responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 383
وَلَا جِلْدٌ وَلَا وَدَكٌ وَلَا عَصَبٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ

وَيَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا أَفْضَلُ لَهُ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ

وَلَا يَأْكُلُ مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ، وَمَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ.

وَالذَّكَاةُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ وَلَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ رَفَعَ يَدَهُ بَعْدَ قَطْعِ بَعْضِ ذَلِكَ ثُمَّ أَعَادَ يَدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَيَّدَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَكَّاهُ بِاسْمِ الصَّنَمِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ أَكْلُهُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ افْتِقَارِ ذَكَاةِ الْكِتَابِيِّ إلَى تَسْمِيَةٍ أَوْ نِيَّةٍ فِيمَا ذَكَّاهُ إلَى نَفْسِهِ وَيَحِلُّ لَنَا أَكْلُهُ، وَأَمَّا مَا ذَكَّاهُ لِمُسْلِمٍ فَفِي صِحَّتِهِ قَوْلَانِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ فِي غَيْرِ الضَّحِيَّةِ، وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَلَا تَصِحُّ ضَحِيَّتُهُ إذَا وَيُخْلَى الْكِتَابِيُّ اتِّفَاقًا وَيَجْرِي فِي أَكْلِهَا الْقَوْلَانِ.

(وَ) قَوْلُهُ وَ (لَا يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ وَالنُّسُكِ) أَيْ الْفِدْيَةِ (لَحْمٌ، وَلَا جِلْدٌ، وَلَا وَدَكٌ، وَلَا عَصَبٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا سَبَقَ فِي خُصُوصٍ، وَهَذَا أَعَمُّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَنْدُبُ لِصَاحِبِ الْأُضْحِيَّةِ بِقَوْلِهِ: (وَيَأْكُلُ الرَّجُلُ) الْمُرَادُ الْمُضَحِّي مُطْلَقًا (مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا) عَلَى الْفُقَرَاءِ وَيُهْدِي مِنْهَا لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ (أَفْضَلُ لَهُ) مِنْ أَكْلِ جَمِيعِهَا.
قَالَ خَلِيلٌ: وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ، وَإِعْطَاءٍ بِلَا حَدٍّ، وَإِنَّمَا نُدِبَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] وَقَالَ أَيْضًا: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] وَالْقَانِعُ مَنْ لَا يَسْأَلُ بَلْ يَقْنَعُ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَالْمُعْتَرَّ الدَّائِرُ الْمُتَعَرِّضُ لَهُ يُعْطَى مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَالْبَائِسُ الْفَقِيرُ الزَّمِنُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَيُكْرَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ الضَّحِيَّةِ «؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَمَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِقِطْعَةٍ فَطُبِخَتْ لِيَكُونَ قَدْ أَكَلَ مِنْ الْجَمِيعِ» ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْجَمْعِ، وَقَوْلُ خَلِيلٍ: بِلَا حَدٍّ لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُخْتَارَ أَكْلُ الْأَقَلِّ، وَإِطْعَامُ الْأَكْثَرِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُضَحِّي أَنْ لَا يَأْكُلَ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَفْطُرَ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ إطْعَامَ الْجَارِ النَّصْرَانِيِّ، وَأَمَّا أَكْلُهُ فِي بَيْتِ رَبِّهَا فَلَا يُكْرَهُ. (وَلَيْسَ) الْأَكْلُ مَعَ التَّصَدُّقِ (بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ) غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَفْضَلُ.

، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ مُشَارَكَةِ الْفِدْيَةِ وَالْهَدْيِ لِلضَّحِيَّةِ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ مُشَارَكَتُهَا لَهُمَا فِي جَوَازِ الْأَكْلِ قَالَ: (وَلَا) يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَتْهُ فِدْيَةٌ أَنْ (يَأْكُلَ مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى) الْمَنْوِيِّ بِهَا الْهَدْيَ بِأَنْ قَلَّدَهَا أَوْ أَشْعَرَهَا (وَ) لَا مِنْ (جَزَاءِ الصَّيْدِ وَ) لَا مِنْ (نَذْرِ الْمَسَاكِينِ) الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ لَا بِلَفْظٍ، وَلَا نِيَّةٍ إذَا وَصَلَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِمَحِلِّ ذَكَاتِهَا، وَهُوَ مِنًى إنْ وَقَفَ بِهَا، وَكَانَ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، أَوْ مَكَّةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ بِهَا أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْأَكْلُ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ بَعْدَ الْوُصُولِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى الْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ كَفَّارَةً، وَالْإِنْسَانُ لَا يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ، وَلَا كَفَّارَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ عَطِبَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى مَحِلِّهَا لَجَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ (وَ) عَكْسُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (مَا عَطِبَ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ) أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ لَا بِقَيْدِ الْمَسَاكِينِ (قَبْلَ مَحِلِّهِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى إرَادَةِ أَكْلِهِ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَنْحَرَهُ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَيُلْقِيَ قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ، وَأَمَّا نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ وَالْفِدْيَةُ الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ الْمَجْعُولُ لِلْمَسَاكِينِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا لَا قَبْلَ الْمَحِلِّ، وَلَا بَعْدَ الْمَحِلِّ.
(وَ) يَجُوزُ أَنْ (يَأْكُلَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْمَحِلِّ وَبَعْدَهُ كَهَدْيِ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ هَدْيٍ وَجَبَ لِنَقْصِ شَعِيرَةٍ، وَمِثْلُهَا فِي الْجَوَازِ مُطْلَقًا الْهَدْيُ الْمَضْمُونُ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ لِلْمَسَاكِينِ لَا بِلَفْظٍ، وَلَا نِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ: قِسْمٌ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ لَا قَبْلُ، وَلَا بَعْدُ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: نَذْرُ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنُ، وَالْفِدْيَةُ الَّتِي لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا، وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ وَالْمَجْعُولُ لِلْمَسَاكِينِ، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا وَجَبَ لِنَقْصِ شَعِيرَةٍ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ عَكْسُ الْجَمِيعِ، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ بَعْدُ وَيَحْرُمُ قَبْلُ، وَهُوَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ لَا بِقَيْدِ الْمَسَاكِينِ، وَقِسْمٌ يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلُ وَيَحْرُمُ بَعْدُ، وَهُوَ نَذْرُ الْمَسَاكِينِ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، وَالْفِدْيَةُ الْمَجْعُولَةُ هَدْيًا، وَالْجَزَاءُ هَذَا هُوَ التَّحْرِيرُ، وَعِبَارَةُ التَّتَّائِيِّ فِيهَا بَعْضُ تَغْيِيرٍ يَظْهَرُ مِنْ تَحْرِيرِنَا، وَقَدْ أَشَارَ خَلِيلٌ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ تُؤْكَلْ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ عَيْنٌ مُطْلَقًا عَكْسُ الْجَمِيعِ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ، وَكُرِهَ لِذِمِّيٍّ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ، وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحِلِّ، وَهَدْيِ تَطَوُّعٍ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ فَتَلْقَى قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ كَرَسُولِهِ، وَانْظُرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ أَوْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِالْأَكْلِ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. وَقَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْهَدَايَا عَدَمُ الْأَكْلِ مِنْهَا خِلَافُ الضَّحِيَّةِ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ الضَّحَايَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الذَّكَاةِ فَقَالَ: (وَالذَّكَاةُ) فِي اللُّغَةِ التَّمَامُ، يُقَالُ: ذَكَّيْت الذَّبِيحَةَ إذَا أَتْمَمْت ذَكَاتَهَا، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ السَّبَبُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إبَاحَةِ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ، وَتَحْتَ هَذَا أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: ذَبْحٌ وَنَحْرٌ فِي إنْسِيٍّ أَوْ وَحْشِيٍّ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، وَعَقْرٌ فِي وَحْشِيٍّ مَعْجُوزٍ عَنْهُ، وَمَا يُعَجَّلُ الْمَوْتُ فِي نَحْوِ الْجَرَادِ، وَحَقِيقَةُ الذَّكَاةِ بِمَعْنَى الذَّبْحِ. (قَطْعُ) جَمِيعِ (الْحُلْقُومِ) ، وَهُوَ الْقَصَبَةُ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست