responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 59
فَابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ بِبَيَانِ بَدْءِ الْوَحْيِ لِقَصْدِ بَيَانِ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَابْتَدَأَ مُسْلِمٌ بِكِتَابِ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ تَقَرَّرَتْ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ أَحْكَامِهَا الْأُصُولِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَصَدَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ بِالْكَلَامِ فِي الْعَقَائِدِ وَمَنْ لَمْ يَبْتَدِئْ بِبَيَانِ الْعَقَائِدِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي فُرُوعِ الدِّينِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَقَرُّرِ الْعَقَائِدِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَا هُوَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ أَوْ جُلُّهُمْ ابْتَدَءُوا بِالْكَلَامِ فِي أَوَّلِ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ رُكْنِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ تَبَرُّكًا بِالْحَدِيثِ وَلِأَنَّهَا مِنْ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ، ثُمَّ لَا يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّ مَقَاصِدَهُمْ اخْتَلَفَتْ هُنَا أَيْضًا فَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ رَأَوْا أَنَّهَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الَّتِي بِهِ تُدْخَلُ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ بِبَيَانِ بَدْءِ الْوَحْيِ) أَيْ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ أَيْ فَابْتَدَأَ الْبُخَارِيُّ بِبَيَانِ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ الْوَحْيُ لُغَةً الْإِعْلَامُ فِي خَفَاءٍ وَفِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ إعْلَامُ اللَّهِ تَعَالَى أَنْبِيَاءَهُ الشَّيْءَ إمَّا بِكِتَابٍ أَوْ رِسَالَةِ مَلَكٍ أَوْ مَنَامٍ أَوْ إلْهَامٍ أَيْ تَبْيِينِ الْحَالِ الْوَاقِعِ فِي ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ «فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 2] {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 3] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ) أَيْ أَصْلِ الشَّرِيعَةِ الَّذِي هُوَ الْوَحْيُ الْأَوَّلُ وَجُمِعَ لِعِظَمِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَحْيَ الْأَوَّلَ أَسَاسُ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصْلِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ إلَخْ أَيْ الْمُحْتَوِي عَلَى الشَّرِيعَةِ وَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ أَيْ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ أَسَاسُهَا (قَوْلُهُ تَقَرَّرَتْ) أَيْ ثَبَتَتْ حَقِيقَتُهَا بِالْوَحْيِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَحْكَامِهَا) أَيْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ فَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَيُرَادُ بِالْأَحْكَامِ الْأُصُولِيَّةِ الْأَحْكَامُ الِاعْتِقَادِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْفَرْعِيَّةِ) هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ وَالْأُصُولِيَّةُ نِسْبَةً لِلْأُصُولِ مِنْ نِسْبَةِ الْخَاصِّ لِلْعَامِّ إنْ أُرِيدَ بِالْأُصُولِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا مُطْلَقُ أُصُولٍ أَوْ مِنْ نِسْبَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ لِقَصْدِ الْمُبَالَغَةِ إنْ أُرِيدَ الْقَوَاعِدُ الْمَعْلُومَةُ وَقَوْلُهُ وَالْفَرْعِيَّةُ مِنْ نِسْبَةِ الْجُزْئِيَّاتِ لِكُلِّيِّهَا وَالْفَرْعُ هُوَ الْحُكْمُ الْمُسْتَنْبَطُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ وَلْنُمْسِكْ عِنَانَ الْقَلَمِ عَنْ التَّطْوِيلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهَا الْأُصُولِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فِي ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ) أَيْ مِنْ أَجْلِ ابْتِدَاءِ رِسَالَتِهِ بِالْكَلَامِ إلَخْ أَيْ مِنْ أَجْلِ جَمْعِهِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُبْتَدِئًا بِالْكَلَامِ أَيْ التَّكَلُّمِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فِي فُرُوعِ الدِّينِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ أَيْ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ أَيْ التَّكَلُّمَ الْمُحْتَاجَ لَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَتْ الْعَقَائِدُ أَيْ اُعْتُقِدَتْ وَجُزِمَ بِهَا جَزْمًا مُطَابِقًا لِلْحَقِّ عَنْ دَلِيلٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِهَا، وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِبَيَانِ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ، وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ أَيْ التَّقْرِيرُ بِمَعْنَى عِلْمِهَا وَاعْتِقَادِهَا بِالدَّلِيلِ، وَإِضَافَةُ فُرُوعٍ إلَى الدِّينِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ إلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الدِّينَ مَجْمُوعُ الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ) فَقِيلَ أَوَّلُ وَاجِبٍ مَعْرِفَةُ اللَّهِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ
وَاجْزِمْ بِأَنَّ أَوَّلًا مِمَّا يَجِبُ
مَعْرِفَةُ إلَخْ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا تَقَرُّرُ عَقَائِدَ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَتَضَمَّنُ مَعْرِفَةَ وُجُودِهِ وَمَعْرِفَةَ قِدَمِهِ وَمَعْرِفَةَ بَقَائِهِ وَقِيلَ الْوَاجِبُ الْأَوَّلُ النَّظَرُ وَقِيلَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ النَّظَرِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ جُلُّهُمْ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِلشَّكِّ أَوْ الْإِضْرَابِ (قَوْلُهُ بِالْكَلَامِ) أَيْ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ أَرْكَانِ) أَيْ فِي أَحْكَامِ أَوَّلِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْفُرُوعِ) أَيْ فَالصَّلَاةُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفُرُوعَ هِيَ الْأَحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ وَأَرْكَانُهَا خَمْسَةٌ فَالرُّكْنُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ الصَّلَاةُ وَجَعَلَهَا أَرْكَانًا لِلْفُرُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ إثْبَاتَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى إقَامَتِهَا (قَوْلُهُ الَّتِي بُنِيَ) صِفَةُ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ مِنْ بِنَاءِ الْكُلِّ عَلَى مُعْظَمِ أَجْزَائِهِ أُرِيدَ بِالْإِسْلَامِ الْإِسْلَامُ الْكَامِلُ، وَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَعْمَالِ الشَّامِلِ لِلْخَمْسَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ أُرِيدَ بِهِ النَّاقِصُ، وَهُوَ الْإِذْعَانُ الظَّاهِرِيُّ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِذْعَانِ الْبَاطِنِيِّ (قَوْلُهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ) أَيْ أَوَّلُ أَرْكَانِ الْفُرُوعِ الصَّلَاةُ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ رُكْنِ الْأَصْلِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بَعْدَ رُكْنٍ هُوَ الْأَصْلُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ تَبَرُّكًا إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ ابْتَدَءُوا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهَا مِنْ الدِّينِ) أَيْ وَلِأَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الدِّينِ كَالرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ فَكَمَا لَا نِظَامَ لِلْجَسَدِ بِدُونِ الرَّأْسِ بَلْ يَتْلَفُ بِتَلَفِ الرَّأْسِ كَذَا لَا نِظَامَ لِلْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ بِدُونِ الصَّلَاةِ إذْ بِضَيَاعِ الصَّلَاةِ تَضِيعُ الْأَحْكَامُ أَيْ فَتُنْسَى فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَبِحِفْظِهَا تُحْفَظُ الْأَحْكَامُ أَيْ لَا تُنْسَى فَيُنْتَفَعُ بِالْعَمَلِ بِهَا وَأَرَادَ بِالدِّينِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مِنْ كُلِّ طَاعَةٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا يَتَحَدَّثُونَ بَعْدَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي الْغَالِبِ إلَخْ أَيْ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لَا يَتَكَلَّمُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ (قَوْلُهُ هُنَا أَيْضًا) أَيْ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهِ فِي الْعَقَائِدِ (قَوْلُهُ فَمَنْ ابْتَدَأَ بِالْكَلَامِ فِي الطَّهَارَةِ) أَيْ مُتَعَلِّقَاتِ الطَّهَارَةِ وَسَيَأْتِي تَعْرِيفُ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الْأَوَّلُ الْمُبَيَّنُ بِقَوْلِهِ فَالْبُخَارِيُّ ابْتَدَأَ بِكَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ الَّتِي) أَيْ الصَّلَاةُ تُدْخَلُ أَيْ بِالْمِفْتَاحِ أَيْ يُدْخَلُ فِيهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْمِفْتَاحِيَّةُ عِبَارَةً عَنْ الشَّرْطِيَّةِ بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ وَالْكَلَامُ فِي الشَّرْطِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الْمَشْرُوطِ

اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست