responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 32
الْمَضَاجِعِ، فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمُوا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، قَبْلَ بُلُوغِهِمْ، لِيَأْتِيَ عَلَيْهِمْ الْبُلُوغُ، وَقَدْ تَمَكَّنَ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَسَكَنَتْ إلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَأَنِسَتْ بِمَا يَعْمَلُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ جَوَارِحُهُمْ.

وَقَدْ فَرَضَ اللَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُوزُ عَلَى مَا يَظْهَرُ أَمْرُهُمْ بِهِ لِمَشَقَّتِهِ، وَالْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ إلْزَامُ الصَّبِيِّ مَا عَلَيْهِ فِي فِعْلِهِ مَشَقَّةً وَلِذَا لَمْ يَأْمُرْ الشَّارِعُ الْوَلِيَّ بِهِ، وَإِذَا صَامَ الصَّبِيُّ لَا ثَوَابَ لَهُ لِأَنَّ الثَّوَابَ فِي فِعْلِ الْمَطْلُوبِ لَا فِي فِعْلِ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا أَعْظَمَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهَا فِي فِعْلِهَا فَأَمَرَ بِهَا لِيَعْتَادَهَا، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْلَفْهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ لَرُبَّمَا كَرِهَتْهَا نَفْسُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِكَثْرَةِ شُرُوطِهَا وَتَكَرُّرِهَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَأَمَّا الْحَجُّ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَمْرُ الْوَلَدِ بِالسَّفَرِ لِأَجْلِهِ، وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَاسْتَصْحَبَهُ إلَى مَحَلِّ الْإِحْرَامِ طُلِبَ مِنْهُ أَمْرُهُ بِالْإِحْرَامِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا أَوْ نَوَى إدْخَالَهُ فِيهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمَالِ فَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ إخْرَاجُهَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ صَدَقَةِ فِطْرِهِ، وَكَمَا يُسَنُّ فِي حَقِّهِ التَّضْحِيَةُ عَنْهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ فِي عَامِهِ، أَمَّا بَقِيَّةُ الْمَأْمُورَاتِ سِوَى مَا ذُكِرَ فَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّمُوا إلَخْ.
الثَّانِي: اُخْتُلِفَ فِي أَجْرِ صَلَاةِ الصَّبِيِّ وَسَائِرِ مَا فَعَلَهُ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ، فَقِيلَ لِلْأَبِ وَقِيلَ لِلْأُمِّ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ الْحَطَّابُ فَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى خَلِيلٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ أَجْرَ أَعْمَالِ الصَّبِيِّ لَهُ وَلَا تُكْتَبُ عَلَيْهِ السَّيِّئَاتُ، وَنَحْوُهُ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» نَصٌّ فِي أَنَّ الْمَرْفُوعَ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ لَا مَا يَكُونُ لَهُ، وَأَجْرُ عَمَلِهِ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا قِيلَ لَهُ: «أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ وَلِحَامِلِهِ عَلَى الطَّاعَةِ أَجْرُ حَمْلِهِ» .
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: الْأَجْرُ كُلُّهُ لِأَبَوَيْهِ إمَّا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ أَوْ الثُّلُثَانِ لِلْأُمِّ غَلَطٌ سَبَبُهُ الْجَهْلُ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الصِّغَارَ يَتَفَاوَتُونَ فِي مَنَازِلِ الْجَنَّةِ بِقَدْرِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا أَنَّ الْكُفَّارَ فِي جَهَنَّمَ كَذَلِكَ بِقَدْرِ كُفْرِهِمْ.
الثَّالِثُ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ يُضْرَبُونَ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْعَشْرِ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُحَدُّ بِحَدٍّ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت الصَّوَابُ اعْتِبَارُ حَالِ الصِّبْيَانِ فَقَدْ شَاهَدْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعَلِّمِينَ الصُّلَحَاءِ يَضْرِبُ نَحْوَ الْعِشْرِينَ وَأَزِيدَ، وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَالضَّرْبُ الْمَأْمُورُ بِهِ ثَلَاثُ ضَرَبَاتٍ بِدِرَّةٍ عَلَيْهَا سَوْطٌ لَيِّنٌ عَرِيضٌ عَلَى الظَّهْرِ فَوْقَ الثِّيَابِ أَوْ عَلَى بَاطِنِ الْقَدَمَيْنِ مُجَرَّدَيْنِ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ خَرَجَ عَنْ الصِّفَةِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ، وَمَا تَوَلَّدَ عَنْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَمَا تَوَلَّدَ عَنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: وَيَضْرِبُ الرَّجُلُ يَتِيمَهُ عَلَى نَفْعِهِ وَكَذَا أَوْلَادَهُ وَأَهْلَهُ عَلَى نَفْعِهِ وَنَفْعِهِمْ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَضْرِبُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ عَلَى الصَّلَاةِ.
الرَّابِعُ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ حُكْمَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبَوَيْهِمْ فِي الْمَضَاجِعِ الِاسْتِحْبَابُ وَعَدَمَهَا مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِهَا الْأَطْفَالَ، وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْبَالِغِينَ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا يَتَلَاصَقُ رَجُلَانِ وَلَا امْرَأَتَانِ، لَكِنَّ تَلَاصُقَ الْبَالِغِينَ بِالْعَوْرَةِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ حَرَامٌ مُطْلَقًا كَبِهِ مَعَ قَصْدِ اللَّذَّةِ وَوِجْدَانِهَا وَإِلَّا كُرِهَ، وَأَمَّا تَلَاصُقُهُمَا بِغَيْرِ عَوْرَتَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ سَاتِرٍ فَمَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يَقْصِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا اللَّذَّةَ أَوْ يَجِدَاهَا، وَأَمَّا تَلَاصُقُ الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ فَمَكْرُوهٌ مِنْ حَقِّ وَلِيِّ الصَّبِيِّ، وَفِي حَقِّ الْبَالِغِ عَلَى الْأَسْبَقِ مِنْ الْحُرْمَةِ عَلَى الْبَالِغِ حَيْثُ لَا سَاتِرَ مُطْلَقًا كَبِهِ مَعَ قَصْدِ لَذَّةٍ أَوْ وِجْدَانِهَا أَوْ الْكَرَاهَةِ مِنْ عَدَمِهَا، وَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فِي التَّفْصِيلِ.
1 -
وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ الصِّبْيَانَ لَا تُؤْمَرُ إلَّا بِالصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَمْرُهُمْ وَتَعْلِيمُهُمْ كُلَّ مَا لَا يَشُقُّ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ شَبَّهَ فِيمَا سَبَقَ فَقَالَ: (فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي) أَيْ يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَعْلَمُوا) أَيْ الْأَوْلَادُ (مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ) الْمُكَلَّفِينَ (مِنْ قَوْلٍ) كَلَفْظِ الشَّهَادَتَيْنِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَادِرِ الَّذِي يُرِيدُ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ الَّذِي يُرِيدُ أَدَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَقِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ (وَ) مِنْ (عَمَلٍ) بِبَقِيَّةِ جَوَارِحِهِمْ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ.
وَلَفْظُ الْعِبَادِ شَامِلٌ لِلْكُفَّارِ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَزَمَنُ اسْتِحْبَابِ التَّعْلِيمِ (قَبْلَ بُلُوغِهِمْ) فَقَبْلُ ظَرْفٌ لِيَعْلَمُوا مَنْصُوبٌ بِهِ، وَبُلُوغُهُمْ يَكُونُ بِثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ أَوْ الْحُلُمِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ تَعْلِيمُهُمْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ (لِيَأْتِيَ عَلَيْهِمْ الْبُلُوغُ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ تَمَكَّنَ ذَلِكَ) الَّذِي تَعْلَمُوهُ مِمَّا هُوَ مَفْرُوضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ (فِي قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَتْ) أَيْ مَالَتْ (إلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ) بِحَيْثُ لَا يَمَلُّونَ مِنْ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست