responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ فَاتْرُكُوهُ فَإِنَّهُ مَكَثَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يُصَلِّي الصُّبْحَ بِوُضُوءِ الْعَتَمَةِ، وَيُرْوَى أَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الْعَرْشِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عُمَرُ الْفَارُوقُ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ يُقْتَلُ ظُلْمًا. وَسَبَبُ قَتْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمَّا فُتِحَتْ فِي أَيَّامِهِ الْفُتُوحَاتُ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَفَارِسَ وَسَوَاحِلِ الرُّومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَعُمِّرَتْ الْمَدِينَةُ وَصَارَتْ قُبَّةَ الْإِسْلَامِ وَكَثُرَتْ فِيهَا الْخَيْرَاتُ وَالْأَمْوَالُ، بَطِرَتْ الرَّعِيَّةُ بِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْخَيْرِ وَالنِّعَمِ وَفَتَحُوا أَقَالِيمَ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا وَتَفَرَّغُوا، أَخَذُوا يَنْقِمُونَ عَلَى خَلِيفَتِهِمْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ ذَوِي الشَّأْنِ الْعِظَامِ حَتَّى صَارَ لَهُ أَلْفُ مَمْلُوكٍ، وَيُعْطِي الْأَمْوَالَ لِأَقَارِبِهِ وَيُوَلِّيهِمْ الْوِلَايَاتِ الْجَلِيلَةَ، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ إلَى أَنْ قَالُوا: هَذَا مَا يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ وَهَمُّوا بِعَزْلِهِ وَصَارُوا لِمُحَاصَرَتِهِ فَحَاصَرُوهُ فِي دَارِهِ أَيَّامًا وَكَانُوا أَهْلَ جَفَاءٍ، وَوَثَبَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ فَذَبَحُوهُ وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَفَتَحُوا عَلَيْهِ دَارِهِ وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَرْسِلْ لِحْيَتِي يَا ابْنَ أَخِي فَوَاَللَّهِ لَوْ رَأَى أَبُوك مَقَامَك هَذَا لَسَاءَهُ فَأَرْسَلَ لِحْيَتَهُ وَوَلَّى، وَضَرَبَهُ تَبَارُ بْنُ عِيَاضٍ وَسَوْدَانُ بْنُ حُمْرَانَ بِسَيْفِهِمَا فَنَضَحَ الدَّمُ عَلَى قَوْلِهِ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] وَجَلَسَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ عَلَى صَدْرِهِ وَضَرَبَهُ حَتَّى مَاتَ، وَوَطِئَ عُمَرُ بْنُ صَابِئٍ عَلَى بَطْنِهِ فَكَسَرَ لَهُ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ، وَقُتِلَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَدُفِنَ يَوْمَ السَّبْتِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَقِيلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ.
(ثُمَّ) يَلِي عُثْمَانَ فِي الْفَضْلِ (عَلِيُّ) بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمُرْتَضَى مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَخَوَاصِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُقَالُ لَهُ كَمَا يُقَالُ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ وَكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَبِسْ بِكُفْرٍ قَطُّ وَلَا سَجَدَ لِغَيْرِ اللَّهِ مَعَ صِغَرِهِ وَكَوْنِ أَبِيهِ عَلَى غَيْرِ الْمِلَّةِ وَلِذَا خُصَّ بِكَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ عُثْمَانَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ خِلَافَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ، تُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ طَعَنَهُ الْكَلْبُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ لَيْلَةَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَثَبَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ بِخَنْجَرٍ عَلَى دِمَاغِهِ فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، فَأَخَذُوا ابْنَ مُلْجِمٍ وَعَذَّبُوهُ وَقَطَّعُوهُ إرَبًا إرَبًا بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَدُفِنَ فِي مِحْرَابِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقِيلَ بِقَصْرِ الْأُمَرَاءِ، وَقِيلَ قَبْرُهُ بِرَحْبَةِ الْكُوفَةِ، وَقِيلَ لَا يُعْلَمُ قَبْرُهُ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مُدَّةِ خِلَافَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: «الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُون مُلْكَا عَضُوضًا» وَلِهَذَا قَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا وَلِيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثِينَ: أَنَا أَوَّلُ الْمُلُوكُ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: هَذَا التَّرْتِيبُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْخُلَفَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَفْضِيلِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْجَمِيعِ.
الثَّانِي: قَدْ ذَكَرْنَا أَوَّلًا أَنَّ فَضْلَ الْخُلَفَاءِ عَلَى بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ مِمَّا يَجِبُ اعْتِقَادُهُ تَبَعًا لِشَيْخِهِ اللَّقَانِيِّ فِي شَرْحِ جَوْهَرَتِهِ، وَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: التَّفْضِيلُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ لَيْسَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ اكْتِسَابُهُ وَاعْتِقَادُهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ، بَلْ لَوْ غَفَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا لَمْ يَقْدَحْ فِي دِينِهِ، نَعَمْ لَوْ خَطَرَتْ بِالْبَالِ أَوْ تَحَدَّثَ فِيهَا بِاللِّسَانِ وَجَبَ الْإِنْصَافُ وَتَوْفِيَةُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلَوْ جَحَدَ التَّفْضِيلَ لَا يَكْفُرُ، وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ نَظَرًا إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ظَنِّيٌّ.
الثَّالِثُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي الْخُلَفَاءِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ يُفِيدُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَيْسَ بِخَلِيفَةٍ بَلْ مَلِكٌ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً» وَقِيلَ: إنَّمَا تَتِمُّ بِمُدَّةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ بَايَعُوهُ بَعْدَ أَبِيهِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ، ثُمَّ إنَّ الْحَسَنَ سَلَّمَ الْأَمْرَ إلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فِي النِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ، فَتَكُونُ مُدَّةُ خِلَافَةِ الْحَسَنِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفًا وَأَيَّامًا، فَبِخِلَافَتِهِ تَتِمُّ مُدَّةُ الثَّلَاثِينَ سَنَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ مُدَّتَهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا. الرَّابِعُ: إنَّمَا سُمُّوا بِالْخُلَفَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا حَافَظُوا عَلَى مُتَابَعَتِهِ سُمُّوا خُلَفَاءَ، وَأَمَّا الَّذِينَ خَالَفُوا سُنَّتَهُ وَبَدَّلُوا سِيرَتَهُ فَهُمْ مُلُوكٌ، وَقَوْلُ الرَّسُولِ: مُلْكًا عَضُوضًا الْمُلْكُ مُثَلَّثُ الْمِيمِ، وَالْعَضُوضُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَضَّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ الرَّعِيَّةَ وَيَتَعَسَّفُونَ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ يَعَضُّونَهُمْ بِالْأَسْنَانِ، وَمَعْنَى مُلْكًا خِلَافَةً نَاقِصَةً لِشَوْبِهَا بِالزَّلَلِ وَعَدَمِ خُلُوصِهَا مِنْ الْخَلَلِ.
قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: وَمُلْكًا عَضُوضًا أَيْ يُصِيبُ الرَّعِيَّةَ فِيهِ غَضَبٌ وَظُلْمٌ كَأَنَّهُمْ يُعَضُّونَ عَضَّا، وَمُلُوكٌ عُضُوضٌ جَمْعُ عَضُدٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْخَبِيثُ الشِّرِّيرُ، وَأَوَّلُ الْمُلُوكِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست