responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 6
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأُمُورٍ: مِنْهَا اخْتِصَاصُهُ بِالْبَارِئِ بِخِلَافِ الرَّحِيمِ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُخْتَصُّ الْمُعَرَّفُ بِالْأَلْفِ وَاللَّامِ فَلَا يَرِدُ لَا زِلْت رَحْمَانًا، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ لَا زِلْت ذَا رَحْمَةٍ، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ، وَاعْتَرَضَ الْجَوَابَ بِأَنَّهُ مِنْ تَعَنُّتِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٌ.
وَمِنْهَا أَبْلَغِيَّتَهُ دُونَ الرَّحِيمِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى كَمَا فِي قَطَعَ وَقَطَّعَ بِالتَّشْدِيدِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِحَذَرٍ وَحَاذِرٍ، لِأَنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ أَوْ مَشْرُوطٌ بِاتِّحَادِ نَوْعِ الِاسْمِيَّةِ، وَحَذِرٌ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ، وَحَاذِرٌ اسْمُ فَاعِلٍ، وَأَبْلَغِيَّةُ الرَّحْمَنِ إمَّا بِاعْتِبَارِ الْكَمِّيَّةِ الَّتِي هِيَ إفْرَادُ مَدْلُولِهِ التَّضَمُّنِيِّ وَهُوَ الرَّحْمَةُ، وَإِمَّا بِاعْتِبَارِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ قُوَّةُ مَدْلُولِهِ التَّضَمُّنِيِّ وَعَظَمَتُهُ فِي نَفْسِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ عَلَمٌ أَوْ صَارَ كَالْعَلَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لِمَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ.
وَمِنْهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الرَّحِيمَ مَعْنَاهُ الْمُنْعِمُ بِدَقَائِقِ النِّعَمِ، فَذَكَرَ بَعْدَ الرَّحْمَنِ الْمُنْعِمَ بِالْجَلَائِلِ لِيَكُونَ كَالتَّتِمَّةِ وَالرَّدِيفِ لَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْبَسْمَلَةُ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ لِيَعْلَمَ الْعَارِفُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَأَنْ يُسْتَعَانَ بِهِ فِي مَجَامِعِ الْأُمُورِ هُوَ الْمَعْبُودُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ مَوْلَى النِّعَمِ كُلِّهَا عَاجِلِهَا وَآجِلِهَا جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا.
وَاخْتُلِفَ فِي الْبَاءِ مِنْ بِسْمِ اللَّهِ فَقِيلَ: زَائِدَةٌ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ، وَعَلَيْهِ فَاسْمٌ مُبْتَدَأٌ مَرْفُوعٌ تَقْدِيرًا وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ اسْمُ اللَّهِ مُبْتَدَأٌ بِهِ أَوْ مُسْتَعَانٌ بِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ يَصِحُّ كَوْنُهُ اسْمًا أَوْ فِعْلًا خَاصًّا أَوْ عَامًّا مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ: الْأَوْلَى مِنْهَا كَوْنُهُ فِعْلًا خَاصًّا مُؤَخَّرًا.
أَمَّا أَوْلَوِيَّةُ كَوْنِهِ فِعْلًا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَمَلِ لِلْأَفْعَالِ، وَلِمَا فِي تَقْدِيرِ الِاسْمِ مِنْ زِيَادَةِ الْإِضْمَارِ لِأَنَّهُ يُضْمَرُ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ، وَمُتَعَلَّقُ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ إنْ جُعِلَ خَبَرًا، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ الْمَجْرُورُ خَبَرًا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ خَبَرٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِهِ أُمُورٍ بِخِلَافِ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ فَإِنَّهُمَا كَلِمَتَانِ، وَكَوْنُهُ خَاصًّا لِأَنَّ كُلَّ شَارِعٍ فِي شَيْءٍ يُضْمِرُ مَا تُجْعَلُ التَّسْمِيَةُ مَبْدَأٌ لَهُ وَكَوْنُهُ مُؤَخَّرًا عَنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ هَهُنَا أَوْقَعُ كَمَا فِي {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] لِأَنَّهُ أَهَمُّ وَأَدَلُّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَبْدَءُونَ بِأَسْمَاءِ آلِهَتِهِمْ فَيَقُولُونَ: بِاسْمِ الْلَاتِ بِاسْمِ الْعُزَّى، فَقَصْدُ الْمُوَحِّدِ تَخْصِيصُ اسْمِ اللَّهِ بِالِابْتِدَاءِ لِلِاهْتِمَامِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، فَنُكْتَةُ التَّقْدِيمِ الِاهْتِمَامُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ وَإِفَادَةُ الِاخْتِصَاصِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْحَصْرِ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ لِلنَّحْوِيِّينَ الِاهْتِمَامُ، وَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ لِلْبَيَانِيِّينَ الْحَصْرُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لَا يُخَالِفُ غَيْرَهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ بَلْ لِكُلٍّ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاهْتِمَامِ وَالْحَصْرِ أَنَّ الْحَصْرَ يَقْتَضِي الرَّدَّ عَلَى مُدَّعِي الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَكْسِ بِخِلَافِهِ الِاهْتِمَامُ لَا يَقْتَضِي رَدًّا، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُهْتَمُّ وَلَا يَرُدُّ عَلَى أَحَدٍ، وَأَمَّا اخْتِصَاصُ بِسْمِ اللَّهِ بِالِابْتِدَاءِ وَحَمْلُهُ مِنْ بَيْنِ أَسْمَاءِ اللَّهِ مُخْتَصًّا بِهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا جَعَلَ التَّأْلِيفَ مُخْتَصًّا بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ هُنَا جَعَلَ التَّأْلِيفَ مَقْصُورًا عَلَى التَّبَرُّكِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ بِاسْمِهِ تَعَالَى، لَا التَّبَرُّكُ أَوْ الِاسْتِعَانَةُ بِاسْمِ الْلَاتِ أَوْ الْعُزَّى وَهُوَ مِنْ بَابِ قَصْرِ الْأَفْرَادِ، لِأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ الشَّرِكَةَ، وَالْكُفَّارُ إنَّمَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِأَسْمَاءِ آلِهَتِهِمْ لِلتَّبَرُّكِ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِاعْتِرَافِهِمْ بِصِحَّةِ التَّبَرُّكِ بِاسْمِهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِمْ: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .
وَمُسَلَّمُ الْفَرْقِ بَيْنَ قَصْرِ الْأَفْرَادِ وَالْقَلْبِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يُخَاطَبُ بِهِ مَنْ يَعْتَقِدُ الشَّرِكَةَ، وَالْقَلْبُ يُخَاطَبُ بِهِ مَنْ يَدَّعِي الْعَكْسَ، وَقَيَّدْنَا التَّقْدِيمَ بِهَا هُنَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ نَحْوِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] فَإِنَّ تَقْدِيمَ الْعَامِلِ فِيهِ أَوْقَعُ وَأَبْلَغُ، لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْعَامِلِ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ أَوْ أَوَّلُ آيَةٍ مِنْ سُورَةٍ نَزَلَتْ، فَكَانَ الْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ أَهَمَّ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ اللَّهِ أَهَمَّ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الْأَهَمِّيَّةَ الْعَارِضَةَ تُقَدَّمُ مُرَاعَاتُهَا عَلَى الذَّاتِيَّةِ، لِأَنَّ الْعَارِضَةَ فِي مُرَاعَاتِهَا بَلَاغَةٌ لَيْسَتْ لِلذَّاتِيَّةِ، لِأَنَّ بَلَاغَةَ الْكَلَامِ مُطَابِقَةٌ لِمُقْتَضَى الْحَالِ، أَوْ أَنَّ بِسْمِ رَبِّك مُتَعَلِّقٌ بِاقْرَأْ الثَّانِي تَعَلُّقَ الْمَفْعُولِيَّةِ وَدَخَلَتْ فِيهِ الْبَاءُ مَعَ تَعُدِّي الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّكْرِيرِ، وَاقْرَأْ الْأَوَّلُ لَا مَفْعُولَ لَهُ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ فَمَعْنَاهُ أُوجِدُ الْقِرَاءَةَ نَحْوَ: فُلَانٌ يُعْطِي.
فَإِنْ قِيلَ: مَا حُكْمُ حَذْفِ ذَلِكَ الْمُتَعَلِّقِ هَلْ الْوُجُوبُ أَوْ الْجَوَازُ؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ خَاصًّا وَدَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ مَا جَازَ حَذْفُهُ، وَالْقَرِينَةُ عَلَيْهِ هُنَا هِيَ الشُّرُوعُ فِي التَّأْلِيفِ وَأَيْضًا كَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ فَهْمِ الْمَعْنَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ خَاصًّا وَلَمْ تَدُلَّ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ فَيَجِبُ ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يُحْذَفُ إلَّا مَا عُلِمَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَامًّا نَحْوُ: كَائِنٌ أَوْ مُسْتَقِرٌّ فَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ اخْتِيَارًا فَلَا يَرِدُ.
فَأَنْتَ لَدَى بُحْبُوحَةِ الْهَوْنِ كَائِنٌ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَحَلُّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِي مِثْلِ هَذَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا مُحَصَّلُهُ إنْ قُدِّرَ الْعَامِلُ فِعْلًا كَمَا يَقُولُهُ الْكُوفِيُّونَ كَانَ مَحَلُّهُ نَصْبًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَوْ عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ فَاعِلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَالتَّقْدِيرُ أُؤَلِّفُ مُتَبَرِّكًا أَوْ مُسْتَعِينًا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَكَذَا لَوْ قُدِّرَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست