responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 318
الصَّالِحُ يَقُومُونَ فِيهِ فِي الْمَسَاجِدِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً ثُمَّ يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَيَفْصِلُونَ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ ثُمَّ صَلَّوْا بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَاقِلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ عَمَلَهُ دَائِمًا فِي حَضِيضِ النُّقْصَانِ وَغَيْرَ بَالِغِ دَرَجَةِ الْكَمَالِ، لَعَلَّ الْبَارِيَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ بِالْقَبُولِ وَالْإِحْسَانِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي يُنْدَبُ فِعْلُ الْقِيَامِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: (وَ) يَجُوزُ فِعْلُ صَلَاةِ (الْقِيَامِ فِيهِ) أَيْ فِي رَمَضَانَ (فِي) سَائِرِ (مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ) وَإِنْ كَانَتْ مَسَاجِدَ خُطَبٍ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ (بِإِمَامٍ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ جَمَاعَةً الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَجَمْعُ كَثِيرٍ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ لِاسْتِمْرَارِ الْعَمَلِ عَلَى الْجَمْعِ فِيهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ لِاسْتِحْبَابِ خَتْمِهِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ لِيَسْمَعَ جَمِيعَهُ الْمَأْمُومُونَ، وَلَمَّا كَانَ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلَ قَالَ: (وَمَنْ شَاءَ قَامَ) أَيْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ (فِي بَيْتِهِ وَلَوْ بِإِمَامٍ وَهُوَ أَحْسَنُ) أَيْ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْمَسْجِدِ (لِمَنْ قَوِيَتْ نِيَّتُهُ وَحْدَهُ) وَمَعْنَى قَوِيَتْ نِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نَشَاطٌ فِي فِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ عَاطِفًا عَلَى الْمَنْدُوبِ الْمُتَأَكَّدِ: وَتَرَاوِيحُ وَانْفِرَادٌ فِيهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ.
قَالَ شُرَّاحُهُ: وَنُدِبَ الِانْفِرَادُ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَنْشَطُ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَبِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَسْجِدِ مِنْ فِعْلِهَا فِي الْبُيُوتِ، وَبِأَنْ لَا يَكُونَ آفَاقِيًّا وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَإِلَّا كَانَ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلَ، وَإِنَّمَا كَانَ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ مَعَ الْقُيُودِ أَفْضَلَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجَلْوَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْخَلْوَةِ، وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاتُكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِأَصْحَابِهِ التَّرَاوِيحَ لَيْلَتَيْنِ وَقِيلَ ثَلَاثًا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الثَّالِثَةِ وَقِيلَ فِي الرَّابِعَةِ لَمَّا بَلَغَهُ ازْدِحَامُهُمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: رَأَيْت الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا أَنِّي خَشِيت أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ» كَمَا أَشَارَ الْأُجْهُورِيُّ بِقَوْلِهِ:
وَفِيهِ قَدْ صَلَّى نَبِيُّ الرَّحْمَهْ ... قِيَامَهُ بِلَيْلَتَيْنِ فَاعْلَمْهُ
أَوْ بِثَلَاثٍ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ لَهُ ... خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ
ثَمَّةَ كَانَ الْجَمْعُ فِيهِ مِنْ عُمَرْ ... لَمَّا وَعَاهُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ خَبَرْ
مِنْ أَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْلَاكٌ كِرَامْ ... بِرَمَضَانَ كُلَّ عَامٍ لِلْقِيَامْ
فَمَنْ لَهُمْ قَدْ مَسَّ أَوْ مَسُّوهُ ... يَسْعَدُ وَالشِّقْوَةُ لَا تَعْرُوهُ
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، وَقَوْلُ عُمَرَ فِيهَا: نِعْمَةُ الْبِدْعَةِ هَذِهِ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَصْلِهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: نِعْمَتْ الْبِدْعَةُ جَمْعُهُمْ عَلَى إمَامٍ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاظَبَةِ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُمْ حِينَ امْتَنَعَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْخُرُوجِ صَارُوا يُصَلُّونَهَا فُرَادَى فِي بُيُوتِهِمْ، ثُمَّ بَعْدَ سَنَتَيْنِ حَصَلَ الْأَمْنُ مِنْ خَشْيَةِ فَرْضِيَّتِهَا لِعَدَمِ تَجْدِيدِ الْأَحْكَامِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِفِعْلِهَا جَمَاعَةً، وَلَعَلَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ إشْهَارَهَا وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا وَإِحْيَاءَ الْمَسَاجِدِ بِفِعْلِهَا؛ لِأَنَّ إخْفَاءَهَا ذَرِيعَةٌ لِإِهْمَالِهَا وَتَضْيِيعِهَا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَقُولُ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ خَشْيَةُ فَرْضِهَا عَلَيْكُمْ» مَعَ مَا فِي الْحَدِيثِ حِينَ فَرَضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: " هُنَّ خَمْسٌ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ إلَخْ " فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ خَشْيَةُ فَرْضِهَا فِي خُصُوصِ رَمَضَانَ، وَأَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَمَفْرُوضَةٌ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَلَى الدَّوَامِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ خَشْيَةُ فَرْضِهَا عَلَيْكُمْ فِي جَمَاعَةٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ الْخُرُوجِ خَشْيَةُ فَرْضِهَا» يَقْتَضِي أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، فَكَيْفَ تَقُولُونَ فِعْلُهَا فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَدْ يَفْعَلُ الْمَفْضُولَ لِلتَّشْرِيعِ، فَفِعْلُهُ لَهَا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْوَاجِبِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَخِلَافُ الْأَفْضَلِ فِي حَقِّنَا.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا الْمُصْطَفَى وَوَاظَبَ عَلَيْهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ بَعْدَ قَوْلِهِ: (وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (يَقُومُونَ فِيهِ) فِي زَمَنِ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِأَمْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (فِي الْمَسَاجِدِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً) وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ الْآنَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ. (ثُمَّ) بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشْرِينَ (يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ) مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْأَشْرَفِ لَا أَنَّ الثَّلَاثَ وِتْرٌ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا مَرَّ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَيَفْصِلُونَ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِسَلَامٍ) اسْتِحْبَابًا وَيُكْرَهُ الْوَصْلُ إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا، وَخُيِّرَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ، وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْعِشْرِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا. (ثُمَّ) بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ (صَلَّوْا) أَيْ السَّلَفُ غَيْرَ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ هُنَا مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (بَعْدَ ذَلِكَ) الْعَدَدِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست