responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 67
وَهُوَ لَا يَجِبُ الرِّضَا بِهِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْكُفْرَ مَقْضِيٌّ لَا قَضَاءُ وَالرِّضَا إنَّمَا يَجِبُ بِالْقَضَاءِ دُونَ الْمَقْضِيِّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ (لَا يَكُونُ مِنْ عِبَادِهِ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ إلَّا وَقَدْ قَضَاهُ) دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ إلَخْ. قِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيهِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ، وَيَعْلَمُ الْجُزْئِيَّ وَالْكُلِّيَّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَيَعْلَمُ الْكُلِّيَّ لَا الْجُزْئِيَّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ كُفْرِهِمْ وَعَصَمَنَا مِنْ اعْتِقَادِهِمْ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَقَوْلِهِ: (وَسَبَقَ عِلْمُهُ بِهِ) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ: عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ قَبْلَ كَوْنِهِ كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] أَلَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا النَّافِيَةِ، وَمَعْنَاهَا تَحْقِيقُ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ إذَا دَخَلَ عَلَى النَّفْيِ أَفَادَ الْإِثْبَاتَ وَالتَّقْرِيرَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى بَابِهِ لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَمَنْ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: أَلَا يَعْلَمُ الْخَالِقُ مَخْلُوقَهُ أَوْ خَلْقَهُ، وَالْخَلْقُ عَامٌّ فِيمَنْ يَعْقِلُ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ.
وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: مَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْجَوَابُ إلَخْ] جَوَابٌ بِالْمَنْعِ لِتَوَهُّمِ أَنَّ السَّائِلَ اعْتَقَدَ أَنَّ الْكُفْرَ مِنْ أَفْرَادِ الْقَضَاءِ، فَأَجَابَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ مُتَعَلَّقِ الْقَضَاءِ، وَالْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْقَائِلَ رَضِيَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ لَا يُرِيدُ أَنَّهُ رَضِيَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ إنَّهُ رَضِيَ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَهُوَ الْمُقْتَضَى، فَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ الرِّضَا بِالْكُفْرِ لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِكُفْرٍ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.
[قَوْلُهُ: دُونَ الْمَقْضِيِّ] أَيْ فَلَا يَجِبُ الرِّضَا بِهِ مُطْلَقًا بَلْ إذَا كَانَ وَاجِبًا كَالْإِيمَانِ وَجَبَ الرِّضَا بِهِ أَوْ مَنْدُوبًا نُدِبَ أَوْ حَرَامًا حُرِّمَ، وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ أَوْ مُبَاحًا أُبِيحَ أَوْ مَكْرُوهًا كُرِهَ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمُنْفَرِجَةِ. [قَوْلُهُ: وَلَا عَمَلٌ] أَدْخَلَ فِيهِ عِلْمَ الْقَلْبِ [قَوْلُهُ: دَاخِلٌ فِي عُمُومِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ لَهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ صَدَرَ مِنْ عِبَادِهِ قَدْ تَعَلَّقَتْ إرَادَتُهُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَضَاءَ إرَادَةُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقَةُ أَزَلًا، وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَوَجْهُ الدُّخُولِ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ شَامِلٌ لِلْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَغَيْرِهِمَا.
[قَوْلُهُ: يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ لَنَا كُلًّا وَيُقَابِلُهُ الْجُزْءُ وَكُلِّيًّا وَيُقَابِلُهُ جُزْئِيٌّ، الْأَوَّلُ كَالْجَبَلِ فَإِنَّهُ كُلٌّ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهُ جُزْءٌ، وَالثَّانِي كَالْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ كُلِّيٌّ وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو وَغَيْرُهُمَا جُزْئِيَّاتٌ لَهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: وَيَعْلَمُ الْكُلِّيَّ وَالْجُزْئِيَّ نَاظِرٌ لِلثَّانِي فَلَا يُتَوَهَّمُ اتِّحَادُهُمَا، وَالْوَاضِحُ أَنْ يَقُولَ: وَقِيلَ إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّ اللَّهَ كَمَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى الْجُمْلَةِ أَيْ الْمَأْخُوذَ مِمَّا تَقَدَّمَ يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا هُنَا، وَكَمَا يَعْلَمُ الْكُلِّيَّ الْمَأْخُوذَ مِمَّا تَقَدَّمَ يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّ الْمَأْخُوذَ مِمَّا هُنَا أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ إلَخْ. لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: عَلِمَ كُلَّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْكُلِّيِّ وَلَا الْكُلِّ، بَلْ مِنْ بَابِ الْكُلِّيَّةِ إلَّا أَنَّ هَذَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّرْكِيبِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ مِنْ بَابِ الْكُلِّيِّ أَيْ الْمَجْمُوعِيِّ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْكُلِّ.
[قَوْلُهُ: عَنْ كُفْرِهِمْ] أَيْ مَا كَفَرُوا بِهِ، فَلَيْسَ التَّنَزُّهُ عَنْ نَفْسِ الْكُفْرِ بَلْ مَا كَفَرُوا بِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ عَلِمَ الْجُمْلَةَ لَا التَّفْصِيلَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي مِنْ الصِّفَاتِ، بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ اعْتِقَادَهُمْ هُوَ كُفْرُهُمْ فَهُوَ إظْهَارٌ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، صَرَّحَ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الْكُفْرَ اعْتِقَادُهُمْ. [قَوْلُهُ: هُوَ عَيْنُ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَامٌّ فِي عِبَادِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا خَاصٌّ بِعِبَادِهِ الَّذِينَ لَهُمْ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْخَاصُّ لَيْسَ عَيْنَ الْعَامِّ. [قَوْلُهُ: هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ] أَيْ الْإِنْكَارِيِّ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ] أَيْ الْإِنْكَارِيَّ [قَوْلُهُ: وَالتَّقْرِيرَ] هُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَا بَعْدَ النَّفْيِ فَعَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْمَلْزُومِ عَلَى اللَّازِمِ. [قَوْلُهُ: عَلَى بَابِهِ] أَيْ مِنْ طَلَبِ الْإِفْهَامِ. [قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ] أَيْ لِاسْتِدْعَائِهِ الْجَهْلَ. [قَوْلُهُ: مَخْلُوقَهُ أَوْ خَلْقَهُ] تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَالْمُرَادُ

اسم الکتاب : حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني المؤلف : الصعيدي العدوي، علي    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست