responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 46
الْمُدَبِّرُ الْقَدِيرُ، السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ.

، وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْمَجِيدِ بِذَاتِهِ.

، وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَان بِعِلْمِهِ، خَلَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَسْمَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا تَوْقِيفِيَّةٌ اتِّفَاقًا لِمُشَاحَّةِ الْآدَمِيِّ فِي حَقِّهِ وَمُسَامَحَةِ خَالِقِهِ؛ وَلِأَنَّ تَنَزُّهَ الْبَارِي عَنْ النَّقَائِصِ قَطْعِيٌّ، بِخِلَافِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ بَشَرٌ يُمْكِنُ تَطَرُّقُ الْأَلْسِنَةِ إلَيْهِ بِمَا لَا يَلِيقُ.
قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ:
وَاخْتِيرَ أَنَّ أَسْمَاءَهُ تَوْقِيفِيَّةٌ ... كَذَا الصِّفَاتُ فَاحْفَظْ السَّمْعِيَّةَ
فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ أَوْ انْعَقَدَ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ عَارِفٌ أَوْ فَطِنٌ أَوْ عَاقِلٌ أَوْ دَارٍ، وَإِنْ وَرَدَ إطْلَاقُ مَا رَادَفَهَا عَلَيْهِ، فَعِنْدَ الْوُرُودِ لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ الْإِطْلَاقِ إلَّا إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُوهِمًا مَا لَا يَلِيقُ كَالزَّارِعِ وَالْمُنْشِئِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْمَاكِرِ وَالْمُسْتَهْزِئِ وَالْمُنْزِلِ وَالرَّامِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الِاجْتِزَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُجَرَّدُ وُقُوعِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِحَسَبِ اقْتِضَاءِ الْمَقَامِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ لَا يَخْلُوَ عَنْ نَوْعِ تَعْظِيمٍ وَرِعَايَةِ أَدَبٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ السَّعْدُ وَغَيْرُهُ، وَعِنْدَ وُرُودِ مَنْعِ الْإِطْلَاقِ لَا نِزَاعَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، اخْتَلَفُوا حَيْثُ لَا إذْنَ وَلَا مَنْعَ فِي جَوَازِ إطْلَاقِ مَا كَانَ تَعَالَى مُتَّصِلًا بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْأَعْلَامُ الْمَوْضُوعَةُ فِي سَائِرِ اللُّغَاتِ، إذْ لَيْسَ فِي جَوَازِ إطْلَاقِهَا عَلَيْهِ مَحَلُّ نِزَاعٍ لِأَحَدٍ، وَلَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهَا مُوهِمًا نَقْصًا بَلْ كَانَ مُشْعِرًا بِالْمَدْحِ، فَمَنَعَهُ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَقِّ مُطْلَقًا اسْمًا أَوْ صِفَةً، وَجَوَّزَهُ الْمُعْتَزِلَةُ مُطْلَقًا، وَفَصَّلَ الْغَزَالِيُّ فَجَوَّزَ إطْلَاقَ الصِّفَةِ وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى الذَّاتِ وَمَنَعَ إطْلَاقَ الِاسْمِ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْس الذَّاتِ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى مَا اخْتَارُوهُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ، بَلْ لَوْ سُمِّيَ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ النَّاسِ بِمَا لَمْ يُسَمِّهِ بِهِ أَبَوَاهُ لَمَا ارْتَضَاهُ فَالْبَارِئُ أَوْلَى، فَيَجُوزُ إطْلَاقُ السَّمْعِيِّ سَوَاءٌ أَوْهَمَ كَالصَّبُورِ وَالْحَلِيمِ وَالشَّكُورِ، أَوْ لَمْ يُوهِمْ كَالْعَالِمِ وَالْقَادِرِ، أَوْ وَرَدَ بِهِ إجْمَاعٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ السَّمْعِيِّ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَالْأَظْهَرُ مَنْعُهُ لِإِبْهَامِ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَالْخَالِقِ وَخَالِقِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَالْعَالِمِ وَالْعَارِفِ وَالْجَوَادِ وَالسَّخِيِّ وَالْحَلِيمِ وَالْعَاقِلِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَمَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إطْلَاقُ مَا وَرَدَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاكَلَةِ أَوْ الْمَجَازِ، وَمِمَّا لَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُدْعَى بِمَا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ كَلَفْظِ السَّيِّدِ، وَمِنْ الثَّابِتِ بِالْإِجْمَاعِ الصَّانِعُ وَالْمَوْجُودُ وَالْوَاجِبُ وَالْقَدِيمُ، بَلْ قِيلَ: إنَّ الصَّانِعَ وَالْقَدِيمَ مَسْمُوعَانِ كَالْحَنَّانِ وَالْمَنَّانِ، وَلَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ مُجَرَّدُ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ أَوْ الْمَصْدَرِ كَصِفَةِ اللَّهِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ صَانِعٌ.
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: حَذَفَ الْمُصَنِّفُ صِلَةَ الْعَالِمِ إشَارَةً إلَى التَّعْمِيمِ تَقْدِيرُهُ الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، كَمَا تَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَى عُمُومِ تَعَلُّقِهِ عِنْدَ قَوْمٍ وَهُوَ فِي كُلِّ مَكَان يَعْلَمُهُ إلَخْ مَا يَأْتِي، فَعِلْمُهُ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ وَاحِدَةٌ تَتَعَلَّقُ بِسَائِرِ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا قَدِيمًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يَصِحُّ فِيهِ الصُّلُوحِيُّ؛ لِأَنَّ الصَّالِحَ لِلتَّعَلُّقِ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ، فَيُوهِمُ خُلُوَّ شَيْءٍ عَنْ عِلْمِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ، إذْ عِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا كَانَ وَبِمَا لَمْ يَكُنْ وَبِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنْ لَوْ كَانَ، وَلَا يُوصَفُ بِالضَّرُورِيِّ وَلَا بِالْكَسْبِيِّ. الثَّانِي: وَقَعَ الِاضْطِرَابُ فِي حَدِّ عِلْمِهِ تَعَالَى، وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنْ يُحَدَّ بِأَنَّهُ صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ عَلَى وَجْهِ الْإِحَاطَةِ بِهَا دُونَ سَبْقِ خَفَاءٍ، وَتَعْرِيفُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِأَنَّهُ صِفَةٌ تَنْكَشِفُ بِهَا الْأَشْيَاءُ أَوْ تَنْجَلِي بِهَا فَفِيهِ مُسَامَحَةٌ بِذِكْرِ قَيْدِ الِانْكِشَافِ أَوْ التَّجَلِّي لِإِيهَامِهِ سَبْقَ الْخُلَفَاءِ، وَمِنْ آدَابِ مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِخَفِيَّاتِ الْأُمُورِ أَنْ يَسْتَحِي مِنْ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ.
قَالَ تَعَالَى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء: 108] .
(الْخَبِيرُ) أَيْ إنَّ مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْخَبِيرُ الْمُخْتَبِرُ الْمُطَّلِعُ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى حَقِيقَةِ ذَاتِهِ، فَالْخَبِيرُ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ وَبَوَاطِنَهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذِكْرِهِ بَعْدَ الْعَالِمِ مُجَرَّدُ بَيَانٍ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْخَبِيرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَالِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ تَعَالَى شَيْءٌ، هَذَا مَا يَنْبَغِي اعْتِقَادُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (الْمُدَبِّرُ) أَيْ إنَّ مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُدَبِّرُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْمُبْرِمُ لِلْأُمُورِ وَالْمُنَفِّذُ لَهَا، عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ تَقْرِيبًا لِلْأَفْهَامِ وَتَصْوِيرًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا فِكْرٍ، وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فِي حَقِّ الْبَشَرِ فَهُوَ النَّظَرُ فِيمَا تَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ، وَالتَّدَبُّرُ التَّفَكُّرُ فِيهِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَفْظُ الْمُدَبِّرِ مِنْ أَسْمَائِهِ لَمْ يَرِدْ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَلَا فِي الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ فِيهِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ وُرُودُ الْفِعْلِ وَلَا الْمَصْدَرِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ لِاسْمِ الْمُدَبَّرِ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا وَرَدَ مِنْ الْأَسْمَاءِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَمَنَعَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست