responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 70
الضَّلَالُ الَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ.
وَكَذَا قَوْلُهُ: (أَوْ يَكُونُ خَالِقٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَامَّةً (لِشَيْءٍ إلَّا هُوَ) رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا دَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102] وَفِيهِ عُمُومٌ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، إذْ يَخْرُجُ مِنْهُ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (رَبُّ الْعِبَادِ) أَيْ خَالِقُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ (وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ وَالْمُقَدِّرُ لِحَرَكَاتِهِمْ) وَسَكَنَاتِهِمْ (وَآجَالِهِمْ) جَمْعُ أَجَلٍ وَهُوَ مُدَّةُ الشَّيْءِ وَوَقْتُهُ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْقَاتِلَ قَدْ قَطَعَ عَلَى الْمَقْتُولِ أَجَلَهُ وَمَا قَالُوهُ بَاطِلٌ بَلْ هُوَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ.
قَالَ تَعَالَى {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ} [نوح: 4] {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى مَا يَجِبُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّفَضُّلِ وَالْإِحْسَانِ مِنْ إيجَادِ الْخَلْقِ بَعْدَ عَدَمِهِمْ وَعَدَمِهِمْ بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ يَلْزَمُ تَكْلِيفُ الْعَاجِزِ، وَذَلِكَ لِمَا قُلْنَاهُ أَنَّ التَّكْلِيفَ مَنُوطٌ بِسَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ وَجَائِزٌ أَنْ تَحْصُلَ قَبْلَ الْفِعْلِ.
[قَوْلُهُ: مُسْتَغْنَوْنَ عَنْ رَبِّهِمْ فِي حَالِ اخْتِرَاعِهِمْ] يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْقُدْرَةَ إذَا كَانَتْ سَابِقَةً عَلَى الْفِعْلِ فَالِاسْتِغْنَاءُ حَاصِلٌ وَلَوْ قَبْلَ الِاخْتِرَاعِ، فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ وَالِاسْتِغْنَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ ذَلِكَ الْفِعْلِ لَا مُطْلَقًا لِمَا قُلْنَا أَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. [قَوْلُهُ: إلَّا هُوَ] بَدَلٌ مِنْ خَالِقٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى نَفْيُ الْخَلْقِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. [قَوْلُهُ: رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا] أَيْ كَمَا حَصَلَ الرَّدُّ بِقَوْلِهِ: أَوْ يَكُونُ إلَخْ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ قَدْ حَصَلَ بِالْأَوَّلِ وَزِيَادَةُ هَذَا إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ التَّأْكِيدِ تَثْبِيتًا لِلْمُبْتَدِئِ.
[قَوْلُهُ: وَفِيهِ عُمُومٌ إلَخْ] لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ شَيْءٍ، مُشَاءٌ أَيْ مُرَادٌ، فَتَخْرُجُ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُمْكِنِ [قَوْلُهُ: وَأَسْمَاؤُهُ] تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. [قَوْلُهُ: أَيْ خَالِقُهُمْ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الرَّبَّ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْخَالِقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَالِكُ وَالسَّيِّدُ وَالْقَائِمُ بِالْأُمُورِ وَالْمُصْلِحُ لَهَا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: أَيْ خَالِقُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ إشَارَةً لِمَعْنَيَيْنِ مِنْ مَعَانِي الرَّبِّ. [قَوْلُهُ: وَرَبُّ أَعْمَالِهِمْ] أَيْ خَالِقُهَا فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا.
[قَوْلُهُ: وَالْمُقَدِّرُ لِحَرَكَاتِهِمْ] أَيْ الْمُحَدِّدُ وَالْمُعَيِّنُ كَمَا قَالَ تت، وَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ أَيْ الَّذِي تَعَلَّقَتْ إرَادَتُهُ أَزَلًا بِحَرَكَاتِهِمْ جَمْعُ حَرَكَةٍ وَعُرِفَتْ بِأَنَّهَا كَوْنَانِ فِي آنَيْنِ فِي مَكَانَيْنِ، وَالسُّكُونُ كَوْنَانِ فِي آنَيْنِ فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَالْآنَيْنِ تَثْنِيَةُ آنٍ وَهُوَ طَرَفُ الزَّمَانِ وَقِيلَ أَيْضًا فِي تَعْرِيفِهِمَا الْحَرَكَةُ حُصُولُ أَوَّلٍ فِي حَيِّزٍ ثَانٍ وَالسُّكُونُ حُصُولُ ثَانٍ فِي حَيِّزٍ أَوَّلٍ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنٌ وَاحِدٌ عَلَى هَذَا وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي تَحَقُّقِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ كَوْنٍ آخَرَ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ.
[قَوْلُهُ: وَسَكَنَاتِهِمْ] زَادَهَا الشَّارِحُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ إمَّا؛ لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ أَظْهَرُ مِنْهَا فِي الْوُجُودِ، أَوْ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ إنَّمَا يَتَرَتَّبَانِ عَلَى الْحَرَكَاتِ غَالِبًا. [قَوْلُهُ: وَوَقْتِهِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ. [قَوْلُهُ: قَدْ قَطَعَ إلَخْ] يُطْلَقُ الْأَجْلُ وَيُرَادُ بِهِ مُدَّةُ الْعُمْرِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الْمُحَدَّدُ لِلْمَوْتِ فِيهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَالْأَجَلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَالْأَجَلُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ قَطَعَ عَلَى الْمَقْتُولِ أَجَلَهُ وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: بِأَجَلِهِ] أَيْ فِي أَجَلِهِ، أَرَادَ بِالْأَجَلِ هُنَا بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ لَاحْتُمِلَ أَنْ يَحْيَا وَأَنْ يَمُوتَ فَلَا قَطْعَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ غَيْبٌ عَلَيْنَا هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ] عَطْفٌ عَلَى، إذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ أَيْ أَخْبَرَ بِأَمْرَيْنِ هُمَا: إذَا جَاءَ الْأَجَلُ لَا يُؤَخَّرُ وَأَنَّكُمْ لَا تَتَقَدَّمُونَ عَلَى الْأَجَلِ بِحَيْثُ تَمُوتُونَ قَبْلَهُ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَال إذَا جَاءَ الْأَجَلُ كَيْفَ يُعْقَلُ تَقَدُّمٌ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُرُودِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الشَّرْطِ وَالْوُرُودُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا يَسْتَأْخِرُونَ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ إلَخْ] لَمَّا كَانَ الْجَائِزُ شِبْهُ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَخَّرَهُ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكُلِّ. [قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ التَّفَضُّلِ إلَخْ] حَالٌ مِنْ مَا أَوْ فَاعِلٌ يَجُوزُ، وَأَتَى بِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ إلَخْ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الْجَائِزَ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ لَا مِنْ بَابِ الْعَدْلِ إذْ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْعَدْلِ أَيْضًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنْ سَيَقُولُ: وَخَلَقَ النَّارَ فَأَعَدَّهَا إلَخْ.

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 70
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست