اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 60
حقيقة، وإن كانت مرتبة من آمن بالله وعلمه بالنظر والاستدلال أرفع من مرتبة من آمن به بيقين حصل عنده من غير علم.
فصل
فإذا قلنا إن أول الواجبات الإيمان بالله وهو التصديق به وبما أخبر به عن نفسه من صفات ذاته وأفعاله، فإن النظر والاستدلال المؤدي إلى معرفة الله تعالى واجب أيضا أوجبه الله على عباده وافترضه عليهم وتعبدهم به كسائر العبادات الواجبات. والدليل على وجوبه قول الله عز وجل: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101]، وقال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] الآية، وقال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا} [ق: 6] الآية، ومثل هذا في القرآن كثير.
ومن الدليل أيضا على وجوب النظر والاستدلال أن الله تعالى قد أوجب المعرفة به وبما هو عليه من صفات ذاته وأفعاله في غير ما آية من كتابه فقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [محمد: 19]، وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 98]، وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الحديد: 17]، والعلم بشيء من ذلك لا يصح إلا من جهة
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد الجزء : 1 صفحة : 60