responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 402
لِعَبْدٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ وَلَا لِصَبِيٍّ إلَّا أَنْ يُطِيقَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ الْقِتَالَ وَيُجِيزُهُ الْإِمَامُ وَيُقَاتِلَ فَيُسْهَمُ لَهُ وَلَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَخَلِيلٍ أَنَّ الْمَرِيضَ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ أَوَّلِهِ مَرِيضًا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ انْهَزَمَ الْعَدُوُّ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ. لِأَنَّ حُضُورَهُ الْقِتَالَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ صَيَّرَهُ كَالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقِتَالُ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ الْحَطَّابُ حَمَلَ قَوْلَ خَلِيلٍ: وَمَرِيضٌ شَهِدَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ شَهِدَ أَوَّلَهُ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا إلَى تَمَامِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا أَسْهَمَ لِلْفَرَسِ الرَّهِيصِ، وَهُوَ الَّذِي بِبَاطِنِ حَافِرِهِ وَقْرَةٌ مِنْ ضَرْبَةِ حَجَرٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ بِصِفَةِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْمَرِيضُ الْقِتَالَ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ، وَإِلَّا أَسْهَمَ لَهُ، وَمِثْلُهُ الْمُقْعَدُ وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَجُ وَالْأَشَلُّ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ حَيْثُ كَانُوا مِنْ ذَوِي الرَّأْيِ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَرِيضِ الَّذِي شَهِدَ الْقِتَالَ جَمِيعَهُ مَرِيضًا تَبَعًا لِخَلِيلٍ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي الْإِسْهَامِ لَوْ خَرَجَ الشَّخْصُ صَحِيحًا، وَمَرِضَ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ أَيْضًا، وَأَمَّا لَوْ مَرِضَ وَانْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَنْ خَرَجَ صَحِيحًا، وَمَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ، وَلَوْ بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا حَاضِرًا حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ فَعَلَى كَلَامِ الْحَطَّابِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ شُرَّاحِهِ فَيُسْهَمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
قَالَ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيَجْرِي فِي مَرَضِ الْفَرَسِ مَا يَجْرِي فِي مَرَضِ الْآدَمِيِّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ جَمِيعَهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ يُسْهَمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ وَالْمُصَنِّفِ أَيْضًا، وَبَيَّنَ مَنْ فِيهِ الْقَوْلَانِ أَنَّ الْأَوَّلَ شَهِدَ الْقِتَالَ، وَاَلَّذِي فِيهِ الْقَوْلَانِ لَمْ يَشْهَدْ جَمِيعَهُ بَلْ انْقَطَعَ عَنْهُ فِي الْأَثْنَاءِ، وَبِهَذَا عَلِمْت مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُجَاهِدَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْمَرَضُ إنْ اسْتَمَرَّ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ يُسْهَمُ لَهُ، وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ. (تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ كَخَلِيلٍ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا ثُمَّ صَحَّ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَهَذَا يُسْهَمُ لَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَلَعَلَّ عَدَمَ كَلَامِهِمَا عَلَيْهِ لِظُهُورِ أَمْرِهِ فَافْهَمْ رَاجِعْ شُرَّاحَ خَلِيلٍ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ قَدْرِ سَهْمِ الْفَرَسِ بِقَوْلِهِ: (وَيُسْهَمُ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَ) يُسْهَمُ (سَهْمٌ لِرَاكِبِهِ) قَالَ خَلِيلٌ: وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ، وَإِنْ بِسَفِينَةٍ أَوْ بِرْذَوْنًا، وَهَجِينًا وَصَغِيرًا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ لِعِظَمِ مُؤْنَتِهِ، وَإِمَّا لِقُوَّةِ الْمَنْفَعَةِ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَخَلِيلٍ، وَلَوْ كَانَ الْفَرَسُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ، حَيْثُ كَانَ أَمِيرُ الْجَيْشِ غَيْرَ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ فَلَا يُسْهَمُ لِفَرَسِهِ، كَمَا لَا يُسْهَمُ لَهُ فِي الَّذِي يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ» . وَأَمَّا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَيَتْبَعُهُ سَائِرُ السَّلَاطِينِ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ مِنْ الْخُمُسِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ، وَلَوْ جَمِيعَهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ الْإِسْهَامِ لِلْفَرَسِ، وَلَوْ كَانَ بِسَيْفِهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِرَاكِبِهِ غَيْرُ قَيْدٍ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِرَاكِبِهِ مَنْ أَعَدَّهُ لِرُكُوبِهِ إنْ خَرَجَ إلَى الْبَرِّ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْفَرَسِ أَنَّ نَحْوَ الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُجَاهِدُ يَرْكَبُهُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: يَقْدِرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ أَنَّ الْعَجُوزَ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَرِّ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ خَلِيلٌ: لَا أَعْجَفَ أَوْ كَبِيرًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبَغْلٌ وَبَعِيرٌ أَوْ أَتَانٌ.
الثَّانِي: إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لِرَاكِبِهِ، وَلَمْ يَقُلْ لِمَالِكِهِ لِيَشْمَلَ الْمَالِكَ لِذَاتِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ أَوْ غَاصِبِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْجَيْشِ فِي الْأُولَى، وَلِرَبِّهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَخَذَهُ مِنْ خَيْلِ الْعَدُوِّ وَقَبْلَ الْقِتَالِ وَقَاتَلَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ هَارِبًا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْجَيْشِ لَكَانَ سَهْمَاهُ لِرَبِّهِ لَا لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَ رَبِّهِ غَيْرُهُ، وَإِلَّا كَانَ الْمَفْرُوضُ لِلْفَرَسِ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السَّهْمَانِ لِرَبِّهِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ.
قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ خَلِيلٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ عَلَى رَبِّهِ أُجْرَةً لِلرَّاكِبِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ، وَأَمَّا لِلْفَرَسِ الْمُعَارِ لِلْجِهَادِ عَلَيْهِ فَقِيلَ سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِلْمُغِيرِ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ يُسْهَمُ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ الْكَلَامُ عَلَى عُمُومِهِ بَيَّنَ هُنَا مَنْ يُسْهَمُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُسْهَمُ لِعَبْدٍ، وَلَا لِامْرَأَةٍ) ، وَلَوْ قَاتَلَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ لَمْ يُسْهِمْ لِعَبْدٍ، وَلَا امْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ» . (وَلَا) يُسْهَمُ أَيْضًا (لِصَبِيٍّ إلَّا أَنْ يُطِيقَ الصَّبِيُّ) ، وَهُوَ عُرْفًا (الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ الْقِتَالَ وَيُجِيزَهُ الْإِمَامُ وَيُقَاتِلَ فَيُسْهَمُ لَهُ) عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ خِلَافٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُعْرَضُ عَلَيْهِ غِلْمَانُ الْأَنْصَارِ فَيُلْحِقُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ فَعُرِضْتُ عَلَيْهِ عَامًا فَأَلْحَقَ غُلَامًا وَرَدَّنِي فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلْحَقْتَهُ وَرَدَدْتَنِي، وَلَوْ صَارَعَنِي صَرَعْتُهُ.
قَالَ: فَصَارَعَنِي فَصَرَعْتُهُ فَأَلْحَقَنِي» وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِسْهَامِ لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَرْجَحِيَّةَ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ التَّتَّائِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُسْهَمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ،

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست