responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 404
الْعَدُوِّ لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ إلَّا بِالثَّمَنِ.

وَمَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ مِنْهَا فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ، وَمَا لَمْ يَقَعْ فِي الْمَقَاسِمِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَنَا بِأَمَانٍ وَبِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ مُحَصَّلُهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ غَنِيمَةٌ لَهُ يَمْلِكُهُ بِالْأَمَانِ، مِثَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ أَخَذَهُ مِنَّا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ بِلَادِ الْكُفْرِ، وَلَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ سَرِقَةٌ، وَلَا وُصُولَ لِرَبِّهِ إلَيْهِ إلَّا بِالثَّمَنِ بَعْدَ رِضَا الْحَرْبِيِّ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ شِرَاؤُهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الدَّاخِلِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَيْنَا بِأَمَانِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بَلْ يُنْزَعُ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ بِهِ أَمْ لَا، وَلَا يَكُونُ لَهُ إذَا أَسْلَمَ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَانْتُزِعَ مَا سُرِقَ ثُمَّ عِيدَ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَا مَفْهُومَ لِعِيدَ.
الثَّالِثُ: مَفْهُومُ أَمْوَالٍ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُهَا بِالْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ خَلِيلٍ، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَبِيَدِهِ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُمْ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَلَا يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْرَارَ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبِهِ الْعَمَلُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الْأَمَانَ عَلَى إقَامَةِ شَرْعِنَا، وَشَرْعُنَا لَا يَقْضِي بِتَمَلُّكِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ لَا يُنْزَعُونَ مِنْ الدَّاخِلِ بِالْأَمَانِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْرَارَ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ،؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ قَدِمُوا بِأَمَانٍ وَيُنْزَعُونَ مِمَّا أَسْلَمَ اتِّفَاقًا، وَكَانَ الْقِيَاسُ الْعَكْسَ أَوْ النَّزْعَ فِي الْجَمِيعِ؟ . فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ الْتَزَمَ اتِّبَاعَ شَرْعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُبْقُوا بِيَدِهِ، فَإِنْ قِيلَ: الدَّاخِلُ بِأَمَانٍ الْتَزَمَ اتِّبَاعَ شَرْعِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا، فَالْجَوَابُ: أَنَّ الدَّاخِلَ بِالْأَمَانِ يُطْلَبُ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ اسْتِحْقَاقِهِ مَالَ الْمُسْلِمِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا قَهْرًا لَا مَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْأَمَانِ.
الرَّابِعُ: مِثْلُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فِي يَدَيْهِ مَنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ هُوَ دُونَ أَوْ اُشْتُرِيَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ.

وَلَمَّا كَانَتْ دَارُ الْحَرْبِ تُمْلَكُ قَالَ: (وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ (مِنْ الْعَدُوِّ) بِأَرْضِ الْحَرْبِ ثُمَّ قَدِمَ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا اشْتَرَاهُ (لَمْ يَأْخُذْهُ رَبُّهُ) مِنْ مُشْتَرِيهِ (إلَّا بِالثَّمَنِ) الَّذِي بَذَلَهُ الْمُشْتَرِي لِلْحَرْبِيِّ إنْ كَانَ يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ، لَا إنْ اشْتَرَاهُ بِنَحْوِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا.
(تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ بِالثَّمَنِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمِثْلُ إنْ كَانَ عَيْنًا، وَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا فَبِقِيمَتِهِ بِمَوْضِعِ أَخْذِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ أَعْطَاهُ الْمِثْلَ هُنَاكَ، وَإِلَّا أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ بِمَوْضِعِ افْتِكَاكِهِ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ، وَيَصْدُقُ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ إنْ أَشْبَهَ وَيَأْخُذُهُ، وَلَوْ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَالْمَأْخُوذِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُقَاسِمِ.
الثَّانِي: مَفْهُومُ اشْتَرَى أَنَّ مَنْ وَهَبَهُ الْحَرْبِيُّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ لَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَمُحَصَّلُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْهِبَةَ إنْ كَانَتْ لِلثَّوَابِ فَكَالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ مَجَّانًا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ مَجَّانًا، وَبِعِوَضٍ بِهِ إنْ لَمْ يُبَعْ فَيَمْضِي، وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ.
الثَّالِثُ: إنَّمَا قَيَّدْنَا الشِّرَاءَ بِدَارِ الْحَرْبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشِّرَاءِ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ وُقُوعِ الشِّرَاءِ قَبْلَ إعْطَائِهِ الْأَمَانِ، فَيَكُونُ كَالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا وُصُولَ لِرَبِّهِ إلَيْهِ إلَّا بِالثَّمَنِ فَيَأْخُذُهُ، وَلَوْ جَبْرًا عَلَى مُشْتَرِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إعْطَائِهِ الْأَمَانَ فَإِنَّهَا تَفُوتُ عَلَى رَبِّهَا، وَلَا وُصُولَ لَهُ إلَيْهَا إلَّا بِالشِّرَاءِ بَعْدَ رِضَا الْمُشْتَرِي لَهَا، إذْ لَا جَبْرَ لَهُ إلَّا فِي الْمُشْتَرِي بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ إعْطَائِهِ الْأَمَانَ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ اشْتَرَاهُ سِلْعَةً وَفَاتَتْ بِهِ وَبِهِبَتِهِمْ لَهَا.
الرَّابِعُ: مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: مِنْ الْعَدُوِّ الْحَرْبِيِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، بَلْ يَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ مَجَّانًا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِيَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ حَيْثُ فَدَاهُ؛ لِيَرُدَّهُ إلَى رَبِّهِ لَا عَلَى نِيَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَأَنْ لَا يُمْكِنَ أَخْذُهُ إلَّا بِالْفِدَاءِ لِكَوْنِ اللِّصِّ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ، وَأَنْ لَا يُمْكِنَ فِدَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَزِمَ الْقَدْرَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْخَلَاصُ لَا الزَّائِدُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَحْسَنِ الْأَرْجَحُ لَا الْمَنْدُوبُ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تُوجَدُ فِي يَدِ مُشْتَرِيهَا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، شَرَعَ فِي حُكْمِ مَا يُوجَدُ مِنْهَا فِي الْغَنِيمَةِ فَقَالَ: (وَمَا وَقَعَ) أَوْ وُجِدَ (فِي الْمَقَاسِمِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْدَ قَسْمِ أَعْيَانِهَا أَوْ أَثْمَانِهَا جَهْلًا بِحَالِهَا. (فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ) أَوْ بِمَا قُوِّمَ بِهِ عِنْدَ الْقَسْمِ، وَفُهِمَ مِنْ كَوْنِ رَبِّهِ أَحَقُّ بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ، وَلَوْ بِالْقَهْرِ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَقَوْلُنَا جَهْلًا بِحَالِهِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ قُسِمَ مَعَ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْضِي قَسْمُهُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَسَمَهُ مُتَأَوِّلًا أَيْ مُقَلِّدًا قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ دَارَ الْحَرْبِ تَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَمَانٍ أَوْ إسْلَامِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ إلَّا بِالثَّمَنِ.
(وَ) مَفْهُومُ وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ أَنَّ (مَا لَمْ يَقَعْ فِي الْمَقَاسِمِ) بِأَنْ عُرِفَ مَالِكُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ. (فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست