responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 217
فَلْيَسْجُدْ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ إذَا تَمَّ تَشَهُّدُهُ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ

وَمَنْ نَقَصَ وَزَادَ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ

وَمَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَالَ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيت؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَامَ فَأَتَمَّ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ وَهُوَ جَالِسٌ» وَمَعْنَى أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ هَلْ أُوحِيَ إلَيْك بِقَصْرِهَا أَمْ نَسِيت؟ فَالتَّاءُ فِي أَقَصُرَتْ لِلتَّأْنِيثِ وَالصَّلَاةُ فَاعِلٌ وَلَيْسَتْ حَرْفَ خِطَابٍ لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ أَمْ نَسِيت، وَفُهِمَ مِنْ الْحَدِيثِ أُمُورٌ مِنْهَا: مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ وَالْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ إلَى الْآنَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخَةٌ، وَمَا وَقَعَ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ رَاوِيَ الْحَدِيثِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ إسْلَامًا فَالْحَقُّ عَدَمُ نَسْخِ قِصَّتِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ سَجْدَتَانِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ، وَمِنْهَا: أَنَّ السَّلَامَ سَهْوًا لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ بَعْدَهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ، وَأَنَّ الْكَلَامَ الْعَمْدَ لِإِصْلَاحِهَا مِنْ الْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ لَا يُبْطِلُهَا إذَا لَمْ يَكْثُرُ، وَمِنْهَا: جَوَازُ سُؤَالِ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ عِنْدَ شَكِّهِ، وَجَوَازُ سُؤَالِ الْإِمَامِ لِمَأْمُومِيهِ كَذَلِكَ.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَحْضَ الزِّيَادَةِ يُسْجَدُ لَهَا بَعْدَ السَّلَامِ ذَكَرَ مُحْتَرَزَهَا بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ سَهْوٍ بِنَقْصٍ) سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ دَاخِلَةٌ فِي الصَّلَاةِ كَالزَّائِدِ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَوْ آيَةٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ جَمِيعِهَا حَيْثُ أَتَى بِهَا فِي جُلِّ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَقَلِّهَا عَلَى مَا يَأْتِي لِلْفَاكِهَانِيِّ، وَمِثْلُ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ السُّنَّتَانِ الْخَفِيفَتَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَخَبَرُ كُلِّ سَهْوٍ الْوَاقِعُ مُبْتَدَأٌ (فَلْيَسْجُدْ لَهُ) سَجْدَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ وَلَوْ كَثُرَتْ السُّنَنُ الْمَتْرُوكَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: سُنَّ لِسَهْوٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةِ سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ، وَمُقَابِلُهُ الْوُجُوبُ إنْ كَانَ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ (قَبْلَ السَّلَامِ) يُكَبِّرُ لِلْخَفْضِ وَالرَّفْعِ مَعَ نِيَّةِ فِعْلِ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَخِلَافُهُ لَا يَظْهَرُ، وَجَعَلْنَا مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ سُنَّةً لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يُسْجَدُ لَهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَدَارُكِهَا، وَقَيَّدْنَا السُّنَّةَ بِالْمُؤَكَّدَةِ أَوْ الْخَفِيفَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ التَّكْبِيرَةِ لَا يُسْجَدُ لَهَا وَبِدَاخِلَةِ الصَّلَاةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَامَةِ فَلَا يُسْجَدُ لَهَا، وَإِنْ سَجَدَ لِمَا لَا يُسْجَدُ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَوْ جَهْلًا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يَسْجُدَ تَبَعًا لِمَنْ يَرَى السُّجُودَ لِذَلِكَ، وَمُحْتَرَزُ السَّهْوِ أَنَّ الْعَمْدَ لَا يُسْجَدُ لَهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ؟ قَالَ خَلِيلٌ: وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ لَا؟ وَلَا سُجُودَ خِلَافٌ وَمَحَلُّ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ (إذَا تَمَّ تَشَهُّدُهُ) الَّذِي هُوَ آخَرُ صَلَاتِهِ وَفَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ أَيْضًا (ثُمَّ) بَعْدَ فِعْلِ السَّجْدَتَيْنِ (يَتَشَهَّدُ) أَيْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ اسْتِنَانٌ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: يَتَشَهَّدُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَحَدُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُطْلَبُ فِي تَشَهُّدِهَا الدُّعَاءُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الدُّعَاءِ.
(وَيُسَلِّمُ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ سَلَامُ الْفَرِيضَةِ. وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ إعَادَةَ التَّشَهُّدِ هِيَ الصَّوَابُ ذَكَرَ مُقَابِلَهَا بِقَوْلِهِ: (وَقِيلَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ) ، وَإِنَّمَا يَقْتَصِرُ عَلَى فِعْلِ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ الْمُبَيِّنُ لِمَا بِهِ الْفَتْوَى حَيْثُ قَالَ: وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِنَا: أَنَّ إعَادَةَ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إعَادَتَهُ وَلَوْ عَمْدًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاسْتَظْهَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ تَشَهُّدِهِ لِلْفَرِيضَةِ وَاكْتَفَى بِتَشَهُّدِ الْفَرِيضَةِ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ تَرْكِ إعَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
1 -
(تَنْبِيهٌ) : لَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ سَجْدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَوْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ أَصْلًا؟ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ وَاحِدَةً فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ يَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ بَعْدَ سَلَامِهِ، فَلَيْسَ كَمَنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَبَنَى عَلَى الْأَقَلِّ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فِي شَكِّهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ لَأَمْكَنَ أَنْ يَشُكَّ مَرَّةً أُخْرَى وَيَسْجُدَ فَيَتَسَلْسَلُ الْأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سُئِلَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: الْمُصَغَّرُ لَا يُصَغَّرُ، وَهَذَا بِخِلَافِ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ثَلَاثَ سَجَدَاتٍ سَهْوًا فَيَفْتَرِقُ الْحَالُ إنْ كَانَ قَبْلِيًّا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لَا إنْ كَانَ بَعْدِيًّا،

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَحْضَ الزِّيَادَةِ يُسْجَدُ لَهَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَحْضَ النَّقْصِ قَبْلَ السَّلَامِ شَرَعَ فِي حُكْمِ مَا لَوْ حَصَلَ مِنْهُ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ نَقَصَ) سُنَّةً مِنْ سُنَنِ صَلَاتِهِ وَلَوْ خَفِيفَةً (وَزَادَ) فِيهَا أَيْضًا زِيَادَةً سَهْوًا لَا تَبْطُلُ بِمِثْلِهَا (سَجَدَ) لَهُمَا (قَبْلَ السَّلَامِ) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ عَلَى الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَبْلِيَّ جَابِرٌ هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْصَ الْحَاصِلَ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَالْخَفِيفَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَا بَيْنَ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمَشْكُوكِ فِيهَا، وَلِذَلِكَ جَعَلُوا الصُّوَرَ تِسْعًا بَيَانُهَا أَنَّ النَّقْصَ وَحْدَهُ إمَّا مُحَقَّقٌ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالزِّيَادَةَ وَحْدَهَا كَذَلِكَ إمَّا مُحَقَّقَةٌ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهَا فَهَذِهِ أَرْبَعٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَا فَصُوَرُهُمَا أَرْبَعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا مُحَقَّقَانِ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهِمَا أَوْ النَّقْصُ مُحَقَّقٌ وَالزِّيَادَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا أَوْ عَكْسُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ تُضَمُّ لِلْأَرْبَعِ الْأُولَى تَصِيرُ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَلِلتَّاسِعَةِ أَنْ يَتَيَقَّنَ حُصُولَ الْمُوجِبِ لِلسُّجُودِ وَيَشُكَّ هَلْ هُوَ زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ فَيَسْجُدَ فِي الْجَمِيعِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ يَسْجُدُ فِيهِمَا بَعْدَ السَّلَامِ وَهُمَا بَعْضُ الزِّيَادَةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِي حُصُولِهَا وَعَدَمِ حُصُولِهَا.

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست