responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 57
وَلِأَنِّي مُؤَلِّفٌ وَكُلُّ مُؤَلِّفٍ لَا يَنْجُو مِنْ السُّقُوطِ فِي التَّحْرِيفِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْعَثَرَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَقَلَّمَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ اعْتِذَارُك مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي كِتَابِك يَقْتَضِي أَنَّك عَالِمٌ بِهِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَك ذَلِكَ حَتَّى تَعْتَذِرَ وَإِذَا عَلِمْته فَأَصْلِحْهُ وَلَا تَعْتَذِرْ وَتَطْلُبْ مِنْ غَيْرِك بِهَذَا التَّذَلُّلِ فَقَالَ لَهُ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ عَلَى التَّعْيِينِ وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ التَّصْنِيفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَقَلَّمَا إلَخْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَقَلَّمَا وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ لَامِ التَّعْلِيلِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُصُ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ وَيَجُوزُ فِي مُصَنِّفٍ وَمُؤَلِّفٍ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ.
ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا كَافَّةً لِقَلَّ عَنْ الطَّلَبِ لِلْفَاعِلِ وَحِينَئِذٍ تُكْتَبُ مُتَّصِلَةً بِقَلَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةٌ فَيَجُوزُ فِيهَا الِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ وَالْفَاعِلُ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ مِنْهَا وَمِنْ الْفِعْلِ بَعْدَهَا، وَهُوَ يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ أَيْ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ وَقَدِيمًا خَافَ النَّاسُ سَقْطَةَ التَّأْلِيفِ وَخَافُوا زَلَّةَ التَّأْلِيفِ كَمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ حَتَّى قِيلَ مَنْ صَنَّفَ فَقَدْ اسْتَهْدَفَ وَمَنْ أَلَّفَ فَقَدْ اسْتَقْذَفَ وَمَعْنَى اسْتَهْدَفَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا أَيْ غَرَضًا لِمَنْ يَرْمِيهِ بِالْعَيْبِ كَمَا يُرْمَى الْغَرَضُ بِالنَّبْلِ وَاسْتَقْذَفَ أَيْ طَلَبَ أَنْ يُقْذَفَ أَيْ يُرْمَى، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَثِيرًا مَا يَقُولُ مَنْ صَنَّفَ فَقَدْ اسْتَهْدَفَ، فَإِنْ أَحْسَنَ فَقَدْ اسْتَعْطَفَ، وَإِنْ أَسَاءَ فَقَدْ اسْتَقْذَفَ قِيلَ مَعْنَى اسْتَهْدَفَ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ.
فَإِنْ أَحْسَنَ فِيهِ فَقَدْ مَيَّلَ الْقُلُوبَ إلَيْهِ، وَإِنْ قَصَّرَ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَذْفِ وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَخَطَأُ طَرِيقِ الصَّوَابِ مُفْرَدٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُفْرَدُ مَعْنَى الْجَمْعِ قُلْت مُرَادُهُ هَذِهِ الْمَادَّةُ أَيْ مَادَّةُ هَفْوَةٍ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ جَعْلِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَقَلَّ لِلتَّعْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ هِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا وَالْمُعَلَّلُ هُوَ قَوْلُهُ وَلَكِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ التَّصْنِيفَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ فَالسُّؤَالُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ مَحْذُوفَانِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ فَالْفَارِقُ بَيْنَ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ تَقْدِيرُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابُ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَالِمًا بِهِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِذَارُك؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ لَك ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَلِمْته) أَيْ وَحَيْثُ عَلِمْته كَمَا تَبَيَّنَ بِقَوْلِنَا وَإِلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَطْلُبْ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِتَعْتَذِرَ (قَوْلُهُ بِهَذَا التَّذَلُّلِ) أَيْ طَلَبًا مُلْتَبَسًا بِهَذَا التَّذَلُّلِ أَوْ طَلَبًا مُصَوَّرًا بِهَذَا التَّذَلُّلِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هُوَ عَيْنُ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ) فِيهِ أَنَّ الْهَفْوَةَ وَالْعَثْرَةَ مِنْ صِفَاتِ الشَّخْصِ لَا الْمُصَنَّفِ بِفَتْحِ النُّونِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلشَّخْصِ وَالْمَعْنَى الْهَفْوَةُ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْمُصَنَّفِ وَالْمَعْنَى الْهَفْوَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا كَافَّةً لِقَلَّ إلَخْ) وَالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ خَلَاصُ مُصَنَّفٍ وَالْمَعْنَى عَلَى النَّفْيِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ إلَخْ.
اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ قَلَّ إذَا كَانَتْ لِلْإِثْبَاتِ ضِدَّ كَثُرَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ فَاعِلٍ مَعَ غَيْرِ مَا وَكَذَا مَعَ مَا وَهِيَ مَوْصُولَةٌ اسْمِيَّةٌ أَوْ حَرْفِيَّةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مَوْصُولًا اسْمِيًّا أَوْ مَوْصُوفَةً فَهِيَ الْفَاعِلُ وَإِلَّا فَالْمُنْسَبِكُ مِنْ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلنَّفْيِ فَلَهَا فَاعِلٌ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ بِمَا وَتَرْفَعُ الْفَاعِلَ مَوْصُوفًا بِجُمْلَةٍ نَحْوِ قَلَّ رَجُلٌ يَقُولُ ذَلِكَ أَيْ مَا رَجُلٌ يَقُولُهُ وَقَلَّ رَجُلَانِ يَقُولَانِهِ وَرِجَالٌ يَقُولُونَهُ وَإِلَّا كَانَتْ مَا كَافَّةً لَهَا عَنْ طَلَبِ الْفَاعِلِ فِي الْأَشْهَرِ لِإِجْرَائِهَا مَجْرَى حَرْفِ النَّفْيِ وَلَا يَتَّصِلُ بِهَا غَيْرُهَا أَيْ غَيْرُ مَا الْكَافَّةِ وَمِثْلُ قَلَّ طَالَ وَكَثُرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَا فَاعِلَ لَهَا إذَا اتَّصَلَتْ بِهَا مَا الْكَافَّةُ وَمِثْلُهَا الْفِعْلُ الْمُؤَكَّدُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ لَا يَظْهَرُ مَعَ فَرْضِ مَا لَاحَظَهُ مِنْ أَنَّ قَلَّ لِلنَّفْيِ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا لِلنَّفْيِ لِتَوَقُّفِ بَسْطِ عُذْرِهِ عَلَى ذَلِكَ إذْ مَعَ قِلَّةِ النَّجَاةِ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ وَقَدِيمًا) أَيْ وَزَمَنًا قَدِيمًا أَوْ خَوْفًا قَدِيمًا فَهُوَ اسْمُ زَمَانٍ أَوْ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ سَقْطَةَ التَّأْلِيفِ) أَيُّ سَقْطَةٍ مِنْهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَثْرَةِ وَقَوْلُهُ وَخَافُوا إلَخْ عِبَارَةٌ عَنْ الْهَفْوَةِ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى قِيلَ) لَيْسَ مَقْصُودُهُ التَّضْعِيفَ بَلْ مُرَادُهُ حِكَايَةُ مَا قَالُوهُ (قَوْلُهُ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا) أَيْ طَلَبَ عَلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ لِلطَّلَبِ أَوْ عَلَى حَقِيقَتِهِ إنْ لَمْ يُجْعَلَا كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ أَيْ غَرَضًا) أَيْ كَالْغَرَضِ الَّذِي يُرْمَى بِالنَّبْلِ وَأَنَا أَسْأَلُ بِلِسَانِ التَّذَلُّلِ وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ الِاحْتِرَامِ وَالْخُضُوعِ مِنْ الْمُتَصَفِّحِينَ لِهَذِهِ الْحَوَاشِي أَنْ يَنْظُرُوهَا بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ فَمَا كَانَ مِنْ صَوَابٍ حَسَّنُوهُ وَبَيَّنُوهُ وَمَا كَانَ مِنْ خَطَأٍ أَزَالُوهُ وَغَيَّرُوهُ؛ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ مِنْ هَفْوَةٍ أَوْ يَنْجُو مُؤَلَّفٌ مِنْ عَثْرَةٍ خُصُوصًا مَعَ الْبَاحِثِينَ عَنْ الْعَثَرَاتِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ طَلَبِ عَثْرَةَ أَخِيهِ لِيَهْتِكَهُ طَلَبَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ فَيَهْتِكُهُ» وَأَنْشَدُوا
لَا تَلْتَمِسْ مِنْ عُيُوبِ النَّاسِ مَا سَتَرُوا ... فَيَهْتِكُ اللَّهُ سِتْرًا عَنْ مَسَاوِيكَا
وَاذْكُرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا ... وَلَا تَعِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا
(قَوْلُهُ بِالنَّبْلِ) السِّهَامِ الْعَرَبِيَّةِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا بَلْ الْوَاحِدُ سَهْمٌ فَهِيَ مُفْرَدَةُ اللَّفْظِ مَجْمُوعَةُ الْمَعْنَى كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ) يُشْعِرُ بِوُجُودِ الْمُغَايَرَةِ وَبِوُجُودِ الْقُرْبِ وَوَجْهُ الْمُغَايَرَةِ ظَاهِرٌ وَوَجْهُ الْقُرْبِ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْقَذْفَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا وَمَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَ أَنْ يُقْذَفَ (قَوْلُهُ مَا) تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى الْكَثْرَةِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ قَوْلًا كَثِيرًا (قَوْلُهُ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ) أَيْ إنَّهُ حِينَ يَظْهَرُ تَأْلِيفُهُ يَثْبُتُ لَهُ ارْتِفَاعٌ عَلَى أَقْرَانِهِ فَلَا يُنَافِي زَوَالَهُ بَعْدَ حِينٍ يَظْهَرُ تَقْصِيرُهُ وَيَصِيرُ مُعَرَّضًا لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَقَدْ مَيَّلَ) أَيْ طَلَبَ مَيْلَ الْقُلُوبِ إلَيْهِ إنْ جُعِلَتْ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ أَوْ مَيَّلَ بِالْفِعْلِ إنْ جُعِلَتَا زَائِدَتَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ) أَيْ كَوْنُ اسْتَهْدَفَ جَعَلَ نَفْسَهُ هَدَفًا أَيْ غَرَضًا أَوْ ارْتَفَعَ عَلَى أَقْرَانِهِ هَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى

اسم الکتاب : شرح مختصر خليل المؤلف : الخرشي، محمد بن عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست