَ حَقَائِقَ فِي حَدٍّ وَاحِدٍ، وَهُوَ طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَمْعَ فِي الْمُتَعَلِّقِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ فِي قُوَّةِ تَعَارِيفَ لِكَوْنِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ

اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست