responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 216
شَعْرَهُ

وَكُلُّ سَهْوٍ فِي الصَّلَاةِ بِزِيَادَةٍ فَلْيَسْجُدْ لَهُ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ يَتَشَهَّدُ لَهُمَا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا

[السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ]
وَكُلُّ سَهْوٍ يُنْقِصُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِفُ أَيْ يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ أَوْ يَشِفُّ بِأَنْ يُرَى مِنْهُ لَوْنُهَا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ مَعَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ حَتَّى مِنْ الَّذِي يَشِفُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ»
1 -
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إنَّمَا كَرَّرَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا لَمْ يُقَدِّمْهُ فِي بَابِ طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَلَا يُغَطِّي) أَيْ الْمُصَلِّي (أَنْفَهُ أَوْ وَجْهَهُ فِي الصَّلَاةِ) أَيْ يُكْرَهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ امْرَأَةً الِانْتِقَابُ فِي الصَّلَاةِ وَهِيَ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى عَيْنَيْهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُغَطِّي أَنْفَهُ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا التَّلَثُّمُ بِأَنْ يُغَطِّيَ شَفَتَهُ السُّفْلَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَهُوَ مُنَافٍ لِلْخُشُوعِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ عَادَتُهُ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ حَيْثُ كَانَ مِمَّنْ عُرِفُوا بِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ لَهُ حَتَّى فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمُتَكَبِّرِينَ.
(أَوْ) أَيْ وَلَا (يَضُمُّ ثِيَابَهُ أَوْ يَكْفِتُ) أَيْ يَضُمُّ (شَعْرَهُ) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ أَنْ يُشَمِّرَ ثَوْبَهُ أَوْ كُمَّهُ أَوْ يَضُمَّ شَعْرَهُ لِمُنَافَاةِ جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَكُرِهَ انْتِقَابُ امْرَأَةٍ، قَالَ شُرَّاحُهُ: وَأَوْلَى رَجُلٍ كَكَفْتِ كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ وَتَلَثُّمٍ، فَقَوْلُ خَلِيلٍ لِصَلَاةٍ رَاجِعٌ لِلِانْتِقَابِ وَلِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَمَفْهُومُ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ضَمُّ الثَّوْبِ وَلَا الشَّعْرِ لِغَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ عَادَ لِمَا كَانَ الْكَفْتُ لَهُ مِنْ الشُّغْلِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا عَادَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرَتْ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلَا أَكْفِتُ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا» فَأَخْبَرَ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ إذَا قُصِدَ بِهِ الصَّلَاةُ.
وَرُوِيَ: «إذَا سَجَدَ الْإِنْسَانُ فَسَجَدَ مَعَهُ شَعْرُهُ كُتِبَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةً» ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِانْتِقَابِ وَالتَّلَثُّمِ وَالِاحْتِزَامِ وَالتَّشْمِيرِ وَضَمِّ الْأَكْمَامِ وَالشَّعْرِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا فُعِلَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ إلَّا الِانْتِقَابَ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ مُحْتَزِمٌ أَوْ شَامِرٌ لِثَوْبِهِ لَا تُكْرَهُ صَلَاتُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى حَلَّ ذَلِكَ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَحْكَامِ السَّاهِي فِي صَلَاتِهِ وَمَا يَفْعَلُهُ مِنْ سُجُودٍ وَعَدَمِهِ فَقَالَ: (وَكُلُّ سَهْوٍ) أَيْ ذُهُولٍ عَنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ النِّسْيَانِ سَهَاهُ (فِي الصَّلَاةِ) وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا، وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ نَافِلَةً فَإِنْ كَانَ (بِزِيَادَةٍ) يَسِيرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ كَزِيَادَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ أَكْثَرَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَوَامِلَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الثُّنَائِيَّةِ الْمَقْصُورَةِ أَوْ اثْنَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ أَصَالَةً كَالصُّبْحِ أَوْ الْجُمُعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا، وَالْكَمَالُ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرَّكْعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ. (فَلْيَسْجُدْ لَهُ سَجْدَتَيْنِ) اسْتِنَانًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ سَهْوُهُ إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا (بَعْدَ السَّلَامِ) بِإِحْرَامٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْوِي بِتَكْبِيرَةِ الْهَوِيِّ الْإِحْرَامَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ تَكْبِيرٍ لَهُ وَيُكَبِّرُ فِي الرَّفْعِ وَ (يَتَشَهَّدُ لَهَا وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا) جَهْرًا وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ، قَالَ خَلِيلٌ: بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ جَهْرًا.
وَإِنَّمَا طُلِبَ لِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ إحْرَامٌ وَتَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ؛ لِأَنَّهُمَا عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلِأَنَّ السُّنَّةَ فِي السَّلَامِ أَنْ يَقَعَ عَقِبَ تَشَهُّدٍ، وَحُكْمُ السَّلَامِ مِنْ الْبَعْدِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، كَمَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَلَوْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ وَاقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِ السَّجْدَتَيْنِ بِنِيَّتِهِمَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، بَلْ لَوْ تَرَكَ الْبَعْدِيَّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَإِنَّمَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْقَبْلِيِّ الْمُتَرَتِّبِ عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلُ الصَّلَاةِ فَهُوَ جَابِرٌ لَهَا، وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْبَعْدِيِّ تَرْغِيمُ أَنْفِ الشَّيْطَانِ، وَقَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِالْيَسِيرَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَلَوْ سَهْوًا وَلَوْ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ كَزِيَادَةِ أَرْبَعٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الْمَقْصُورَةِ.
وَأَمَّا زِيَادَةُ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ فَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهَا كَمَا لَا تَبْطُلُ بِعَمْدِهَا، كَمَا لَوْ كَرَّرَ السُّورَةَ أَوْ التَّكْبِيرَ أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فَرْضًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ، وَجَرَى خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَعَمُّدِ تَكْرِيرِهَا وَالْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأُجْهُورِيُّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ، وَيُفْهَمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَيَتَعَمَّدُ كَسَجْدَةٍ مِنْ كُلِّ رُكْنٍ فَعَلَى عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِتَعَمُّدِ زِيَادَةِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَحًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ يُصَلِّي وَلَا يَسْجُدُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَلَوْ نَافِلَةً لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ السَّهْوَ فِي النَّافِلَةِ كَالسَّهْوِ فِي الْفَرِيضَةِ إلَّا فِي خَمْسِ مَسَائِلَ: تَرْكُ السِّرِّ وَالْجَهْرِ فِي مَحَلِّهَا وَتَرْكُ السُّورَةِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا سُجُودَ فِي تَرْكِهَا مِنْ النَّافِلَةِ، وَيَسْجُدُ لَتَرْكِهَا مِنْ الْفَرِيضَةِ، وَالرَّابِعَةُ إذَا عَقَدَ ثَالِثَةَ النَّفْلِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهَا يُكَمِّلُهَا أَرْبَعًا وَفِي الْفَرْضِ يَرْجِعُ، وَالْخَامِسَةُ إذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ النَّافِلَةِ وَطَالَ أَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نَافِلَةٍ وَرَكَعَ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِلزِّيَادَةِ فَقَطْ بَعْدَ السَّلَامِ خَبَرُ الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست