responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقُدْرَةِ مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا» . وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ: «أَنَّ النَّفْخَ فِي الصُّورِ ثَانِيًا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ مَاءً يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانُ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ حَتَّى يَصِيرَ فَوْقَهُمْ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْأَجْسَادَ فَتَنْبُتُ كَنَبَاتِ الْبَقْلِ حَتَّى تَصِيرَ كَمَا كَانَتْ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: لِتَحْيَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ فَيَحْيَوْنَ، ثُمَّ يَقُولُ: لِيَحْيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ فَيَأْمُرُ اللَّهُ إسْرَافِيلَ فَيَأْخُذُ الصُّورَ ثُمَّ يَدْعُو الْأَرْوَاحَ فَيُؤْتِي بِهَا تَتَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ نُورًا وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً فَيَأْخُذُهَا اللَّهُ تَعَالَى فَيُلْقِيَهَا فِي الصُّورِ ثُمَّ يَقُولُ لِإِسْرَافِيلَ: اُنْفُخْ نَفْخَةَ الْبَعْثِ فَتَخْرُجُ الْأَرْوَاحُ كَأَمْثَالِ النَّحْلِ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَتَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إلَى جَسَدِهَا فَتَدْخُلُ فِي الْخَيَاشِيمِ فَتَمْشِي فِي الْأَجْسَادِ كَمَشْيِ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ ثُمَّ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ الْأَجْسَادِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ رُءُوسِهِمْ كَمَا تَنْشَقُّ عَنْ رَأْسِ الْكَمْأَةِ فَتَطْرَحُهُمْ عَلَى ظَهْرِهَا، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيُجِيبُونَ إجَابَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَحِينَ النَّفْخِ يَكُونُ إسْرَافِيلُ وَاقِفًا عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَنْفُخُ وَيَقُولُ: يَا أَيَّتُهَا الْعِظَامُ النَّخِرَةُ وَالْجُلُودُ الْمُتَمَزِّقَةُ وَالْأَشْعَارُ الْمُتَمَعِّطَةُ أَيْ السَّاقِطَةُ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَنْ تَجْتَمِعِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَعِنْدَ انْفِلَاقِ الْأَرْضِ عَنْهُمْ وَقِيَامِهِمْ يَقُولُ الْكَافِرُ: {يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: 52] وَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 53] » .
السَّادِسُ: أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَلَيْهِ الْأَرْضُ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثُ وَأَوَّلُ وَارِدٍ الْمَحْشَرَ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَمَرَاتِبُ النَّاسِ فِي الْحَشْرِ مُتَفَاوِتَةٌ لِتَفَاوُتِ الْأَعْمَالِ، فَمِنْهُمْ الرَّاكِبُ وَمِنْهُمْ الْمَاشِي عَلَى رِجْلَيْهِ وَمِنْهُمْ الْمَاشِي عَلَى وَجْهِهِ، وَصِفَةُ كُلِّ إنْسَانٍ فِي الْمَوْقِفِ كَصِفَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا كَمَا أَجَابَ بِهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ حِين سُئِلَ عَنْ طُولِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يُحْشَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَكُونُونَ عِنْدَ دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ عَلَى طُولٍ وَاحِدٍ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ «إنَّهُمْ عَلَى صُورَةِ آدَمَ وَطُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتُّونَ ذِرَاعًا» وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «وَفِي عَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَهُمْ أَبْنَاءُ. ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً» .

(وَ) مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ دُونَ غَيْرِهَا (أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ) وَتَعَالَى (ضَاعَفَ) أَيْ كَثَّرَ إذْ التَّضْعِيفُ الزِّيَادَةُ عَلَى أَصْلِ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ أَوْ أَمْثَلِهِ (لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الْمُكَلَّفِ بِالْفِعْلِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ كَتْبُ حَسَنَاتِ الصَّبِيِّ بِدَلِيلِ «أَلِهَذَا حَجٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» وَمَفْهُومُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تُضَاعَفُ لَهُمْ حَسَنَاتٌ بَلْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُكْتَبُ لَهُمْ حَسَنَاتٌ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقِيلَ: يُجَازَوْنَ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا فَقَطْ بِالْمَالِ وَصِحَّةِ الْبَدَنِ. وَقِيلَ: يُجَازَوْنَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ بِأَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمْ الْعِقَابُ الَّذِي اسْتَوْجَبُوهُ بِجِنَايَتِهِمْ غَيْرِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ عَذَابَ الْكُفْرِ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلَا يُفَتَّرُ وَلَا يُغْفَرُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي ثَوَابِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْكُفَّارِ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي عَمِلَهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ هَلْ يُجَازَى عَلَيْهَا مُضَاعَفَةً أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْأُجْهُورِيُّ الْأَوَّلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْمُؤْمِنِينَ شُمُولُهُ لِلْعُصَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يُقَابِلُهُ الْكَافِرُ وَمَفْعُولُ ضَاعَفَ (الْحَسَنَاتِ) جَمْعُ حَسَنَةٍ وَهِيَ كُلُّ مَا يُحْمَدُ فَاعِلُهُ شَرْعًا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِحُسْنِ وَجْهِ صَاحِبِهَا عِنْدَ رُؤْيَتِهَا، وَالسَّيِّئَةُ كُلُّ مَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ شَرْعًا.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ جَزَاءُ الْحَسَنَاتِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُضَاعَفُ وَمَفْهُوم الْحَسَنَاتِ أَنَّ السَّيِّئَاتِ لَا تُضَاعَفُ بَلْ جَزَاؤُهَا بِالْمِثْلِ.
قَالَ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ:
فَالسَّيِّئَاتُ عِنْدَهُ بِالْمِثْلِ ... وَالْحَسَنَاتُ ضُوعِفَتْ بِالْفَضْلِ
كَمَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ وَجَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، فَمِنْ الْقُرْآنِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] .
وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] .
وَمِنْ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ إلَى سَبْعِينَ وَفِي رِوَايَةٍ إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ» .
وَفِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ: «أَنَّهُ تَعَالَى فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ خَمْسِينَ صَلَاةً فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَرَدَّدُ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ وَمُوسَى حَتَّى وَقَفَ الْفَرْضُ عَلَى خَمْسٍ فَسَمِعَ النِّدَاءَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَا مُحَمَّدُ إنِّي يَوْمَ خَلَقْت السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْت عَلَيْك وَعَلَى أُمَّتِك خَمْسِينَ صَلَاةً وَلَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ هِيَ خَمْسٌ بِخَمْسِينَ فَقُمْ بِهَا أَنْتَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست