responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 240
إذَا كَانَ عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْسُطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا طَاهِرًا كَثِيفًا وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ

وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ صَلَّى جَالِسًا إنْ قَدَرَ عَلَى التَّرَبُّعِ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ فَلْيُومِئْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَشَقَّةِ فِي الْغُسْلِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى غَسْلِ جَمِيعِ الْجَسَدِ.
الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ تَطَاوَلَ فِعْلُ ذَلِكَ لِمَا يُسْتَقْبَلُ إلَخْ: لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمُ الْفِعْلِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ حُكْمَهُ السُّنِّيَّةُ وَتَبِعْنَا فِي ذَلِكَ النَّاصِرَ اللَّقَانِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ، وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْحَطُّ رُتْبَتُهَا بِتَرْكِهَا إلَّا إنْ نَابَ عَنْهَا غَيْرُهَا.
الثَّالِثُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَنْ تَرَكَ فَضِيلَةً كَشَفْعِ غَسْلِهِ وَتَثْلِيثِهِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ إعَادَتُهَا لَا حَالًا وَلَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ تَنْكِيسِ السُّنَنِ فِي أَنْفُسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ، فَلَا يُعَادُ الْمُنَكَّسُ مِنْهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ، إلَّا مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِجْمَارِ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَنْدُبُ لَهُ الِاسْتِنْجَاءُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ الصَّلَاةِ.

(وَمَنْ صَلَّى عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ مِنْ حَصِيرٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَسْدُلُهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ كَحِرَامِهِ الَّذِي طَرَحَهُ فِي الْأَرْضِ (وَ) الْحَالُ أَنَّ (بِمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ نَجَاسَةً) وَلَكِنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ لَمَسَتْهَا ثِيَابُهُ سَوَاءٌ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ إنَّمَا يُطْلَبُ مِنْهُ طَهَارَةُ مَا تَمَسُّهُ أَعْضَاؤُهُ، وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفَرْوَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهَا نَجَاسَةٌ وَلَوْ جِلْدَ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ شَاةٍ مَاتَتْ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ حَيْثُ كَانَ الشَّعْرُ سَاتِرًا لِلْجِلْدِ وَلَا نَجَاسَةَ بِهِ، وَلَا يُقَالُ: الشَّعْرُ يَتَّصِلُ بِالنَّجَاسَةِ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُتَنَجِّسُ الْمَنْبَتُ فِي الْجِلْدِ الْخَارِجُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْحَصِيرِ الَّذِي بِبَاطِنِهِ نَجَاسَةٌ وَلَوْ مُتَّصِلَةً بِهِ، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ لِعَدَمِ حَمْلِهِ لَهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بِطَرَفِ عِمَامَتِهِ أَوْ ثَوْبِهِ الْمَحْمُولِ لَهُ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَقَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْعِمَامَةِ وَالْحَصِيرِ أَنَّ نَحْوَ الْحَصِيرِ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ، فَالشَّرْطُ طَهَارَةُ مَا تَمَاسُّهُ أَعْضَاءُ الْمُصَلِّي، بِخِلَافِ نَحْوِ الْعِمَامَةِ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الْجُلُوسُ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ حَمْلُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ وَقَفَ عَلَى طَرَفِ حَبْلٍ مُتَنَجِّسٍ أَوْ مَرْبُوطٍ بِهِ نَجَاسَةٌ، وَالطَّرَفُ الْآخَرُ طَاهِرٌ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ، وَأَمَّا إنْ وَقَفَ عَلَى الطَّرَفِ الطَّاهِرِ، وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَامِلٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاقِفِ عَلَى الْحَصِيرِ الَّذِي بِبَاطِنِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تَتَّصِلْ بِأَعْلَاهُ.

(وَالْمَرِيضُ إذَا كَانَ) جَالِسًا (عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ) وَأَوْلَى مُتَنَجِّسٍ (فَلَا بَأْسَ) إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ (أَنْ يَبْسُطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا طَاهِرًا كَثِيفًا) غَيْرَ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ (وَيُصَلِّي عَلَيْهِ) وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلِمَرِيضٍ سَتْرُ نَجِسٍ بِطَاهِرٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ كَالصَّحِيحِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَرِيضِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي أَنَّ الصَّحِيحَ كَذَلِكَ، فَقَوْلُهُ: لَا بَأْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي أَوْ الْمَرْجُوحُ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَإِلَّا وَجَبَ، فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ بِهِ النَّجَاسَةَ إلَّا الْحَرِيرَ فَلَهُ سَتْرُهَا بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنَّمَا تَحْرُمُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، قَالَ خَلِيلٌ: وَعَصَى وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا كَمَا يُعْصَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ اخْتِيَارًا، وَلَوْ فَرَشَ عَلَيْهِ ثَوْبًا غَيْرَ حَرِيرٍ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرِيرِ أَشَدُّ مِنْ حُرْمَةِ النَّجَاسَةِ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ فِي تَجْوِيزِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ بَعْدَ سَتْرِهِ بِغَيْرِهِ، فَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْك بِمَحَلٍّ مَفْرُوشٍ بِحَرِيرٍ فَيَجِبُ عَلَيْك رَفْعُ الْفُرُشِ وَتُصَلِّي عَلَى مَا تَحْتَهُ، إلَّا أَنْ لَا تَسْتَطِيعَ فَلَا بَأْسَ بِفَرْشِ شَيْءٍ عَلَيْهِ، وَتُصَلِّي بَعْدَ تَقْلِيدِ الْقَائِلِ بِزَوَالِ الْحُرْمَةِ بِفَرْشِ شَيْءٍ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) : يُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُفْرَشُ عَلَى النَّجَاسَةِ أَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمُصَلِّي، وَأَمَّا لَوْ فَرَشَ كُمَّ ثَوْبِهِ الْمُلَابِسِ لَهُ عَلَى نَجَاسَةٍ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ أَوْ طَرَفِ حِرَامِهِ الْمُلْتَحِفِ بِهِ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَلَوْ الْجَافَّةَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، فَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ: وَسُقُوطُ طَرَفِ ثَوْبِهِ عَلَى جَافِّ نَجَاسَةٍ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ اهـ مَوَّاقٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: بِغَيْرِ مَحَلِّهِ أَنَّ طَرَفَ ثَوْبِهِ السَّاقِطِ عَلَى النَّجَاسَةِ لَوْ كَانَ مَفْرُوشًا عَلَى نَجَاسَةٍ تَحْتَ جَبْهَتِهِ أَوْ قَدَمِهِ أَوْ رُكْبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَغْوًا فَلَا يَصِحُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَفْرِشَ كُمَّهُ عَلَى نَجَاسَةٍ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ.

[صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بِقَوْلِهِ: (وَصَلَاةُ الْمَرِيضِ) الْفَرِيضَةُ (إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ) فِيهَا مُسْتَقِلًّا بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً أَوْ تَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ (صَلَّى جَالِسًا) مُسْتَقِلًّا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَبَّعَ (إنْ قَدَرَ عَلَى التَّرَبُّعِ) اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَتَرَبَّعُ فِي صَلَاتِهِ جَالِسًا» كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ؛ وَلِأَنَّهُ الْأَلْيَقُ بِالْأَدَبِ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ: وَتَرَبَّعَ كَالْمُتَنَفِّلِ، وَغَيَّرَ جِلْسَتُهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ، قَالَ شُرَّاحُهُ: وَكَذَا فِي سُجُودِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي الْفَرْضَ جَالِسًا هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ جُمْلَةً أَوْ يَخَافُ بِالْقِيَامِ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ كَالتَّيَمُّمِ، وَأَمَّا مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْمَشَفَّةُ الْفَادِحَةُ دُونَ الْمَرَضِ فَالرَّاجِحُ التَّفْصِيلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ صَحِيحًا فَلَا يَصِحُّ لَهُ الْجُلُوسُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا يَصِحُّ جُلُوسُهُ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، خِلَافًا لِتِلْمِيذِهِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ جَالِسًا، وَالْقَادِرُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ الِاسْتِقْلَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَجَزَ مَعَهُ عَنْ الطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ، وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ مَعَ الِاسْتِنَادِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِنَادُ لِغَيْرِ جُنُبٍ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست