responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 350
بَابٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَحَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الَّذِي بِبَكَّةِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ

مَرَّةً فِي عُمُرِهِ

وَالسَّبِيلُ الطَّرِيقُ السَّابِلَةُ وَالزَّادُ الْمُبَلِّغُ إلَى مَكَّةَ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ إمَّا رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا مَعَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (بَابٌ فِي) : الْكَلَامِ عَلَى (الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) : أَمَّا الْحَجُّ فَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ الْقَصْدِ أَوْ بِقَيْدِ التَّكْرَارِ، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُمْكِنُ رَسْمُهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَحَدُّهُ بِزِيَارَةٍ وَطَوَافِ ذِي طُهْرٍ أَخَصُّ بِالْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ سَبْعًا بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالسَّعْيِ مِنْ الصَّفَا إلَى الْمَرْوَةِ وَمِنْهَا إلَيْهِ سَبْعًا بَعْدَ طَوَافٍ لَا بِقَيْدِ وَقْتِهِ بِإِحْرَامٍ فِي الْجَمِيعِ، وَالْمُرَادُ بِالطُّهْرِ الْأَخَصُّ هُوَ مَا كَانَ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ، أَوْ مِنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ، وَمَعْنَى لَا بِقَيْدِ وَقْتِهِ أَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ السَّعْيِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، بِخِلَافِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَهِيَ لُغَةً الزِّيَادَةُ، وَاصْطِلَاحًا عِبَادَةٌ يَلْزَمُهَا طَوَافٌ وَسَعْيٌ مَعَ إحْرَامٍ، وَحَدُّهَا عِبَادَةٌ ذَاتُ إحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَبَدَأَ بِبَيَانِ حُكْمِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ: (وَحَجُّ) : أَيْ قَصْدُ (بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ الَّذِي بِبَكَّةِ) : لِلْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي مَرَّ حَدُّهَا، وَبَكَّةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ مَكَّةُ بِالْمِيمِ فَهُمَا لُغَتَانِ، وَقَوْلُهُ: الَّذِي بِبَكَّةِ وَصْفٌ كَاشِفٌ؛ لِأَنَّ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامَ إنَّمَا هُوَ فِي مَكَّةَ فَقَطْ وَإِضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِلتَّشْرِيفِ، وَخَبَرُ حَجٍّ الْوَاقِعُ مُبْتَدَأً. (فَرِيضَةٌ) : عَلَى الْفَوْرِ عَلَى تَشْهِيرِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَعَلَى التَّرَاخِي عَلَى تَشْهِيرِ الْمَغَارِبَةِ، إلَّا أَنْ يُخَافَ الْفَوَاتُ فَيُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، دَلَّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ حَتَّى صَارَ وُجُوبُهُ كَالْمَعْلُومِ مِنْ الدَّيْنِ بِالضَّرُورَةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ زِيَادَةٌ: «فَمَنْ زَادَ فَتَطَوَّعَ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَمَنْ جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهِ فَاَللَّهُ حَسْبُهُ، وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ بِنَاءً عَلَى تَرَاخِيهِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ أَشَقَّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ قَالَ: (عَلَى كُلِّ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَى ذَلِكَ) : الْبَيْتِ (سَبِيلًا) : مَعْمُولُ اسْتَطَاعَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ سُلُوكَ سَبِيلٍ أَيْ طَرِيقٍ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُسْتَطِيعِ. (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) : بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَالْمَشْهُورُ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِهَا، فَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ فَقَطْ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَفَائِدَةُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُمْ عِقَابُهُمْ وَوَصَفَ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: (الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ) : فَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَا عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ صَحَّ مِنْهُمَا.
قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَصِحَّتُهُمَا أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِالْإِسْلَامِ، فَيُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْ الرَّضِيعِ وَالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ، وَأَمَّا شَرْطُ الْوُجُوبِ فَأَشَارَ إلَيْهِ خَلِيلٌ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ، وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ، وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ الْإِسْلَامُ فَقَطْ، وَشَرْطُ الْوُجُوبِ فَقَطْ الِاسْتِطَاعَةُ وَإِذْنُ وَلِيِّ السَّفِيهِ، وَشَرْطُ الْوُجُوبِ مَعَ وُقُوعِهِ فَرْضًا الْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ، وَشَرْطُ وُقُوعِهِ فَرْضًا فَقَطْ عَدَمُ نِيَّةِ النَّفْلِيَّةِ

ثُمَّ بَيَّنَ مَا تَبْرَأُ بِهِ الذِّمَّةُ مِنْ فَرِيضَةِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ: (مَرَّةً) : مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمُبَيِّنِ لِلْعَدَدِ عَامِلُهُ فَرِيضَةٌ أَيْ وَحَجُّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامَ فَرِيضَةٌ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ مَرَّةً (فِي عُمُرِهِ) : وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ حَصَلَ الْقِيَامُ بِهِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ كَانَ نَافِلَةً مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست