responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 152
بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَصِفَةِ التَّيَمُّمِ
التَّيَمُّمُ يَجِبُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي السَّفَرِ إذَا يَئِسَ أَنْ يَجِدَهُ فِي الْوَقْتِ

وَقَدْ يَجِبُ مَعَ وُجُودِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَسِّهِ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب فِي مِنْ لَمْ يَجِد الْمَاء وصفة التَّيَمُّم]
(بَابٌ فِي أَحْكَامِ مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ) الْمُطْلَقَ لِطَهَارَتِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَعَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ (وَ) فِي (صِفَةِ التَّيَمُّمِ) . وَهُوَ لُغَةً الْقَصْدُ، وَشَرْعًا طَهَارَةٌ تُرَابِيَّةٌ تَشْمَلُ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، وَالتُّرَابِيَّةُ نِسْبَةٌ إلَى التُّرَابِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا سَائِرُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَوْ الْحَجَرَ الْأَمْلَسَ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ إدْرَاكُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6] وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ وَاجِبٌ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، فَمَنْ جَحَدَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ لَا عَزِيمَةٌ، وَلَا يُقَالُ: الرُّخْصَةُ يَكُونُ الشَّخْصُ فِيهَا مُتَمَكِّنًا مِنْ فِعْلِ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَتَمَكَّنُ كَمَنْ فَقَدَ الْمَاءَ، لِأَنَّا نَقُولُ: الرُّخْصَةُ قَدْ تَنْتَهِي إلَى الْوُجُوبِ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، هَكَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَنَازَعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ جَمَاعَةَ قَائِلًا: إنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ الرُّخْصَةَ قَدْ تَنْتَهِي لِلْوُجُوبِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهَا إذَا انْتَهَتْ إلَى الْوُجُوبِ صَارَتْ عَزِيمَةً وَزَالَ عَنْهَا اسْمُ الرُّخْصَةِ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ عَزِيمَةٌ فِي حَقِّ الْعَادِمِ لِلْمَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ يَجِدُ الْمَاءَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لِحُصُولِ مَشَقَّةٍ فَادِحَةٍ تُسَوِّغُ لَهُ التَّيَمُّمَ فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ فِي حَقِّهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِ الْأَصْلِ فِي الْجُمْلَةِ، وَبِهَذَا عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرُّخْصَةِ وَالْعَزِيمَةِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ لَا تُصَلِّي إلَّا بِالْوُضُوءِ، كَمَا أَنَّهَا كَانَتْ لَا تُصَلِّي إلَّا فِي أَمَاكِنَ مَخْصُوصَةٍ يُعَيِّنُونَهَا لِلصَّلَاةِ وَيُسَمُّونَهَا بِيَعًا وَكَنَائِسَ وَصَوَامِعَ، وَمَنْ عَدِمَ مِنْهُمْ الْمَاءَ أَوْ غَابَ عَنْ مَحَلِّ صَلَاتِهِ يَدَعْ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ أَوْ يَعُودُ إلَى مُصَلَّاهُ، وَكَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ، وَقَسْمِ الْغَنَائِمِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ، وَالسِّوَاكِ، وَالسَّحُورِ، وَتَعْجِيلِ الْفِطْرِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالْوَطْءِ لَيْلًا وَلَوْ بَعْدَ النَّوْمِ، وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، وَالْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ بَعْضُ الْمَذْكُورَاتِ الْأَنْبِيَاءُ لِأُمَمِهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَهُ فَرَائِضُ وَسُنَنٌ وَفَضَائِلُ، وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى إنَّمَا يَهْتَمُّ بِبَيَانِ الصِّفَةِ دُونَ مُتَعَلِّقَاتِهَا، وَنَحْنُ نَذْكُرُ ذَلِكَ بِفَضْلِ اللَّهِ فَنَقُولُ: فَأَمَّا فَرَائِضُهُ فَسِتَّةٌ: النِّيَّةُ وَتَكُونُ عِنْدَ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَلَوْ يَسِيرًا أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الشُّرُوعِ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ، وَالصَّعِيدُ الطَّاهِرُ، وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى، وَمَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ وَمَا فَعَلَ لَهُ، وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ، وَنَزْعُ الْخَاتَمِ وَلَوْ وَاسِعًا مَأْذُونًا فِيهِ وَسِوَارُ امْرَأَةٍ. وَسُنَنُهُ أَرْبَعٌ: التَّرْتِيبُ، وَالضَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ، وَمَسْحُ الْيَدَيْنِ لِلْمِرْفَقَيْنِ، وَنَقْلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَدَيْنِ مِنْ الْغُبَارِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالْمُرَادُ عَدَمُ مَسْحِهِمَا فَلَوْ مَسَحَهُمَا وَلَوْ قَوِيًّا وَتَيَمَّمَ صَحَّ تَيَمُّمُهُ مَعَ فَوَاتِ السُّنَّةِ. وَفَضَائِلُهُ: التَّسْمِيَةُ وَالسِّوَاكُ وَالصَّمْتُ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّيَمُّمُ عَلَى تُرَابٍ غَيْرِ مَنْقُولٍ وَالْبَدْءُ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي، وَالْمُصَنِّفُ اعْتَنَى بِبَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ فَقْدُ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَبَيَانِ صِفَتِهِ، وَبَيَانِ حُكْمِهِ، وَابْتَدَأَ بِبَيَانِ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ: (التَّيَمُّمُ يَجِبُ) وُجُوبَ الْفَرَائِضِ (لِعَدَمِ الْمَاءِ) الْكَافِي لِمَا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ وَهُوَ جَمِيعُ الْجَسَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى، وَالْأَعْضَاءُ الْأَرْبَعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّغْرَى، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى غَسْلِ مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ (فِي) حَالِ (السَّفَرِ) وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ سَنَدٌ وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ مَرْزُوقٍ، لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إذَا كَانَتْ تُفْعَلُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا إبَاحَةُ السَّفَرِ، بِخِلَافِ فِطْرِ الصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ الْحَاضِرِ فَلَا يُبَاحُ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست