responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 172
أَهْلِ مَكَّةَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَيَكُونُ مُسِيئًا، وَعَلَيْهِ لِإِسَاءَتِهِ دَمٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِجْمَاعِ لِمَا مَرَّ.
وَإِنْ عَادَ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَلَحِقَ بِمَوْضِعٍ لِأَهْلِهِ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ، ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ.
فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فِي وَجْهٍ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَهُوَ مَا إذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ خَارِجَ الْمِيقَاتِ ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ، وَقَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَهُوَ مَا إذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، لَهُمَا أَنَّ لُحُوقَهُ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِمَنْزِلَةِ لُحُوقِهِ بِأَهْلِهِ.
وَلَوْ لَحِقَ بِأَهْلِهِ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فَكَذَا هَذَا.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهَا أَدْرَكَتْهُ خَارِجَ الْمِيقَاتِ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَدْرَكَتْهُ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّمَتُّعِ لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا شَرْعًا عَنْ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَزُولُ الْمَنْعُ حَتَّى يَلْحَقَ بِأَهْلِهِ.
وَلَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، وَأَلَمَّ بِأَهْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، وَأَتَمَّ عُمْرَتَهُ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ كَانَ طَافَ لِعُمْرَتِهِ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، وَأَتَمَّ عُمْرَتَهُ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اعْتَمَرَ، وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى أَهْلِهِ حَلَالًا، ثُمَّ عَادَ إلَى مَكَّةَ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ إلْمَامَهُ بِأَهْلِهِ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ مَا طَافَ أَكْثَرَ طَوَافِ عُمْرَتِهِ أَوْ كُلَّهُ، وَلَمْ يَحِلَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَلَمَّ بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا ثُمَّ عَادَ، وَأَتَمَّ بَقِيَّةَ عُمْرَتِهِ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَجْهُ قَوْلِهِ: أَنَّهُ أَدَّى الْعُمْرَةَ بِسَفَرَيْنِ، وَأَكْثَرُهَا حَصَلَ فِي السَّفَرِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا يَمْنَعُ التَّمَتُّعَ، وَلَهُمَا أَنَّ إلْمَامَهُ بِأَهْلِهِ لَمْ يَصِحَّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْعَوْدُ إلَى مَكَّةَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى إحْرَامٍ جَدِيدٍ، فَصَارَ كَأَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ
وَكَذَا لَوْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَمِنْ نِيَّتِهِ التَّمَتُّعُ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لِأَجْلِ تَمَتُّعِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا عَادَ إلَى أَهْلِهِ مُحْرِمًا ثُمَّ عَادَ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ إلْمَامَهُ بِأَهْلِهِ لَمْ يَصِحَّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ.
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا.
وَلَوْ خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْكُوفَةِ فَأَحْرَمَ بِهَا لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِهَا لِلْحَجِّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الْإِلْمَامُ بِأَهْلِهِ بَيْنَ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ، فَمَنَعَ التَّمَتُّعَ كَالْكُوفِيِّ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَسَوَاءٌ سَاقَ الْهَدْيَ أَوْ لَمْ يَسُقْ، يَعْنِي إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ مَا خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ، وَسَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، وَسَوْقُهُ الْهَدْيَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ إلْمَامِهِ بِخِلَافِ الْكُوفِيِّ؛ لِأَنَّ الْكُوفِيَّ إنَّمَا يَمْنَعُ سَوْقُ الْهَدْيِ صِحَّةَ إلْمَامِهِ؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ.
فَأَمَّا الْمَكِّيُّ فَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، فَصَحَّ إلْمَامُهُ مَعَ السَّوْقِ كَمَا يَصِحُّ مَعَ عَدَمِهِ.
وَلَوْ خَرَجَ الْمَكِّيُّ إلَى الْكُوفَةِ فَقَرَنَ صَحَّ قِرَانُهُ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْإِحْرَامِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِلْمَامُ فَصَارَ بِعَوْدِهِ إلَى مَكَّةَ كَالْكُوفِيِّ إذَا قَرَنَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْكُوفَةِ.
وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ قِرَانَ الْمَكِّيِّ بَعْدَ خُرُوجِهِ إلَى الْكُوفَةِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
فَأَمَّا إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَهُوَ بِمَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْكُوفَةِ فَقَرَنَ لَمْ يَصِحَّ قِرَانُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ عَلَيْهِ كَانَ عَلَى صِفَةٍ لَا يَصِحُّ لَهُ التَّمَتُّعُ، وَلَا الْقِرَانُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي أَهْلِهِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْكُوفَةِ، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى شَوَّالٍ مِنْ قَابِلٍ ثُمَّ طَافَ لِعُمْرَتِهِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مِنْ شَوَّالٍ ثُمَّ حَجَّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ، وَقَدْ أَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ.
وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُتَمَتِّعًا كَذَا هَذَا، وَبِمِثْلِهِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ فَأَخَّرَ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ فَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فِي شَوَّالٍ، وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ مَا أَتَى بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لَهَا، بَلْ لِلتَّحَلُّلِ عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ، فَلَمْ تَقَعْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ مُعْتَدًّا بِهَا عَنْ الْعُمْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.

[فَصْلٌ بَيَانُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ بِسَبَبِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا بَيَانُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ بِسَبَبِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، أَمَّا الْمُتَمَتِّعُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْكَلَامُ فِي الْهَدْيِ فِي مَوَاضِعَ: فِي تَفْسِيرِ الْهَدْيِ، وَفِي بَيَانِ وُجُوبِهِ، وَفِي بَيَانِ شَرْطِ الْوُجُوبِ، وَفِي بَيَانِ صِفَةِ الْوَاجِبِ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 2  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست