responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 184
يَدَيْك لَا تَرْجِعُ جَالِسًا لِتَقُومَ مِنْ جُلُوسٍ، وَلَكِنْ كَمَا ذَكَرْت لَك وَتُكَبِّرُ فِي حَالِ قِيَامِكَ

ثُمَّ تَقْرَأُ كَمَا قَرَأْت فِي الْأُولَى أَوْ دُونَ ذَلِكَ وَتَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ سَوَاءً

غَيْرَ أَنَّك تَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَإِنْ شِئْت قَنَتَّ قَبْلَ الرُّكُوعِ بَعْدَ تَمَامِ الْقِرَاءَةِ وَالْقُنُوتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الدُّعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ هَلْ يُطْلَبُ أَمْ لَا؟ وَاقْتَصَرَ خَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ حَيْثُ قَالَ لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ.
قَالَ شَارِحُهُ: أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَاسْتِحْبَابِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، وَعَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ: لَا دُعَاءَ وَلَا تَسْبِيحَ وَمَنْ دَعَا فَلْيُخَفِّفْ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَاهْدِنِي وَعَافَنِي وَاعْفُ عَنِّي» .
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: قِيلَ يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ نَدْبُ فِعْلِهِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِ خَلِيلٍ لِلْحَدِيثِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْأَحَادِيثِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَإِنْ فُرِضَ ضَعْفُهَا.
الثَّانِي: يُؤْخَذُ مِنْ نَدْبِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ فِي الْجُلُوسِ كَرَاهَةُ مَا خَالَفَهَا كَالْإِقْعَاءِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَلِيٍّ: «إنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، وَأَكْرَهُ لَك مَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي» لَا تُقْعِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ الْجُلُوسُ بِأَلْيَتَيْهِ عَلَى عَقِيبِهِ أَوْ الرُّجُوعُ عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ، وَأَمَّا جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ مَعَ نَصْبِ فَخِذَيْهِ وَوَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ فَمَمْنُوعٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ.

(ثُمَّ) بَعْدَ رَفْعِك مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى (تَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَمَا فَعَلْت فِي) السَّجْدَةِ (الْأُولَى) مِنْ تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَقِيَامِ قَدَمَيْك وَمُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ بِكَفَّيْك، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: كَمَا فَعَلْت فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ الثَّانِيَةَ عَنْ الْأُولَى.

(ثُمَّ) بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ (تَقُومُ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا أَنْتَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْك) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ وَتَأْخِيرُهُمَا عِنْدَ الْقِيَامِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ نُدِبَ عَكْسُهُ وَتَقَدَّمَ دَلِيلُنَا، وَالْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ، (وَلَا نَرْجِعُ) مِنْ سُجُودِك (جَالِسًا لِتَقُومَ) لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (مِنْ جُلُوسٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي رُجُوعِهِ جَالِسًا جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ، فَلَوْ جَلَسَ غَيْرَ مُقَلِّدٍ لِلشَّافِعِيِّ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا فَقِيلَ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
(وَلَكِنَّ) الْمَنْدُوبَ الرُّجُوعُ مِنْ السُّجُودِ إلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ. (كَمَا ذَكَرْت لَك) فِي الْهَوِيِّ مِنْ الْقِيَامِ إلَى السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ، فَحَاصِلُ الْمَعْنَى: أَنَّك كَمَا تَنْزِلُ إلَى السُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ، وَلَا تَجْلِسُ تَقُومُ مِنْ السُّجُودِ إلَى الرَّكْعَةِ مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ.
(وَتُكَبِّرُ) اسْتِنَانًا (فِي حَالِ قِيَامِك) اسْتِحْبَابًا لِشَغْلِ الرُّكْنِ بِالتَّكْبِيرِ إلَّا فِي قِيَامِك مِنْ اثْنَتَيْنِ فَتُؤَخِّرُهُ إلَى اسْتِقْلَالِك.

(ثُمَّ) بَعْدَ انْتِهَاءِ قِيَامِك لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (تَقْرَأُ) فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ (كَمَا قَرَأْت فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ (أَوْ دُونَ ذَلِكَ) أَيْ بِيَسِيرٍ إذْ تُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي تَطْوِيلِ الْأُولَى، وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَقْصِيرِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ تَقْرَأَ فِي الْأُولَى بِيُوسُفَ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْكَوْثَرِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى نَظْمِ الْقُرْآنِ فِي الْمُصْحَفِ فَلَا يُنَكِّسُهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَالْمُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ تَقْصِيرُ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى.
قَالَ خَلِيلٌ: وَتَقْصِيرُ ثَانِيَةٍ عَنْ أُولَى الْمُرَادُ زَمَنًا، قَالَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ: وَيُكْرَهُ كَوْنُ الثَّانِيَةِ أَطْوَلُ مِنْ الْأُولَى.
قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: وَلَهُ أَنْ يُطَوِّلَ قِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ فِي النَّافِلَةِ إذَا وَجَدَ الْحَلَاوَةَ، وَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَخَلِيلٌ مِنْ نَدْبِ تَقْصِيرِ زَمَنِ الثَّانِيَةِ فِي الْفَرِيضَةِ عَنْ الْأُولَى نَسَبَهُ الْقَرَافِيُّ وَالْأَكْثَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَدَلِيلُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الْأُولَى فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ» فَقَوْلُهُ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ إضْرَارٌ، فَأَوْ بِمَعْنَى عَلَى حَدِّ: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] أَيْ بَلْ يَزِيدُونَ، وَالْمَعْنَى: يُسْتَحَبُّ تَقْصِيرُ زَمَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ زَمَنِ الْأُولَى، فَإِنْ قِيلَ حِينَئِذٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْكَالٌ بَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَقْرَأُ كَمَا قَرَأْت فِي الْأُولَى ظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ وَالْمَوْجُودُ فِي النَّصِّ لَا يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ: لَا بَأْسَ بِطُولِ قِرَاءَةِ ثَانِيَةِ الْفَرِيضَةِ عَنْ الْأُولَى، وَفِي الْوَاضِحَةِ اسْتِحْبَابُ تَطْوِيلُ الْأُولَى وَتَقْصِيرُ الثَّانِيَةِ عَكْسُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَوْلُهُ: كَمَا قَرَأْت فِي الْأُولَى لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْهُمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ الْوَاضِحَةِ فِي نَدْبِ تَقْصِيرِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَحَمْلٌ لَا بَأْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى مَا غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَحَمْلُ التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَوْنِ الْمَقْرُوءِ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ مِنْ تَعْبِيرِهِ مُسَاوَاةُ زَمَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لِلْأُولَى قَالَ: كَالْمُسْتَدْرِكِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْإِضْرَابِ الْإِبْطَالِيِّ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يُخَالِفْ الْمُصَنِّفُ الْمَنْصُوصَ وَرَجَعَ الْخِلَافُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ.
(وَتَفْعَلُ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (مِثْلَ ذَلِكَ) الَّذِي فَعَلْته فِي الْأُولَى مِنْ جَهْرِ قِرَاءَتِهَا وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَالتَّعْظِيمِ فِي الرُّكُوعِ وَالتَّسْبِيحِ أَوْ الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ حَالَةَ كَوْنِهِمَا (سَوَاءً) أَيْ مُسْتَوِيَتَيْنِ: سِوَى نَدْبِ تَقْصِيرِ زَمَنِ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست