responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 69
(فَكُلٌّ) بِالتَّنْوِينِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (مُيَسَّرٌ) أَيْ مُسَهَّلٌ، وَالتَّنْوِينُ لِلْعِوَضِ أَيْ كُلُّ شَيْءٍ، وَيُرْوَى فَكُلُّ مُيَسَّرٍ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ (بِتَيْسِيرِهِ إلَى مَا) أَيْ الَّذِي (سَبَقَ مِنْ عِلْمِهِ وَقَدَرِهِ) مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِسَبَقِ وَمِنْ فِي قَوْلِهِ (مِنْ شَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ) لِبَيَانِ السَّابِقِ مِنْ عِلْمٍ وَقَدَرٍ، وَالشَّقَاوَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَضَرَّةِ اللَّاحِقَةِ فِي الْعُقْبَى وَالسَّعَادَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ اللَّاحِقَةِ فِي الْعُقْبَى، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى قَوْلِهِ فَكُلٌّ إلَخْ بِقَوْلِهِ: (تَعَالَى) أَيْ تَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ عَنْ (أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ أَوْ يَكُونَ لِأَحَدٍ عَنْهُ غِنًى) لَوْ قَالَ لِشَيْءٍ بَدَلٌ لِأَحَدٍ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ، لَكِنَّهُ أَتَى بِلَفْظِ أَحَدٍ إشَارَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} [فاطر: 15] ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ النَّاسِ وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى إيجَادِ أَفْعَالِهِمْ قَبْلَ إيجَادِهَا، مُسْتَغْنُونَ عَنْ رَبِّهِمْ فِي حَالِ اخْتِرَاعِهِمْ لَهَا، وَهَذَا هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُدْرَةِ عَلَى الْكُفْرِ فَقَدْ قَالَ: بَعْضٌ: الْخِذْلَانُ مُرَادِفٌ لِلْكُفْرِ فَالْعَاصِي عَلَى هَذَا لَا يُقَالُ: فِيهِ مَخْذُولٌ، وَفِي عِبَارَةٌ أَنَّ الضَّلَالَ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْخِذْلَانُ خَلْقُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَالْفَاسِقُ عَلَى هَذَا مَخْذُولٌ وَيَكُونُ الْخِذْلَانُ أَعَمَّ.
[قَوْلُهُ: تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مُلْكِهِ] أَيْ بِغَيْرِ الْإِحْسَانِ فَيَكُونُ مُبَايِنًا لِلْفَضْلِ، أَوْ بِالْإِحْسَانِ وَبِغَيْرِهِ فَيَكُونُ الْفَضْلُ أَخَصَّ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: أَيْ مُسَهَّلٌ] أَيْ مُهَيَّأٌ. [قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ شَيْءٍ إلَخْ] لَوْ قَالَ: أَيْ كُلُّ مُكَلَّفٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِعُمُومِ الشَّيْءِ مَعَ أَنَّ التَّيْسِيرَ لِمَا ذُكِرَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِ.
[قَوْلُهُ: وَيُرْوَى إلَخْ] وَالتَّقْدِيرُ فَكُلُّ شَخْصٍ مَوْصُوفٍ بِكَوْنِهِ مُيَسَّرًا مُلْتَبِسٌ بِتَيْسِيرِهِ إلَى الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَقَدَرِهِ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاوَةِ شَقِيٍّ وَأَسْبَابِ سَعَادَةِ سَعِيدٍ، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَحَاصِلُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: إلَى مَا تَنَازَعَ فِيهِ مُيَسَّرٌ وَتَيْسِيرٌ، وَأُعْمِلَ الثَّانِي قُرِئَ بِالتَّنْوِينِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ.
[قَوْلُهُ: وَقَدَرِهِ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِرَادَةُ إذْ لَهَا تَعَلُّقٌ تَنْجِيزِيٌّ قَدِيمٌ [قَوْلُهُ: عَنْ الْمَضَرَّةِ إلَخْ] هِيَ الْمَوْتُ عَلَى الْكُفْرِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُلُودُ فِي النَّارِ وَتَوَابِعُهُ [قَوْلُهُ: اللَّاحِقَةِ فِي الْعُقْبَى] أَيْ مُنْتَهَى أَمْرِهِ.
[قَوْلُهُ: عَنْ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ] وَهِيَ الْمَوْتُ عَلَى الْإِيمَانِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَتَوَابِعُهُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ، وَذَهَبَ الْمَاتُرِيدِيُّ إلَى أَنَّ السَّعِيدَ هُوَ الْمُسْلِمُ وَالشَّقِيُّ هُوَ الْكَافِرُ، فَعَلَى مَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَنْتَقِلُ السَّعِيدُ عَمَّا ثَبَتَ لَهُ وَكَذَلِكَ الشَّقِيُّ، وَعَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمَاتُرِيدِيُّ يُتَصَوَّرُ أَنَّ السَّعِيدَ قَدْ يَشْقَى بِأَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ الْإِيمَانِ، وَالشَّقِيُّ قَدْ يَسْعَدُ بِأَنْ يُؤْمِنَ بَعْدَ الْكُفْرِ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَدَلَّ إلَخْ] إلَّا أَنَّ الطَّرَفَ الْأَوَّلَ أَعْنِي قَوْلَهُ: أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ: إلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ وَقَدَرِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ لِأَحَدٍ عَنْهُ غِنًى اسْتِدْلَالٌ عَلَى قَوْلِهِ: بِتَيْسِيرِهِ، فَفِي الْعِبَارَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا جُمَلٌ الْقَصْدُ مِنْهَا الِاعْتِقَادُ فَلَا اسْتِدْلَالَ. وَقَوْلُهُ: مَا لَا يُرِيدُ لَوْ تَمَّ الْكَلَامُ لَقَالَ تَعَالَى أَنْ يَكُونَ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ وَمَا لَا يُرِيدُهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْقَدَرِ الْإِرَادَةَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: سَبَقَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يُرِدْهُ بِلَمْ الْجَازِمَةِ [قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ] ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ بَقِيَّةَ الْحَيَوَانَاتِ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ إلَخْ] أَيْ هَذَا الطَّرَفُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ إلَخْ فَيُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَيْضًا رَدٌّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُرِيدُ الشَّرَّ وَالْكُفْرَ وَالْمَعْصِيَةَ وَقَعَتْ أَمْ لَا وَيُرِيدُ الطَّاعَةَ وَالْخَيْرَ وَقَعَ أَمْ لَا، وَأَنَّ الْإِرَادَةَ تُوَافِقُ الْأَمْرَ فَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ يُرِيدُهُ وَعِنْدَنَا يَنْفَكَّانِ فَقَدْ يُرِيدُ وَيَأْمُرُ كَإِيمَانِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَدْ لَا يُرِيدُ وَلَا يَأْمُرُ كَكُفْرِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ وَلَا يَأْمُرُ كَكُفْرِ أَبِي جَهْلٍ، وَقَدْ يَأْمُرُ وَلَا يُرِيدُ كَإِيمَانِهِ.
[قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمْ] أَيْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ. [قَوْلُهُ: أَنَّهُمْ قَادِرُونَ إلَخْ] أَيْ فَعِنْدَهُمْ الْقُدْرَةُ سَابِقَةٌ عَلَى الْفِعْلِ، إلَّا أَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلْمَوْلَى جَلَّ وَعَزَّ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْفِعْلِ لَا تَكُونُ إلَّا مَعَ الْفِعْلِ، وَصِحَّةُ التَّكْلِيفِ تَعْتَمِدُ عَلَى سَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ لَا عَلَى الْقُدْرَةِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْفِعْلُ، فَلَا يُقَالُ: إذَا كَانَتْ الْقُدْرَةُ مُقَارِنَةً لِلْفِعْلِ لَا سَابِقَةً

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست