responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد    الجزء : 1  صفحة : 59
بالعقل، إذ لا يصح أن يعلم أحد أن الله أوجب عليه النظر وهو لا يعلم الله إلا بعد النظر. ومن أصول أهل السنة أن العمل لا حظر فيه ولا إباحة. وليس قوله عندي بصحيح؛ لأن الشيء الواجب في ذاته لا يخرجه عن الوجوب في حق أحد جهله بمعرفة وجوبه عليه. ألا ترى أن الإيمان واجب بالشرع على من لا يعلم الشرع عند من جعله أول الواجبات، [فكما يكون الإيمان واجبا بالشرع على من لا يعلم الشرع عند من جعله أول الواجبات]، فكذلك يكون النظر واجبا بالشرع على من لا يعلم الشرع عند من جعله أول الواجبات. وقد استدل الباجي على من قال إن النظر والاستدلال أول الواجبات بإجماع المسلمين في جميع الأعصار على تسمية العامة والمقلدين مؤمنين. قال فلو كان ما ذهبوا إليه صحيحا لما صح أن يسمى مؤمنا إلا من عنده علم بالنظر والاستدلال. قال وأيضا لو كان الإيمان لا يصح إلا بعد النظر والاستدلال لجاز للكفار إذا غلب عليهم المسلمون أن يقولوا لهم لا يحل لكم قتلنا لأن من دينكم أن الإيمان لا يصح إلا بعد النظر والاستدلال فأخرونا حتى ننظر ونستدل، وهذا يؤدي إلى تركهم على كفرهم وأن لا يقاتلوا حتى ينظروا ويستدلوا. قال ولا خلاف في بطلان هذا. وهذا لا يلزم لأن من جعل النظر والاستدلال أول الواجبات لا يقفهما على الحد الذي رتبه أهل الكلام من الاستدلال بالأعراض المتوالية على الأجسام على حدوث العالم وإثبات محدثه على ما هو عليه من صفات ذاته وأفعاله، بل يقول إنه يعرف ذلك بأول بديهة العقل؛ لأن العاقل إذا نظر إلى السماء والأرض واختلاف الليل والنهار وإلى نفسه واختلاف أحواله وخروجه من العدم إلى الوجود علم أن لذلك كله خالقا ومدبرا ليس كمثله شيء.
والذي أقول به إن النظر والاستدلال على هذا الوجه هو أول الواجبات عند من جعل النظر أول الواجبات، ويصح به الإيمان لأن اليقين يحصل به وإن لم يقع به العلم، إذ لا يقع العلم إلا بعد إمعان النظر، وقد يصح تيقن المعتقد من غير علم. فمن آمن بالله بتقليد أو نظر يحصل به اليقين أو يقع به العلم فهو مؤمن

اسم الکتاب : المقدمات الممهدات المؤلف : ابن رشد الجد    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست