responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 154
- رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْقَلَانِسُ مَا كَانَ لَهَا ارْتِفَاعٌ فِي الرَّأْسِ عَلَى أَيِّ شَكْلٍ كَانَتْ انْتَهَى، وَقَدْ «لَبِسَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْقَبَاءَ وَالضَّيِّقَ مِنْ الثِّيَابِ وَالْوَاسِعَ مِنْهَا» ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ صِفَةُ هَذِهِ الثِّيَابِ الَّتِي فِي وَقْتِنَا هَذَا، وَالْعَالِمُ أَوْلَى مَنْ يُطَالَبُ بِالِاتِّبَاعِ وَالِاقْتِدَاءِ وَالْفَضَائِلِ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِنْ النَّقْصِ شَيْءٌ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ تِلْكَ الثِّيَابِ لَا يَتَّصِفُ بِالتَّوَاضُعِ غَالِبًا، وَالتَّوَاضُعُ أَصْلٌ فِي الدِّينِ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ يَزْعُمُ فِي نَفْسِهِ التَّوَاضُعَ، فَالتَّوَاضُعُ فِي النَّفْسِ دَعْوَى بِغَيْرِ حَقِيقَةٍ، وَلَوْ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ التَّوَاضُعَ لَظَهَرَ فِي اتِّبَاعِهِ لِسَلَفِهِ فِي اللُّبْسِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لُبْسُ ذَلِكَ مِنْهُ حُرْمَةً لِلْعِلْمِ لَيْسَ إلَّا، وَاعْتَقَدَ أَنَّ حُرْمَةَ الْعِلْمِ إنَّمَا تَظْهَرُ بِتِلْكَ الْخِلْعَةِ فَهَذَا أَمْرٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ وَيَسْتَغْفِرَ وَيَعْتَرِفَ بِخَطَئِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ ازْدِرَاءٌ بِالْمَاضِينَ إذْ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ أَصْلًا فَيَكُونُ هُوَ أَعْرَفُ مِنْهُمْ بِإِقَامَةِ حُرْمَةِ الْعِلْمِ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ يُقِيمُونَ حُرْمَتَهُ فَيَكُونُ هُوَ أَعْرَفَ مِنْ سَلَفِهِ وَأَفْضَلَ. وَانْظُرْ رَحِمَك اللَّهُ إلَى هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَذَا اللِّبَاسِ كَيْفَ جَرَّتْ إلَى حِرْمَانِ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ فَلَقَدْ رَأَيْت وَبَاشَرْت مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ يُرِيدُ أَنْ يُشْغِلَهُمْ بِالْعِلْمِ فَيُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَجْلِ قِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُحَصِّلَ لِأَحَدِهِمْ تِلْكَ الثِّيَابَ الَّتِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يُحْضِرَهُ مَجْلِسَ الْعِلْمِ بِغَيْرِهَا فَتَرَكُوا تَعَلُّمَ الْعِلْمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ لَإِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ إذْ أَنَّ الْعِلْمَ بِهِ يُخَالَفُ إبْلِيسُ وَبِتَرْكِهِ يُطَاعُ، فَأَيُّ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ فَتَنَبَّهْ لَهَا، وَسَبَبُ هَذَا كُلِّهِ الْوُقُوعُ فِيمَا وَقَعْنَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ إذْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَنَا عِلْمٌ وَفَهْمٌ لَعَرَفْنَا أَنَّ الْفَضَائِلَ وَالْخَيْرَاتِ لِمَنْ تَقَدَّمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمْ فَإِذَا خَالَفْنَاهُمْ فَمَا يَحْصُلُ لَنَا إلَّا النَّقْصُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ الْعِلْمُ أَوَّلًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى جُلُودِ الضَّأْنِ وَبَقِيَتْ مَفَاتِحُهُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ

اسم الکتاب : المدخل المؤلف : ابن الحاج    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست