responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 219
مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَمُسْتَحَبٌّ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِيمَا وَقَعَا فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَفْتَرِقَانِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ هَذَا إذَا كَانَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ قَارِنًا، فَالْقَارِنُ إذَا جَامَعَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ لِلْعُمْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْكَثْرَةِ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَحَجَّتُهُ، وَعَلَيْهِ دَمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِمَا وَإِتْمَامُهُمَا عَلَى الْفَسَادِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُمَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ.
أَمَّا فَسَادُ الْعُمْرَةِ فَلِوُجُودِ الْجِمَاعِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْعُمْرَةِ كَمَا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ.
وَأَمَّا فَسَادُ الْحَجَّةِ؛ فَلِحُصُولِ الْجِمَاعِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْحَجِّ كَمَا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، وَأَمَّا وُجُوبُ الدَّمَيْنِ فَلِأَنَّ الْقَارِنَ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ عِنْدَنَا، فَالْجِمَاعُ حَصَلَ جِنَايَةً عَلَى إحْرَامَيْنِ فَأَوْجَبَ نَقْصًا فِي الْعِبَادَتَيْنِ فَيُوجِبُ كَفَّارَتَيْنِ كَالْمُقِيمِ إذَا جَامَعَ فِي رَمَضَانَ.
وَأَمَّا لُزُومُ الْمُضِيِّ فِيهِمَا فَلِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ وُجُوبَ الْإِحْرَامِ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَأَمَّا وُجُوبُ قَضَائِهِمَا؛ فَلِإِفْسَادِهِمَا فَيَقْتَضِي عُمْرَةً مَكَانَ عُمْرَةٍ وَحَجَّةً، مَكَانَ حَجَّةٍ وَأَمَّا سُقُوطُ دَمِ الْقِرَانِ عَنْهُ؛ فَلِأَنَّهُ أَفْسَدَهُمَا، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَارِنَ إذَا فَسَدَ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ أَوْ أَفْسَدَ أَحَدَهُمَا يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ ثَبَتَ شُكْرًا، لِنِعْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ وَبِالْفَسَادِ بَطَلَ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فَسَقَطَ الشُّكْرُ وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ أَوْ طَافَ أَكْثَرَهُ - وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْوَاطٍ - أَوْ بَعْدَ مَا طَافَ لَهَا وَسَعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَسَدَتْ حَجَّتُهُ وَلَا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ أَمَّا فَسَادُ حَجَّتِهِ فَلِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ حُصُولُ الْجِمَاعِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ.
وَأَمَّا عَدَمُ فَسَادِ عُمْرَتِهِ فَلِحُصُولِ الْجِمَاعِ بَعْدَ وُقُوعِ الْفَرَاغِ مِنْ رُكْنِهَا فَلَا يُوجِبُ فَسَادَهَا كَمَا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ، وَعَلَيْهِ دَمَانِ: أَحَدُهُمَا لِفَسَادِ الْحَجَّةِ بِالْجِمَاعِ وَالْآخَرُ لِوُجُودِ الْجِمَاعِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِمَا وَإِتْمَامُهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّةَ هِيَ الَّتِي فَسَدَتْ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ فَسَدَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْحَجُّ وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَبَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَا عُمْرَتُهُ أَمَّا عَدَمُ فَسَادِ الْحَجِّ؛ فَلِأَنَّ الْجِمَاعَ وُجِدَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ.
وَأَمَّا عَدَمُ فَسَادِ الْعُمْرَةِ؛ فَلِأَنَّهُ جَامَعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ رُكْنِ الْعُمْرَةِ، وَعَلَيْهِ إتْمَامُهَا لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ إتْمَامُهَا عَلَى الْفَسَادِ فَعَلَى الصِّحَّةِ، وَالْجَوَازُ أَوْلَى وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَشَاةٌ، الْبَدَنَةُ لِأَجْلِ الْجِمَاعِ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَالشَّاةُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْعُمْرَةِ بَاقٍ، وَالْجِمَاعُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ يُوجِبُ الشَّاةَ وَهَهُنَا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فَسَادُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا فَسَادُ أَحَدِهِمَا، فَأَمْكَنَ إيجَابُ الدَّمِ شُكْرًا، فَإِنْ جَامَعَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْمُفْرِدِ بِالْحَجِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، فَعَلَيْهِ دَمَانِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا.
فَإِنْ جَامَعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَعْدَ الْحَلْقِ قَبْلَ الطَّوَافِ لِلزِّيَارَةِ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَشَاةٌ؛ لِأَنَّ الْقَارِنَ يَتَحَلَّلُ مِنْ الْإِحْرَامَيْنِ مَعًا وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجَّةِ فَكَذَا فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ كَمَا يَقَعُ لَهُ التَّحَلُّلُ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ بِالْحَلْقِ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ الْإِحْرَامُ رَأْسًا إلَّا إذَا طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ، فَعَلَيْهِ شَاتَانِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَهُمَا جَمِيعًا وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الرُّقَيَّاتِ فِيمَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَطَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ طَاهِرًا، ثُمَّ جَامَعَ النِّسَاءَ قَبْل أَنْ يُعِيدَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَلَا شَيْءَ وَلَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَحْسَنَ فِيمَا إذَا طَافَ جُنُبًا ثُمَّ جَامَعَ ثُمَّ أَعَادَهُ طَاهِرًا أَنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ دَمًا وَكَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُنَا: (وَجْهُ) الْقِيَاسِ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِجَوَازِ الطَّوَافِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فَقَدْ وَقَعَ التَّحَلُّلُ بِطَوَافِهِ، وَالْجِمَاعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ (وَجْهُ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ - وَهُوَ طَاهِرٌ - فَقَدْ انْفَسَخَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ عَلَى طَرِيقِ بَعْضِ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَصَارَ طَوَافُهُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُوجِبُ نُقْصَانًا فَاحِشًا فَتُبُيِّنَ أَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الطَّوَافِ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا طَافَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ هُنَاكَ يَسِيرٌ فَلَمْ يَنْفَسِخْ الْأَوَّلُ فَبَقِيَ جِمَاعُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلُ، فَلَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ.
وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الرُّقَيَّاتِ فِيمَنْ طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ جَامَعَ أَنَّهُ تَفْسُدُ الْعُمْرَةُ، وَعَلَيْهِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 219
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست