responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 129
سَاتِرٌ مِنْ دِرْعٍ أَوْ رِدَاءٍ، وَالدِّرْعُ الْقَمِيصُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَعُدْ وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ الدِّرْعُ الْخَصِيفُ السَّابِغُ الَّذِي يَسْتُرُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا وَخِمَارٌ تَتَقَنَّعُ بِهِ وَتُبَاشِرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ وَالْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: (وَأَقَلُّ مَا يُصَلِّي فِيهِ الرَّجُلُ) عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ (مِنْ لِبَاسٍ ثَوْبٌ سَاتِرٌ) جَمِيعَ جَسَدِهِ سِوَى رَأْسِهِ وَيَدَيْهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْ دِرْعٍ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (وَالدِّرْعُ الْقَمِيصُ) الَّذِي يُلْبَسُ فِي الْعُنُقِ وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ كَثِيفًا لَا يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ (أَمَّا رِدَاءٍ) عَطْفٌ عَلَى دِرْعٍ، وَالرِّدَاءُ بِالْمَدِّ مَا يَلْتَحِفُ بِهِ الْإِنْسَانُ كَحِرَامٍ أَوْ بُرْدَةٍ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الَّذِي يُلْبَسُ فَوْقَ الثِّيَابِ عَلَى عَاتِقَيْ الْمُصَلِّي، لِأَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ سُنَّةٌ زِيَادَةٌ عَلَى السِّتْرِ الْمَطْلُوبِ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ، وَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ، وَفِي حَقِّ الْمَأْمُومِ فِي الْجَامِعِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَأْمُومِ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا السِّتْرُ بِغَيْرِ الْكَثِيفِ وَهُوَ مَا يَصِفُ الْعَوْرَةَ أَيْ يُحَدِّدُهَا مِنْ كَوْنِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ يَشِفُّ وَيُرَى مِنْ لَوْنِهَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَلْ كَرَاهَةُ لُبْسِ الْوَاصِفِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَبَيَّنَ مُحْتَرَزَ مَا يُجْزِئُ عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ بِقَوْلِهِ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ) الرَّجُلُ (بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى أَكْتَافِهِ مِنْهُ شَيْءٌ) لِخَبَرِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» أَيْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ. (فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ) الْمَكْرُوهَ (لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ) لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ.
(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ مَا إذَا اقْتَصَرَ الْمُصَلِّي عَلَى سَتْرِ أَقَلَّ مِمَّا ذَكَرَ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ السَّتْرُ وَاجِبُ شَرْطٍ أَوْ لَا؟ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى خِلَافٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَقِيلَ: وَاجِبٌ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. وَقِيلَ: وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَيْضًا، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ صَلَّى مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ عَامِدًا قَادِرًا عَلَى السَّتْرِ فَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ يُعِيدُ الْفَرْضَ لِبُطْلَانِهِ، وَعَلَى نَفْيِ الشَّرْطِيَّةِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ، لَكِنْ يَأْثَمُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ دُونَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ.
قَالَ خَلِيلٌ: هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِكَثِيفٍ وَإِنْ بِإِعَادَةٍ أَوْ طَلَبٍ أَوْ نَجِسٍ وَحْدَهُ كَحَرِيرٍ وَهُوَ مُقَدَّمُ شَرْطٍ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ وَإِنْ بِخَلْوَةٍ لِلصَّلَاةِ خِلَافٌ، وَمُقَابِلُ الشَّرْطِيَّةِ الْوُجُوبُ الْغَيْرُ الشَّرْطِيِّ كَمَا قَرَّرْنَا لَا السُّنَّةُ وَلَا الِاسْتِحْبَابُ وَإِنْ قِيلَ بِهِمَا لِضَعْفِهِمَا، وَالْخِلَافُ فِي الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهِيَ مِنْ الرَّجُلِ السَّوْأَتَانِ وَهُمَا مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مَا بَيْنَ الْأَلْيَتَيْنِ، وَأَمَّا عَوْرَتُهُ الْمُخَفَّفَةُ فَهُوَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ الْأَلْيَتَانِ وَمِنْ الْمُقَدَّمِ الْعَانَةُ وَمَا فَوْقَهَا لِلسُّرَّةِ عَلَى بِحَثٍّ فِيهِ، وَالْمُغَلَّظَةُ يُعِيدُ لِكَشْفِهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَبَدًا عَلَى الشَّرْطِيَّةِ، وَالْمُخَفَّفَةُ يُعِيدُ لِكَشْفِهَا فِي الْوَقْتِ فَقَطْ وَلَوْ عَمْدًا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ شَرْطِيَّةِ سَتْرِهَا وَإِنْ وَجَبَ وَكَشْفُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَكَشْفِ كُلٍّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاةِ الْخَلْوَةِ وَالْجَلْوَةِ لِأَنَّ السَّتْرَ لِلصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَمَا عَدَا الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُخَفَّفَةَ مِنْ جَسَدِ الرَّجُلِ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ وَيُكْرَهُ كَشْفُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ فَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَكْشُوفَ الْفَخِذِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، هَذَا بَيَانُ عَوْرَةِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ) الْحُرَّةَ (مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ) فِي خَلْوَةٍ أَوْ جَلْوَةٍ (الدِّرْعُ الْحَصِيفُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْكَثِيفُ الَّذِي لَا يَصِفُ وَلَا يَشِفُّ (السَّابِغُ) بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ (الَّذِي يَسْتُرُ) جَمِيعَ جَسَدِهَا حَتَّى (ظُهُورَ قَدَمَيْهَا) حَالَ وُقُوفِهَا فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ بُطُونَهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَسْتُورَاتٌ فَإِذَا سَجَدَتْ أَوْ جَلَسَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَتْرِهِمَا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُبْدِيَ فِي الصَّلَاة إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا لِأَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ عَوْرَةٌ وَلَوْ شَعْرَهَا. وَلِذَلِكَ قَالَ بِالْعِطْفِ عَلَى الدِّرْعِ (وَخِمَارٌ) بِالْخَاءِ الْمَكْسُورَةِ (تَتَقَنَّعُ بِهِ) أَيْ تُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا وَشَعْرَهَا وَعُنُقَهَا وَعَقْصَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَجْعَلَ الْوِقَايَةَ فَوْقَ رَأْسِهَا وَتَتْرُكَ ذَقَنَهَا وَعُنُقَهَا مَكْشُوفِينَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْخِمَارِ مِنْ الْكَثَافَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الدِّرْعِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ جَمِيعَ جَسَدِ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَصَّ عَلَى سَتْرِهِمَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُغَلَّظَ وَالْمُخَفَّفَ مِنْ جَسَدِهَا وَنَحْنُ نُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ إلَّا أَنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: مُغَلَّظَةٌ وَمُخَفَّفَةٌ فَالْمُغَلَّظَةُ مَا عَدَا صَدْرَهَا وَأَطْرَافَهَا كَبَطْنِهَا وَظَهْرِهَا وَلَوْ الْمُحَاذِي لِصَدْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَتُعِيدُ صَلَاتَهَا بِكَشْفِ جُزْءٍ مِنْهَا أَبَدًا عِنْدَ الْعَمْدِ أَوْ الْجَهْلِ، وَفِي الْوَقْتِ عِنْدَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَتْرَهَا وَاجِبٌ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ وَالْمُخَفَّفَةُ نَحْوَ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ.
قَالَ خَلِيلٌ وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخْذًا لَا رِجْلًا، وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ بَدَا صَدْرُهَا أَوْ شَعْرُهَا أَوْ ظَهَرَ قَدَمَيْهَا أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ وَإِلَّا أَبَدًا، وَقَيَّدْنَا الْمَرْأَةَ بِالْحُرَّةِ احْتِرَازًا عَنْ الْأَمَةِ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ فَإِنَّ عَوْرَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ مُخَالِفَةٌ لِعَوْرَةِ الْحُرَّةِ، إذْ الْمُغَلَّظَةُ مِنْهَا الْأَلْيَتَانِ وَمَا حَاذَاهُمَا مِنْ الْقَدَمِ وَتُعِيدُ لِكَشْفِهَا أَبَدًا، وَالْمُخَفَّفَةُ مِنْهَا الْفَخِذَانِ تُعِيدُ لِكَشْفِهِمَا أَوْ جُزْءٍ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَا يُعِيدُ لِكَشْفِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست