responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 101
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَأْتِي النَّاسَ عِيَانًا فَأَتَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَأَتَى رَبَّهُ فَقَالَ: يَا رَبِّ عَبْدُك مُوسَى فَقَأَ عَيْنِي وَلَوْلَا كَرَامَتُهُ عَلَيْك لَشَقَقْت عَلَيْهِ.
قَالَ: اذْهَبْ إلَى عَبْدِي فَقُلْ لَهُ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى جِلْدِ ثَوْرٍ وَلَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ وَارَتْهَا يَدُهُ سَنَةٌ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا بَعْدَ هَذَا؟ قَالَ: الْمَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ فَشَمَّهُ شَمَّةً فَقَبَضَ رُوحَهُ وَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَيْنَهُ إلَيْهِ، فَكَانَ بَعْدُ يَأْتِي النَّاسَ خُفْيَةً» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدَانَ: «مَلَكُ الْمَوْتِ كَانَ يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ بِغَيْرِ وَجَعٍ فَسَبَّهُ النَّاسُ وَلَعَنُوهُ فَشَكَا إلَى رَبِّهِ فَوَضَعَ اللَّهُ الْأَوْجَاعَ وَنُسِيَ مَلَكُ الْمَوْتِ، يُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ مِنْ مَرَضِ كَذَا» .
الثَّانِي: إنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الرُّوحَ بَاقِيَةٌ عَلَى حَيَاتِهَا، لَكِنَّ إسْنَادَ الْقَبْضِ إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ يُعَارِضُهُ آيَةُ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] وَآيَةُ {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61] فَمَا وَجْهُ الْجَمْعِ؟ فَالْجَوَابُ: إنَّ إسْنَادَ التَّوَفِّي إلَى اللَّهِ فِي آيَةِ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ} [الزمر: 42] عَلَى طَرِيقِ الْخَلْقِ، وَإِسْنَادَهُ إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ فِي آيَةِ {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11] كَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِنَزْعِهَا، وَإِسْنَادَهُ إلَى الرُّسُلِ فِي آيَةِ {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [الأنعام: 61] ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُعَالِجُونَ فِي نَزْعِهَا وَإِخْرَاجِهَا مِنْ الْأَعْصَابِ.
الثَّالِثُ: وَقَعَ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ مُدَّةِ الدُّنْيَا فَقِيلَ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَالصَّوَابُ تَفْوِيضُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا قَدْرُ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَقَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْكَشْفِ: الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ أَنَّ مُدَّةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ سَنَةٍ وَلَا تَبْلُغُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ وَخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، وَقَالَ أَيْضًا: كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَعَلَى بَعْضِهِمْ فَقَالَ: (وَ) مِمَّا يَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ (أَنَّ خَيْرَ) أَيْ أَفْضَلَ (الْقُرُونِ) الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الْقَرْنُ الَّذِينَ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآمَنُوا بِهِ) وَهُمْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَالْمُرَادُ بِهِمْ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَصَحِبُوهُ وَلَوْ قَلِيلًا فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْقُرُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَأَوْلَى الْمُتَقَدِّمَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِلْءَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» . وَلِحَدِيثٍ: «إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ أَصْحَابِي عَلَى الْعَالَمِينَ سِوَى النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ» .
وَفِي الْقُرْآنِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 18] {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَفْضَلُ أُمَّتِي، وَمَعْنَى لَا يَبْلُغُ مُدَّ أَحَدِهِمْ أَنَّ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ بِمِلْءِ أُحُدٍ مِنْ الذَّهَبِ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يَبْلُغُ ثَوَابَ إنْفَاقِ الْمُدِّ وَلَا نَصِيفِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إنْفَاقَهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانَ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَضِيقِ الْحَالِ، وَكَانَ فِي حَضْرَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِمَايَتِهِ مَعَ صِدْقِ نِيَّتِهِمْ وَخُلُوصِ طَوِيَّتِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَالنَّصِيفُ عَلَى وَزْنِ رَغِيفٍ فَهُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَبْلَهَا نُونٌ مَفْتُوحَةٌ لُغَةً فِي النِّصْفِ، قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْعَقَائِدِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُوضَعُ عَلَى الرَّأْسِ الْمُسَمَّى بِالْحَبْرَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلِ.
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِرَأَوْا إشَارَةً إلَى تَعْرِيفِ الصَّحَابِيِّ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ: رَأَى النَّبِيُّ مُسْلِمًا ذُو صُحْبَةٍ وَقِيلَ إنْ طَالَتْ وَلَمْ تَثْبُتْ وَقِيلَ مَنْ أَقَامَ عَامًا وَغَزَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْعِرَاقِيِّ وَلَوْ رَآهُ عَلَى بُعْدٍ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَالْأَوْلَى تَعْرِيفُهُ بِمَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنًا بِهِ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ لِيَشْمَلَ الْأَعْمَى، وَيَشْمَلَ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمًا أَوْ أَحْضَرَهُ أَبُوهُ مَعَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ التَّمْيِيزَ كَمَا اعْتَبَرَ التَّعَارُفَ وَأَلْغَاهُ آخَرُونَ، وَوَقَعَ التَّرَدُّدُ فِيمَنْ كَلَّمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَائِطٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الصُّحْبَةِ طُولُ زَمَانِ الرُّؤْيَا بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ التَّابِعِيِّ بِالصَّحَابِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ طُولِهِ حَتَّى يَكُونَ تَابِعِيًّا عَلَى مَا ارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَكَذَلِكَ تَابِعُ التَّابِعِيِّ، وَالْمُرَادُ مِنْ الطُّولِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الصُّحْبَةُ عُرْفًا.
الثَّانِي: الْمُفَضَّلُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَيْثُ صُحْبَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ، وَبِقَوْلِنَا مِنْ حَيْثُ الصُّحْبَةِ لَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِي قَرْنِ التَّابِعِينَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ حَيْثُ الْعِلْمِ أَوْ الصَّلَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ، وَمَعْنَى التَّفْضِيلِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الصَّحَابَةُ أَفْضَلُ الْقُرُونِ؛ لِأَنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ وَجَاهَدُوا مَعَهُ وَتَصَدَّقُوا بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ مَعَ الْحَاجَةِ وَبَاعُوا

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست