responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 183
بِالتَّكْبِيرِ فَتَجْلِسُ فَتُثْنِي رِجْلَكَ الْيُسْرَى فِي جُلُوسِك بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَنْصِبُ الْيُمْنَى وَبُطُونُ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ. وَتَرْفَعُ يَدَيْك عَنْ الْأَرْضِ عَلَى رُكْبَتَيْك.

ثُمَّ تَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَمَا فَعَلْت أَوَّلًا

(ثُمَّ) تَقُومُ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا أَنْتَ مُعْتَمِدًا عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا نَدْبُ الدُّعَاءِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ، سَوَاءً كَانَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا، سَوَاءً كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا وَرَدَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنِّي لِأَدْعُوَ اللَّهَ فِي حَوَائِجِي كُلِّهَا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى بِالْمِلْحِ لَوْ سَمَّى الْمَدْعُوَّ عَلَيْهِ فِي صَلَاتِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَلَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتَهُ حَيْثُ كَانَ غَائِبًا مُطْلَقًا أَوْ حَاضِرًا، وَلَمْ يَقْصِدْ مُخَاطَبَتَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ.
الثَّانِي: اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِ الْعَاصِي بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِدُعَاءِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُ: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88] الْآيَةَ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْكَافِرِ الْمَأْيُوسِ مِنْ إيمَانِهِ كَفِرْعَوْنَ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي الْمَقْطُوعِ لَهُ بِالْجَنَّةِ إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ عَذَابٍ، وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي حَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ» إنَّهُ حُجَّةٌ لِلَعْنِ مَنْ لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّهُ لَعْنٌ لِلْجِنْسِ وَلَعْنُ الْجِنْسِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَوْعَدَهُمْ وَيُنَفِّذُ الْوَعِيدَ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا يُنْهَى عَنْ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِالْإِبْعَادِ عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَهُوَ مَعْنَى اللَّعْنِ.
الثَّالِثُ: قَالَ الْقَرَافِيُّ: الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ لَهُ أَحْوَالٌ: إمَّا بِعَزْلِهِ لِزَوَالِ ظُلْمِهِ فَقَطْ وَهَذَا حَسَنٌ، وَثَانِيهَا بِذَهَابِ أَوْلَادِهِ وَهَلَاكِ أَهْلِهِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ، وَلَمْ يَحْصُلُ مِنْهُ جِنَايَةٌ عَلَيْهِ وَهَذَا يُنْهَى عَنْهُ لِأَذِيَّتِهِ مَنْ لَمْ يَمُنَّ عَلَيْهِ، وَثَالِثُهَا الدُّعَاءُ بِالْوُقُوعِ فِي مَعْصِيَةٍ كَابْتِلَائِهِ بِالشُّرْبِ أَوْ الْغِيبَةِ أَوْ الْقَذْفِ فَيُنْهَى عَنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الْمَعْصِيَةِ لِلْغَيْرِ مَعْصِيَةٌ، وَرَابِعُهَا الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِحُصُولِ مُؤْلِمَاتٍ فِي جِسْمِهِ أَعْظَمَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ فِي عُقُوبَتِهِ، فَهَذَا لَا يُتَّجَهُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَيَخُصُّ تَرْكُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43] فَفِعْلُهُ جَائِزٌ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ.
(وَلَيْسَ لِطُولِ ذَلِكَ) السُّجُودِ (وَقْتٌ) ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ فِيهِ غَايَةٌ لِطُولِهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ الْعُرْفِ.
(وَ) أَمَّا (أَقَلُّهُ) الْوَاجِبُ الَّذِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ فَهُوَ (أَنْ تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُك) بِالْأَرْضِ حَالَةَ كَوْنِك (مُتَمَكِّنًا) أَيْ مُعْتَدِلًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فَرْضٌ وَكَذَا الِاعْتِدَالُ عَلَى الْأَصَحِّ

(ثُمَّ) إذَا فَرَغْت مِنْ سُجُودِك وَتَسْبِيحِك أَوْ دُعَائِك (تَرْفَعُ رَأْسَك) مِنْ سُجُودِك عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِيَّةِ حَالَ كَوْنِك مُتَلَبِّسًا (بِالتَّكْبِيرِ فَتَجْلِسُ) وُجُوبًا حَتَّى تَعْتَدِلَ جَالِسًا مُطْمَئِنًّا؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضٌ (فَتُثْنِي رِجْلَك الْيُسْرَى) بِأَنْ تَجْعَلَهَا عَلَى الْأَرْضِ (فِي جُلُوسِك بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَتَنْصِبُ) أَيْ تُقِيمُ قَدَمَ (رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَ) تَجْعَلُ (بُطُونَ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ) وَالْمُرَادُ بَطْنُ بَعْضِ أَصَابِعِهَا وَهُوَ الْإِبْهَامُ.
قَالَ خَلِيلٌ: وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ وَرِكِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ، وَبِجَعْلِنَا الْيُسْرَى صِفَةً لِلْوَرِكِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أَلْيَتَهُ الْيُسْرَى مُبَاشِرَةٌ لِلْأَرْضِ، وَيَنْصِبُ جَانِبَ قَدَمِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَصِيرُ الْوَرِكُ الْأَيْمَنُ مُرْتَفِعًا عَنْ الْأَرْضِ، وَيُفْضِي بِبَاطِنِ إبْهَامِ الْيُمْنَى وَبَعْضِ أَصَابِعِهَا لِلْأَرْضِ فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ إلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَقَاعِدًا عَلَى أَلْيَتِهِ الْيُسْرَى وَلَا يَقْعُدُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَتِلْكَ الصِّفَةُ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَنْ الْجُلُوسِ بَدَلَ الْقِيَامِ لِمَنْ يُصَلِّي جَالِسًا فَإِنَّ جُلُوسَهُ حَالَ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ التَّرَبُّعُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ وَعِنْدَ السُّجُودِ بِغَيْرِ جِلْسَتِهِ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ، وَتَرَبَّعَ كَالْمُتَنَفِّلِ وَغَيْرِ جَلْسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِك مِنْ السُّجُودِ وَجُلُوسِك عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ أَنْ (تَرْفَعَ يَدَيْك عَنْ الْأَرْضِ) وَتَضَعَهُمَا (عَلَى رُكْبَتَيْك) وَهَذَا قَوْلُ خَلِيلٍ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ تَتِمَّةِ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ الْجُلُوسِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَلَى رُكْبَتَيْك وَضْعُهُمَا بِالْقُرْبِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فَيُوَافِقُ قَوْلَهُ بَعْدُ عَلَى فَخِذَيْك، وَقَوْلَ الْجَوَاهِرِ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاسِعٌ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَفْعُهُمَا عَنْ الْأَرْضِ، سَوَاءٌ وَضَعَهُمَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ أَوْ عَلَى الْفَخِذَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَلَا حُكْمَ الرَّفْعِ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: أَمَّا وَضْعُهُمَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَأَمَّا رَفْعُهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَقَالَ سَحْنُونٌ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا إذَا لَمْ يَرْفَعْهُمَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِبُطْلَانِهَا وَشُهِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ سَنَدٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ الصِّحَّةُ، وَأَنَّ رَفْعَهُمَا عَنْ الْأَرْضِ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ: وَعَنْ سُنَّةِ الْجُلُوسِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى فَخِذَيْهِ، فَإِنْ تَرَكَهُمَا فِي الْأَرْضِ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ سَنَدٌ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ ذَلِكَ خَفِيفٌ لَا يَضُرُّ تَرْكُهُ.

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست