responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 384
فَأَجْهَزَ فَلَا تُؤْكَلُ.

وَإِنْ تَمَادَى حَتَّى قَطَعَ الرَّأْسَ أَسَاءَ وَلْتُؤْكَلْ.

وَمَنْ ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا لَمْ تُؤْكَلْ.

وَالْبَقَرُ تُذْبَحُ فَإِنْ نُحِرَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ. (وَ) قَطْعُ جَمِيعِ (الْأَوْدَاجِ) جَمْعُ وَدَجٍ، وَهُوَ الْعِرْقُ الْكَائِنُ فِي صَفْحَةِ الْعُنُقِ وَيَتَّصِلُ بِالْوَدَجِ أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ وَيَتَّصِلُ بِالدِّمَاغِ وَالْحَيَوَانُ لَهُ وَدَجَانِ، وَإِنَّمَا جُمِعَ عَلَى طَرِيقِ مَنْ يُطْلِقُ الْجَمْعَ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَطْعُ الْمَرِيءِ، وَهُوَ الْعِرْقُ الْأَحْمَرُ الَّذِي تَحْتَ الْحُلْقُومِ، وَمُتَّصِلٌ بِالْفَمِ وَبِرَأْسِ الْمَعِدَةِ وَالْكِرْشُ يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ مِنْهُ إلَيْهَا وَيُسَمَّى الْبُلْعُومُ، ثُمَّ أَكَّدَ مَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ) ، وَلَوْ بَقِيَ بَعْضُ وَدَجٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ شُهِرَ الْقَوْلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِقَطْعِ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَتَمَامِ الْوَدَجَيْنِ قَالَ خَلِيلٌ: الذَّكَاةُ قَطْعٌ مُمَيَّزٌ يُنَاكَحُ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ، فَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ الْقَفَا أَوْ مِنْ إحْدَى صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ أَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ مِنْ تَحْتِ الْعُرُوقِ وَقَطَعَهَا إلَى فَوْقٍ لَمْ تُؤْكَلْ، سَوَاءٌ أَدْخَلَ السِّكِّينَ مِنْ تَحْتِ الْعُرُوقِ ابْتِدَاءً أَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحُلْقُومِ مِنْ الْمُقَدَّمِ ابْتِدَاءً ثُمَّ لَمْ تُسَاعِدْهُ السِّكِّينُ فَأَدْخَلَهَا مِنْ تَحْتِهَا وَقَطَعَهَا إلَى فَوْقِهِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا:
وَالْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ بَتَّهْ ... وَإِنْ يَكُنْ مِنْ تَحْتِهَا فَمَيْتَهْ
وَسَوَاءٌ فَعَلَ مَا ذَكَرَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَسَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: قَطْعُ الْحُلْقُومِ أَنَّ الْمُغَلْصَمَةَ لَا تُؤْكَلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمُرَادُ بِهَا الَّتِي حِيزَتْ حَوْزَتَهَا لِبَدَنِهَا؛ لِأَنَّهَا الْغَلْصَمَةُ آخِرُ الْحُلْقُومِ مِنْ جِهَةِ الرَّأْسِ، فَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْجَوْزَةِ مَعَ الرَّأْسِ قَدْرُ حَلَقَةِ الْخَاتَمِ أُكِلَتْ، وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ لِجِهَةِ الرَّأْسِ قَدْرُ نِصْفِ حَلْقَةٍ فَلَا تُؤْكَلُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُنَا: حَقِيقَةُ الذَّكَاةِ بِمَعْنَى الذَّبْحِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الذَّكَاةِ بِمَعْنَى النَّحْرِ فَإِنَّهَا طَعْنٌ بِلَبَّةٍ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالنَّحْرُ طَعْنٌ بِلَبَّةٍ، وَمَعْنَى الطَّعْنِ الدَّكُّ، وَاللَّبَّةُ مَحَلُّ الْقِلَادَةِ مِنْ الصَّدْرِ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعٌ لِشَيْءٍ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْآلَةِ فِي اللَّبَّةِ مُوجِبٌ لِلْمَوْتِ سَرِيعًا لِوُصُولِهَا لِلْقَلْبِ، وَحِكْمَةُ الذَّكَاةِ إزْهَاقُ الرُّوحِ بِسُرْعَةٍ وَاسْتِخْرَاجُ الْفَضَلَاتِ، وَلَمَّا قَضَى اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى خَلْقِهِ بِالْفَنَاءِ وَشَرَّفَ بَنِي آدَمَ بِالْعَقْلِ أَبَاحَ لَهُمْ أَكْلَ الْحَيَوَانِ قُوَّةً لِأَجْسَادِهِمْ وَتَصْفِيَةً لِمِرْآةِ عُقُولِهِمْ لِيَسْتَدِلُّوا بِطِيبِ لَحْمِهَا عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَيَنْتَبِهُوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِلْمَوْلَى بِهِمْ عِنَايَةً لِإِيثَارِهِمْ بِالْحَيَاةِ عَلَى غَيْرِهِمْ أَيْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْمَأْكُولَةِ.
وَلَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ الْفَوْرِيَّةُ وَعَدَمُ رَفْعِ الْمُذَكِّي يَدَهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ بَيَّنَ مُحْتَرِزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ رَفَعَ) الْمُذَكِّي (يَدَهُ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (ثُمَّ أَعَادَ يَدَهُ فَأَجْهَزَ) أَيْ تَمَّ الذَّكَاةَ (فَلَا تُؤْكَلُ) ذَبِيحَتُهُ حَيْثُ كَانَ رَفَعَ يَدَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهَا وَعَادَ عَنْ بَعْدُ، وَلَوْ كَانَ رَفَعَ يَدَهُ عَلَى جِهَةِ الِاضْطِرَارِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ، وَلَوْ عَادَ عَنْ بَعْدُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَكَذَا تُؤْكَلُ مَعَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهَا حَيْثُ عَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ أَنْفَذَ حَيْثُ عَادَ مِنْ قُرْبٍ، وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ بِالْعُرْفِ وَيَجِبُ مَعَ الْبُعْدِ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُتَمِّمُ لِلذَّكَاةِ هُوَ الْأَوَّلُ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَكَذَا مَعَ الْقُرْبِ حَيْثُ كَانَ الْمُتَمِّمُ لِلذَّكَاةِ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُذَكِّي حَصَلَ لَهُ إنْفَاذُ مَقْتَلٍ مِنْ فِعْلِ الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِمَا حَيْثُ تَمَّمَهَا غَيْرُ الْأَوَّلِ، كَاشْتِرَاكِ شَخْصَيْنِ فِي الذَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ مِنْ كُلٍّ.
(تَنْبِيهٌ) مِثْلُ الرَّفْعِ فِي التَّفْصِيلِ إبْقَاءُ الشَّفْرَةِ عَلَى مَحَلِّ الذَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ إمْرَارٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا عَبَّرَ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ خَشِيَ تَوَهُّمَ عَدَمِ جَوَازِ أَكْلِ مُبَانِ الرَّأْسِ فَدَفَعَهُ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ تَمَادَى) الذَّابِحُ (حَتَّى قَطَعَ) أَيْ أَبَانَ (الرَّأْسَ) مِنْ الْجَسَدِ (أَسَاءَ) أَيْ أَثِمَ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ. (وَلْتُؤْكَلْ) مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَكْرُوهِ: وَتَعَمَّدَ إبَانَةَ رَأْسٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ إنْ قَصَدَهُ، وَإِذَا كَانَتْ تُؤْكَلُ مَعَ التَّعَمُّدِ فَأَحْرَى مَعَ الْغَلَبَةِ وَالسَّهْوِ، وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ: مِنْهَا غَسْلُ الرَّأْسِ فِي الْوُضُوءِ بَدَلَ الْمَسْحِ، وَمِنْهَا مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ تَمْنَعُ السُّجُودَ فَتَكَلَّفَ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ.

وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ الذَّكَاةِ الْقَطْعَ مِنْ الْمُقَدَّمِ قَالَ: (وَمَنْ ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا) أَوْ مِنْ إحْدَى صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ (لَمْ تُؤْكَلْ) ذَبِيحَتُهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَاجِبٌ، فَلَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ مِنْ تَحْتِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَقَطَعَهُمَا لِأَعْلَى لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَتِهِ:
وَالْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ بَتَّهْ ... وَإِنْ يَكُنْ مِنْ تَحْتِهَا فَمَيْتَهْ
وَقَالَ خَلِيلٌ أَيْضًا مِنْ الْمُقَدَّمِ، وَصَرِيحُ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقَطْعِ مِنْ تَحْتِهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ مِنْ الْمُقَدَّمِ خِلَافًا لِمَنْ فَصَّلَ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مَنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَمَنْ لَا تَصِحُّ، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ فَنَقُولُ: شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ، وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ لَنَا وَطْءُ نِسَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَلَوْ خَصِيًّا أَوْ فَاسِقًا، أَوْ مَجُوسِيًّا حَيْثُ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 384
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست