responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 22
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرَّغِيبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الرَّغِيبَةَ وَالنَّافِلَةَ خَرَجَتَا مِنْهُ بِقَيْدِ الْإِظْهَارِ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ، وَبَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةٌ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَدِّ السُّنَّةِ قَيْدٌ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَجْعَلُ الْفَجْرَ رَغِيبَةً يَعْتَبِرُ فِي حَدِّ السُّنَّةِ قَيْدَ الْفِعْلِ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا رَغِيبَةً يُسْقِطُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالرَّغِيبَةِ أَنَّ الرَّغِيبَةَ دَاوَمَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بِخِلَافِ النَّافِلَةِ فَإِنَّهَا مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ أَوْ دَاوَمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحُدَّهُ أَوْ حَدَّهُ وَلَمْ يُظْهِرْهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَعْنَى الْإِظْهَارِ فِي جَمَاعَةٍ فِعْلُهُ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَعْنَى الْحَدِّ التَّعْيِينُ فِي عَدَدٍ مَخْصُوصٍ بِحَيْثُ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَالنَّقْصُ عَنْهُ مُفَوِّتًا لِلثَّوَابِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ثَبَتَتْ مُدَاوَمَتُهُ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ التَّحْدِيدَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَتَمَيَّزُ هَذِهِ عَنْ الرَّغِيبَةِ؟ قُلْت: هَذَا مَفْهُومُ عَدَدٍ لَا يُفِيدُ قَصْرَ فِعْلِهِ عَلَى أَرْبَعٍ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، لِأَنَّ مَنْ يُوَاظِبُ عَلَى مِائَةِ رَكْعَةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَعَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الرَّغِيبَةَ فَعَلَهَا وَحَضَّ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مُطْلَقِ النَّافِلَةِ فَتَأَمَّلْهُ، هَذَا مُلَخَّصُ مَا قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ قَائِلًا لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ الثَّانِي: إذَا عَرَفْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَنِ فِي كَلَامِهِ مَا قَابَلَ الْفَرْضَ ظَهَرَ لَك عَدَمُ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: بَعْدُ: وَنَوَافِلِهَا وَرَغَائِبِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّأْكِيدَ مُخْتَلِفٌ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْوِتْرُ سُنَّةٌ آكَدُ ثُمَّ عِيدٌ ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا أَشْتَدَّ طَلَبُهُ يَكُونُ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ.

(وَشَيْءٌ مِنْ الْآدَابِ) جَمْعُ أَدَبٍ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ مَا يَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَحْسُنُ بِهِ حَالَةُ الْإِنْسَانِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَسَائِرِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ تَعَرَّضَ لِلْجَمِيعِ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ، فَاَلَّذِي تَحْسُنُ حَالَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَجَنُّبُهُ عَنْ كُلِّ مَا يُؤْثِمُ وَهُوَ التَّقْوَى، وَاَلَّذِي تَحْسُنُ بِهِ حَالَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُتُبِ اللَّهِ احْتِرَامُهَا وَتَعْظِيمُهَا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّهَا إلَّا عَلَى طَهَارَةٍ، وَلَا يَقْرَؤُهَا فِي مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ، وَمَعَ الرُّسُلِ وَالنَّاسِ التَّأَدُّبُ مَعَ الْجَمِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: الْأَدَبُ أَنْ يُؤَدِّبَ ظَاهِرَهُ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَبَاطِنَهُ بِالْحَقِيقَةِ بِأَنْ يَرْضَى بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ وَيَتَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَيُعِدُّهُ نِعْمَةً إمَّا عَاجِلَةً وَإِمَّا آجِلَةً، فَالْعَاجِلَةُ بُلُوغُ النَّفْسِ فِي الْحَالِ مَحْبُوبَهَا وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْآجِلَةُ كَأَنْوَاعِ الْمَضَارِّ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهَا آجِلًا أَوْ يَحُطُّ عَنْهَا بِهَا خَطِيئَةً فَهِيَ نِعْمَةٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَلَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْآدَابَ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَاجِبِ وَالسُّنَّةِ وَالنَّافِلَةِ قَالَ: (مِنْهَا) أَيْ إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي أَذْكُرُهُ مِنْ الْآدَابِ مِنْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ الَّتِي هِيَ الْوَاجِبُ وَالسُّنَّةُ وَالنَّافِلَةُ فَعَوْدُ الضَّمِيرِ فِي مِنْهَا لِلْوَاجِبِ، وَالسُّنَّةُ وَالنَّافِلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَةِ أَحْسَنُ، لِأَنَّ بَعْضَ مَا ذُكِرَ فِي بَابٍ جَامِعٍ مِنْ الْآدَابِ بَعْضُهُ وَاجِبٌ وَبَعْضُهُ سُنَّةٌ وَبَعْضُهُ نَفْلٌ، وَأَمَّا عَوْدُ ضَمِيرِ مِنْهَا لِلْجُمْلَةِ فَبَعِيدٌ إذْ هُوَ بِصَدَدِ بَيَانِ مَا تَكُونُ مِنْهُ الْجُمْلَةُ.
(تَتِمَّةٌ) الْأَدَبُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: طَبِيعِيٌّ: وَذَلِكَ كَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ وَتَعْظِيمِ مَنْ يُطْلَبُ تَعْظِيمُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ الْجِبِلِّيَّةِ الْحِسِّيَّةِ.
وَكَسْبِيٌّ: وَهُوَ مَعْرِفَةُ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَصُوفِيٌّ: وَهُوَ ضَبْطُ الْحَوَاسِّ وَمُرَاعَاةُ الْأَنْفَاسِ وَالِاشْتِغَالِ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ.
وَشَرْعِيٌّ: وَهُوَ مَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ.

(وَجُمَلٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُنُونِهِ) وَالْأُصُولُ جَمْعُ أَصْلٍ وَهُوَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَأَصْلِ الْجِدَارِ وَهُوَ أَسَاسُهُ، وَالْفُنُونُ جَمْعُ فَنٍّ وَهُوَ الْفَرْعُ الْمَبْنِيُّ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهُمَا لُغَةً، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأُصُولِ أُمَّهَاتُ الْمَسَائِلِ كَمَسْأَلَةِ بُيُوعِ الْآجَالِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَشَعَّبُ مِنْهَا مَسَائِلُ كَمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبِالْفُنُونِ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْأُصُولِ الْأَدِلَّةُ وَبِالْفُنُونِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا، وَاَلَّذِي قَالَهُ الطَّيَالِسِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُ هَذَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُصُولِ الْأَحَادِيثُ الْمُلَخَّصَةُ الْأَسَانِيدِ أَيْ الْمَحْذُوفَةُ الْأَسَانِيدِ، وَبِالْفُنُونِ الْآرَاءُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْعُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَهَذَا شَاهِدٌ عَلَى خَطَأِ مَنْ فَسَّرَ أُصُولَ الْفِقْهِ فِي كَلَامِهِ بِأُمَّهَاتِ الْمَسَائِلِ وَالْفُنُونِ بِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا، وَعَلَى تَفْسِيرِ الْمُصَنِّفِ يَكُونُ عِطْفُ جُمَلٍ عَلَى وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ مِنْ عِطْفِ الْمُغَايِرِ، وَيَصِحُّ نَصْبُ جُمَلٍ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةٍ إنْ ثَبَتَ نَصْبُهَا فِي الْمُصَنَّفِ، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ خُرُوجُهَا مِنْ الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّهَا بَعْضُهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ عِطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِخِلَافِ الْجَرِّ فَإِنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ، وَالْفِقْهُ لُغَةً الْفَهْمُ وَالْعِلْمُ، يُقَالُ: فَقِهَ بِكَسْرِ الْقَافِ إذَا فَهِمَ، وَبِفَتْحِهَا إذَا سَبَقَ غَيْرَهُ لِلْفَهْمِ، وَبِضَمِّهَا إذَا صَارَ الْفِقْهُ لَهُ سَجِيَّةً.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ وَاحْتَرَزَ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ عَنْ مَعْرِفَةِ الذَّوَاتِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست